تواصل المملكة نشاطها السياسي بزيارتين في غاية الأهمية لرئيسي دولتين محوريتين، مصر وتركيا، الأولى حاولت عبثا بعض الأطراف التشويش على علاقتها بالمملكة، والثانية لها دورها تجاه القضايا والأزمات الراهنة في المنطقة العربية. وعندما يصل الرئيس السيسي اليوم إلى المملكة، فإن زيارته تمثل تتويجا للعلاقة الاستراتيجية التي تزداد قوة ومتانة وتجاوزا لكل محاولات تصويرها بالتراجع أو التأثر بالمكائد التي تحاك في الخفاء. لقد كانت مصر والسعودية خلال الحملة الإعلامية المدسوسة على علاقتهما تجريان مناورة بحرية كبرى لها دلالات بالغة الأهمية على الاتفاق في ضرورة حماية مصالح وأمن البلدين، الذي يعني أمن المنطقة. وقد أكد الرئيس السيسي في خطابه الشامل قبل أيام على خصوصية هذه العلاقة وتميزها وتقدير مصر حكومة وشعبا لمواقف المملكة التاريخية تجاه مصر. إذا، نحن إزاء زيارة تقطع الطريق على من أراد استمرار محاولات تلويثه لعلاقة مصيرية راسخة، وتؤكد أن القيادتين والبلدين أكبر وأنضج من إضاعة الوقت في تفاهات الآخرين الذين يزعجهم هذا المحور القوي الذي يقف أمام محاولات استهداف الأمن بالإرهاب الظاهر والمستتر. وأما زيارة الرئيس أردوغان التي تأتي كأول زيارة رسمية لدولة عربية بعد زيارته لمصر في سنة حكم الإخوان، فإنها تمثل أهمية من نوع خاص، وتأتي في الوقت الذي يجب أن تتم فيه بعد أحداث مربكة للمشهد السياسي وبعض علاقات دول المنطقة. وقبل أي شيء، فإن الإنصاف يحتم احترام ما وصلت إليه تركيا بقيادة حزب العدالة والتنمية وزعيمه أردوغان من تطور هائل في كل الجوانب لتصل إلى مرتبة متقدمة بين القوى الاقتصادية الكبرى، وقد كانت علاقة تركيا بالمملكة وبقية الدول العربية متميزة على الدوام، لكن إذا أردنا الحديث بصراحة، فإن هذه العلاقة تأثرت بنمط الأداء السياسي التركي خلال فترة حكم الإخوان في مصر وما تلاها. إننا نرحب بالرئيس أردوغان ونؤكد له عمق علاقتنا بتركيا واحترامنا لمكانتها وحرصنا على أن تنهض بدور مؤثر يدعم جهود المملكة ومصر في مواجهة الإرهاب بكل أشكاله.