التقيت مدير عام الخطوط السعودية المهندس صالح الجاسر خلال لقائه موظفي «السعودية» في اليوم الأول له كمدير عام للمؤسسة واستأذنته في إجراء حوار يكون سبقا صحفيا بالنسبة ل«عكاظ»، فاعتذر بلطف كونه لم يبدأ مهمته الرسمية بعد، مشيرا إلى أنه من غير المناسب أن تسبق الأقوال الأفعال.. وأعرب عن تقديره لصحيفة «عكاظ» وحرصه على مطالعتها كل صباح، وقطع لي وعدا أن يكون حواره الصحفي الأول في «عكاظ» ولكن عندما يحين الوقت المناسب. وكنت بين الفينة والأخرى أذكرالمهندس الجاسر بوعده فيرد مبتسما بأنه عند وعده ولم ينس، وقد أوفى بوعده، فها هو الجاسر يتحدث ل«عكاظ» في أول حوار له كمدير عام للخطوط السعودية عن التغييرات الأخيرة في الإدارة التنفيذية للمؤسسة، حيث أكد أنها تهدف لضخ أفكار جديدة، ودماء شابة في المناصب القيادية من أجل تحسين أساليب العمل وتقديم أداء وخدمة أفضل، منوها بالخدمات التي قدمتها وتقدمها «السعودية» حاليا، خاصة في مجال الخدمات الإلكترونية وتطبيقات الأجهزة الذكية. وأكد الجاسر أن دخول ناقلين جديدين سوق النقل الداخلي لن يؤثر سلبا على أداء الخطوط السعودية أو يخفض تشغيلها الداخلي، بل سيساعدها على إعادة برمجة رحلاتها الداخلية بما يمكنها من توفير أكبر سعة من المقاعد المتاحة، مشيرا إلى «السعودية» ستضاعف عدد طائرات أسطولها خلال السنوات الخمس المقبلة لمواجهة الطلب المتزايد على السفر. الضيف تحدث عن، مواضيع أخرى تجدونها ضمن هذا الحوار مع المهندس صالح بن ناصر الجاسر مدير عام الخطوط السعودية: • أشكركم لتلبية دعوة «عكاظ» لاستضافتكم في أول حوار صحفي لكم منذ توليكم منصب مدير عام الخطوط السعودية، وأود أن تكون البداية من قراراتكم الأخيرة والتغييرات التي أجريتموها في الإدارة التنفيذية ل«السعودية».. ما هي أبعادها، وهل تنم عن تغيير في استراتيجية المؤسسة؟ •• بداية أشكر «عكاظ» لاهتمامها بشؤون الناقل الوطني وحرصها على تطوير وتحسين الخدمات التي تقدم للمواطن والمقيم في هذه البلاد من كافة الأجهزة والمؤسسات الحكومية والخاصة ومن بينها الخطوط السعودية، والشكر لكم دعوتكم لإجراء هذه الحوار من وقت مبكر ومتابعتكم لتحديد التوقيت المناسب له. أما بخصوص التغيير الذي تم مؤخرا في الإدارة التنفيذية للمؤسسة فهو يهدف إلى تحقيق المزيد من التحديث والتطوير في أساليب العمل وتسريع وتيرة تحسين الأداء والخدمة وصولا لتحقيق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة التي تتم مراجعتها وتطويرها بطبيعة الحال، وقد بذل الزملاء الذين غادروا مناصبهم جهودا مخلصة ومشكورة وساهموا مع زملائهم في تحقيق «السعودية» للعديد من النجاحات والإنجازات، وخلفهم في مهامهم زملاء آخرون من أبناء المؤسسة الذين أمضوا في خدمتها سنوات من العمل بتفانٍ وإخلاص.. فالشكر لمن ترجل عن منصبه، والتوفيق بمشيئة الله لمن تحمل المسؤولية ليؤدي دوره في دفع عجلة تطور المؤسسة وتحقيق أهدافها الاستراتيجية. التطوير ليس خطة مؤقتة • هل هذه القرارات بداية خطة تطوير جديدة في الخطوط السعودية؟ •• التطوير في استراتيجية الخطوط السعودية ليس خطة مؤقتة يجري إعدادها ثم تنفيذها بل عملية دائمة لا تتوقف وإن تغيرت أدواتها، والتوقف أو حتى التباطؤ في حركة التطوير يعني التأخر عن ركب المقدمة في زمن يتطلب مواكبة الخطى الحثيثة والمتسارعة لتطور التقنية وصناعة النقل الجوي، والتغييرات الأخيرة كما أشرت تهدف إلى ضخ أفكار جديدة ودماء شابة من أجل تحقيق المزيد من التطوير وتحسين الأداء والخدمة وفق الأهداف الاستراتيجية للمؤسسة. استراتيجية الخطوط • ما هي الاستراتيجية الجديدة للخطوط السعودية؟ •• المؤسسة تعمل وفق استراتيجية محددة تتضمن تنمية نشاطها عبر الاستثمار في الموارد البشرية أولا وكذلك التقنية وعبر تحديث وزيادة الأسطول وتوفير المزيد من السعة المقعدية على الرحلات الداخلية والتوسع في شبكة المحطات الدولية. ففي مجال الاستثمار في الموارد البشرية تستقطب الخطوط السعودية أعدادا كبيرة من الشباب السعودي من خلال التوظيف المباشر والبرامج التدريبية المنتهية بالتوظيف أو عبر الابتعاث الخارجي للدراسة في أفضل الجامعات في العالم، وتستقطب أيضا المتميزين من خريجي برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي عبر يوم المهنة الذي تنظمه وزارة التعليم لأبنائنا الخريجين وترعاه الخطوط السعودية، ولا تقتصر برامج التوظيف على الشباب فلدينا برامج لتوظيف السعوديات في العديد من القطاعات كالخدمات الطبية وإدارة التقنية والإدارة المالية وبعض مكاتب المبيعات. وفي التقنية وصلت «السعودية» لمرحلة متقدمة في هذا القطاع، وتهدف الآن إلى التميز عبر استراتيجية جديدة تراعي التطورات المتلاحقة في هذا المجال والمنافسة المحتدمة في قطاع الطيران مع مراعاة الجودة والوقت. أما في مجال الأسطول وكما تعلمون فقد تم تحديثه بتسعين طائرة جديدة، تم استلام 77 طائرة والباقي 13 طائرة سيتم استلامها حسب الجدول الزمني المعتمد، ونقوم حاليا بدراسات حول الاحتياجات المستقبلية للخطوط من الطائرات في ظل تنامي أعداد الركاب على المحطات الداخلية والدولية، حيث تجاوز الرقم 28 مليون مسافر نتيجة للطلب المتزايد على السفر بالنقل الجوي. التوسع في الأسطول • هل يعني هذا أن الأسطول الجديد لن يفي باحتياجات «السعودية»؟ •• ما تم ويتم حتى الآن هو تحديث الأسطول بطائرات جديدة، والدراسات التي أجريناها انتهت إلى أن «السعودية» في حاجة لمضاعفة أسطولها خلال السنوات المقبلة، وعلى ضوء هذه الدراسة سيتم تأمين العدد اللازم من الطائرات وجار العمل مع مجلس إدارة المؤسسة ومع الجهات ذات العلاقة لتوفير هذه الاحتياجات بمشيئة الله. • هل حددتم رقما لعدد طائرات الأسطول المستقبلي؟ •• عدد طائرات الخطوط السعودية سوف يتضاعف، والحاجة للمزيد من الطائرات تعادل أو تزيد عن عدد الطائرات المشمولة بالأسطول الجديد الحالي والمكون من 90 طائرة من أحدث وأفضل ما أنتجته صناعة الطائرات في العالم، وهذا العدد لا يشمل أسطول طيران السعودية الخاص وهو من المشاريع الاستراتيجية للمؤسسة وقد تم دعمه ب10 طائرات حديثة من بينها 4 طائرات «فالكون 7 إكس» بعيدة المدى، إلى جانب 6 طائرات من طراز «هوكر 400 إكس بي» لخدمة متطلبات رجال الأعمال والشخصيات الهامة وتلبية المتطلبات المتزايدة في مجال الطيران الخاص داخل المملكة وعلى المستوى الدولي، وقد تم اختيار هذه الأنواع من الطائرات كونها توفر أقصى درجات الرفاهية والخصوصية للمسافرين، بالإضافة إلى تميزها بأفضل المعايير العالمية في مجال السلامة. • ماذا عن خططكم المستقبلية لتشغيل رحلات لمحطات جديدة؟ •• «السعودية» تصل إلى كل مطارات المملكة بإجمالي 27 مطارا، كما تحرص في نفس الوقت وبناء على متطلبات الحركة والإمكانات المتاحة تتم زيادة الرحلات بين العديد من المحطات داخل المملكة وتشغيل خطوط طيران جديدة، وقد تم يوم الخميس السادس والعشرين من شهر فبراير الماضي تشغيل رحلات بين جدة والعلا لخدمة حركة السياحة والسفر على هذا القطاع، وهذه الجهود تتسم بالاستمرارية علما بأن «السعودية» تسخر ما يقارب 70% من إمكاناتها لخدمة القطاع الداخلي رغم تدني أسعار التذاكر الداخلية مقارنة بالأسعار السائدة عالميا، بل وأسعار تذاكر الرحلات الداخلية المطبقة لدى شركات الطيران الأخرى، ورغم ذلك تلتزم الخطوط السعودية بأولوية التشغيل الداخلي بحكم أنها الناقل الوطني وما يمليه هذا الدور من واجبات ذات بعد وطني واجتماعي. أما على القطاع الدولي فلعلكم تابعتم ما قامت به «السعودية» العام الماضي من التشغيل إلى لوس أنجلوس بالولايات المتحدة وتورنتو بكندا ومانشستر بالمملكة المتحدة، وكذلك إلى مدريد بإسبانيا وغيرها من المحطات الدولية الأخرى وذلك لخدمة أبناء الوطن المبتعثين والحجاج والمعتمرين وحركة السفر عموما بين المملكة وهذه البلدان، ومع توالي وصول طائرات الأسطول الجديد سيكون لدينا المزيد من الخيارات لتوسيع شبكة الرحلات الدولية والتشغيل لمحطات جديدة تخدم خططنا التسويقية. الرحلات الداخلية لا تغطي تكلفة التشغيل • كيف لا تحقق الرحلات الداخلية عائدا ربحيا وهي بهذا الحجم الذي يشكل 70% من كامل العمليات التشغيلية للخطوط السعودية؟ •• إجمالي إيرادات الرحلات الداخلية لا يغطي تكلفة التشغيل وإن تباينت التكلفة والإيرادات من خط إلى آخر، بعض الخطوط الرئيسية للشبكة الداخلية قد تغطي التكلفة المتغيرة في أوقات ذروة السفر وعدم وجود مقاعد شاغرة كقطاع (الرياض / جدة)، على سبيل المثال ومقابل ذلك هناك خطوط أخرى في الشبكة وهي الأكثر لا تغطي حتى تكلفة التشغيل المتغيرة بل هي مكلفة ماليا للخطوط السعودية وهذا معروف للجميع، لكننا وكما أشرت ملتزمون بتوفير الخدمة لهذا القطاع من منطلقٍ وطني واجتماعي وفق توجيهات القيادة الرشيدة وفي إطار الدور الذي قامت وتقوم به الخطوط كناقل وطني منذ تأسيسها قبل70 عاما. الاستمرار في تنمية الأسطول • ماهو الحل من وجهة نظركم؟ •• المؤسسة أوشكت على استكمال استراتيجيتها للخمس سنوات المقبلة في ظل المتغيرات المتلاحقة في قطاع الطيران والنقل الجوي عموما وعلى القطاع الداخلي على وجه الخصوص مع اقتراب موعد بدء التشغيل لناقلين جديدين على هذا القطاع، وتتضمن استراتيجية الخطوط السعودية الاستمرار في تحديث وتنمية الأسطول، وندرس حاليا الخيار الأنسب للتمويل، وعند اكتمال الدراسات الخاصة بذلك قريبا بحول الله ستكون الصورة أوضح أمامنا لكيفية تلبية النمو المتزايد في قطاع السفر الداخلي وخدمته بخطط تشغيلية تضمن استمرار وتحسين الخدمة وتكفي لتلبية الاحتياج وفي ذات الوقت تحقق عائدا معقولا للمؤسسة. «احجز وادفع» • بعض المسافرين يشكون من برنامج «احجز وادفع» الذي طبقته الخطوط السعودية مؤخرا ويشترط دفع قيمة التذكرة مع إجراء الحجز، ما تعليقكم؟ •• آلية «احجز وادفع» تم تطبيقها اعتبارا من شهر يناير الماضي وتتطلب شراء التذاكر وإصدارها كجزء لا يتجزأ من إجراءات حجز المقعد، وبمعنى آخر إلغاء نظام الفترات الزمنية لشراء التذاكر المعمول به سابقا، وقد تم اعتماد هذه الآلية وتطبيقها لخدمة المسافرين، لأنها تحد من الممارسات السلبية التي تمكن البعض من الاحتفاظ بالمقاعد دون حاجة فعلية وإلغائها في آخر لحظة، ما يحرم ذوي الاحتياج الفعلي من السفر، كما تسهم في القضاء على ظاهرة الوسطاء غير النظاميين الذين يعلنون عن خدماتهم لتوفير الحجوزات عبر مواقع الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتقوم بذلك عبر تصيد المقاعد المتاحة بالنظام وعرضها على المحتاجين بمقابل مادي مرتفع قد يصل أحيانا لقيمة التذكرة الأصلية، مستغلة بذلك الزمن المتاح لشراء التذاكر والمعمول به حاليا، وتعد الآلية الجديدة من الأساليب وبرامج الخدمة المتعارف عليها في صناعة النقل الجوي والمطبقة من قبل شركات الطيران العالمية، كما أنها تساهم في تحقيق الموازنة الفعلية بين الحجز والبيع بما يساعد على التخطيط لخدمة أكبر شريحة من المسافرين على القطاعات التي تشهد إقبالا متزايدا، وقد حسنت هذه الإجراءات إمكانية الحصول على مقعد لمن هم في حاجة فعلية للسفر وهذا بحد ذاته سبب يكفي لتطبيق الآلية. الاستعداد للمنافسة الداخلية • كيف تستعد الخطوط السعودية لدخول شركتي طيران أخرى سوق النقل الداخلي في المملكة، وهل سيساعدكم ذلك في تخفيف عبء التشغيل الداخلي والتركيز على الدولي؟ •• نحن ننظر لدخول أي ناقل جديد لقطاع النقل الداخلي بأنه في صالح المسافر أولا وأخيرا وهو ما يدفعنا بطبيعة الحال للعمل باستمرار على تحسين الأداء والخدمات للاحتفاظ بثقة مسافرينا وكسب ثقة غيرهم. أما تخفيف التشغيل الداخلي فهو غير وارد على الإطلاق في ظل الطلب المتزايد على السفر جوا والحاجة للمزيد من السعة المقعدية لتلبية هذا الطلب ولذلك وضعنا ضمن استراتيجية المؤسسة للمرحلة المقبلة مضاعفة عدد الأسطول وسيخصص جزء منه للرحلات الداخلية بمشيئة الله، ولكن مع بدء تشغيل الناقلين الجديدين قد يساعدنا ذلك على برمجة رحلاتنا الداخلية وفق المقاعد المطلوبة وعلى الخطوط التي توفر أفضل استثمار للمقاعد المتاحة، بمعنى زيادة عدد الرحلات على خطوط معينة وتقليصها على خطوط أخرى لتحقيق أفضل معادلة للتوازن بين الطلب على الخدمة وتوفيرها، وهذا يصب في صالح المسافرين وفي كل الأحوال فنحن مستعدون دوما للمنافسة محليا ودوليا ونثق في إمكانتنا البشرية والتقنية وأسطولنا الحديث والخدمات التي نقدمها ونعد مسافرينا بالاستمرار التطور بخطى حثيثة تواكب التطورات المتسارعة التقنية والخدمات والمنافسة في سوق النقل الجوي. خصخصة شركات الخطوط • طال الانتظار لاكتمال مراحل خصخصة الخطوط السعودية.. متى يغلق هذا الملف؟ •• الخصخصة عملية متدرجة.. فقد تم تطبيق مراحل هامة من مشروع الخصخصة، حيث تم استكمال خصخصة شركة الخطوط السعودية للتموين وطرحها للاكتتاب العام ثم إدراجها في سوق الأسهم وهي تحقق نتائج مبهرة وتقوم بتوزيع أرباح نقدية لملاك أسهمها، ويتم حاليا دراسة الوقت المناسب لطرح أسهم شركة الخطوط السعودية للشحن المحدودة للاكتتاب العام، بالإضافة إلى الشركة السعودية للخدمات الأرضية التي يجري استكمال إجراءات طرحها للاكتتاب العام مع هيئة السوق المالية، والشركة السعودية لهندسة وصناعة الطيران ويجري العمل حاليا لتعزيز مستوى أدائها تمهيدا لطرح أسهمها للاكتتاب العام قبل إدراجها في سوق الأسهم. كما يجري حاليا الإعداد لمراحل جديدة من هذا المشروع تشمل أكاديمية الأمير سلطان لعلوم الطيران، والخدمات الطبية، والشركة السعودية لتنمية وتطوير العقار، والشركة السعودية للطيران الخاص، وأؤكد هنا أن برنامج التخصيص يتسم بالاستمرارية، حيث سيتم بعد تحويل شركة الطيران إلى شركة رابحة، تأسيس الشركة القابضة للخطوط السعودية لتكتمل بذلك جميع مراحل تخصيص الخطوط السعودية. مقارنة الخطوط بغيرها • دائما ما يتم مقارنة أداء وخدمات الخطوط السعودية مع شركات طيران خارجية وتكون النتيجة في غير صالح «السعودية».. هل ترون أن المقارنة ثم النتائج عادلة؟ •• المقارنة يجب أن تكون بين طرفين أو أطراف في ظروف متساوية لتكون عادلة. والخطوط السعودية تخصص ثلثي عملياتها التشغيلية، كما أشرت للشبكة الداخلية، لأهداف ليست ربحية بل التزام بدور الناقل الوطني في ظل أسعار تقل حتى عن ما تقدمه شركات الطيران الاقتصادي، ورغم ذلك تحتل الخطوط السعودية مكانة رائدة إقليميا ودوليا وحصلت على العديد من الجوائز العالمية في الأداء والخدمات. غدا ..: أوقفنا «الشيك الذهبي» للحد من تسرب الكفاءات