دخل زعيم الكرة الآسيوية بكل تاريخه العريق وأمجاده الكبيرة إلى نفق مظلم، وأضحى على مقصلة الانهيار يكابد بما تبقى من هيبته عناء موسم هو الأطول والأسوأ بالنسبة لعشاق الهلال، ليس لأجل تردي النتائج أو استقالة الرئيس أو حتى رحيل المدرب، بل للخذلان الذي يعانيه من شرفييه الكبار الذين تواروا عن المشهد وتركوا ناديهم وحيدا تتلاقفه الأمواج المتلاطمة والعواصف العاتية، دون أن يتصدر أحدهم الواجهة ويتولى دفة القيادة في هذا الوقت الحرج. يؤمل الهلاليون المخلصون أن يعود الزعيم لجادة الاستقرار والخروج من الأزمة الخانقة التي جعلت نادي القرن بين فكي الفشل والإحباط، في منتصف الموسم الرياضي وعلى بعد أقل من أسبوعين من دخوله المعترك القاري الصعب، ما يدق ناقوس الخطر بمزيد من الكوارث الفنية والإخفاقات التي ربما تقذف به في عالم مجهول أكثر غموضا وتحديا وإحباطا. وتتقاطع مطالب الجماهير الهلالية حول اختيار مجلس شرفي قوي قادر على إدارة الأزمات وإعادة الأوضاع إلى نصابها، فضلا عن وجود رئيس مجلس إدارة قوي الشخصية وذي ملاءة مالية توازي حجم المصروفات المتوقعة من الأزرق، إلى جانب لجنة فنية متخصصة تتولى تقييم الأمور للفرق الهلالية من البراعم وحتى الأول لتحقيق التوازن الفني والإداري. ويتفق الجميع أن الحالة التي وصل إليها الزعيم لم تكن بفعل العمل الإداري أو الفني فحسب، بل إن ثمة عوامل رئيسية أوصلت الحال إلى ماهو عليه الآن وأصابت قوة الهلال واستقراره في مقتل! انقسام الشرفيين جاء الغموض في المشهد الشرفي أكثر الأمور إثارة لقلق الهلاليين، بعد أن توارى كبار الزعيم عن التواجد في الظروف الصعبة، وترك إعلان رئيس مجلس هيئة أعضاء الشرف الأمير بندر بن محمد أو كما يسميه عشاق الزعيم «كبير الهلاليين» استقالته من منصبه، فراغا واضحا زاد من بون الانقسامات بين رجالات الزعيم وأسهم في ظهور خلافاتهم إلى السطح في ظاهرة غير مألوفة، بعد أن كان الصخرة القوية التي تكسرت عليها كل الخلافات والأزمات، فضلا عن قضايا أخرى ساهمت في تأزم العلاقة بين النادي وبعض شرفييه المؤثرين، وخلال فترة الأمير عبدالرحمن مساعد الثانية لم يكن بارزا في المشهد الشرفي سوى بعض الأ سماء التي حافظت على ما بقي من الهيبة، في حين لم يكن الرئيس راغبا في الحديث عن عزوفهم عن الدعم الكامل بعد أن ظل يلمح إلى ذلك أكثر من مرة عبر تصديه للأزمات المالية ودفع مبالغ طائلة من جيبه الخاص، واقتصرت أدوار غالبية الشرفيين على بعض القضايا اللوجستية إلا أن ذلك أيضا غاب في الآونة الأخيرة وترك الرئيس وحيدا يجابه التحديات الأخرى. وللمرة الأولى كان الجمهور الأزرق في مواجهة عدد من الشرفيين، وهما الطرفان اللذان ظلا متناغمين طيل العقود الماضية، لكن الاجتماع التاريخي الذي أقيل على إثره المدرب سامي الجابر من منصبه أشعل فتيل الانقسامات وزاد الأمور تعقيدا. واليوم أضحى عزوف الشرفيين عن أزرقهم وهروب الغالبية من تولي الرئاسة غصة لدى كل عاشق للكيان الأزرق، وهو الذي عرف بالعلاقة الاستثنائية بينه وبين رجاله وعشاقه وبشكل لا يماثلها أي علاقة أخرى في بقية الأندية. ويعلق الناقد صالح الهويريني بعد خسارة العروبة بالقول لن يغفر التاريخ لأعضاء شرف الهلال وإدارته ما حدث لفريقهم من (تطاول عليه وسلب حقوق) منذ الموسم الماضي ومن (مشاكل وسقوط) في هذا الموسم.. ضعف الإدارة يتفق الهلاليون على أن الفريق العاصمي دفع ثمن ضعف العمل الإداري في الفترة الثانية، على النقيض من الفترة الأولى بحسب ما تبرهنه الأسماء والنتائج التي تكشف بوضوح الفجوة الكبيرة بينهما، إذ ضمت الثانية محمد الحميداني نائبا لرئيس المجلس وسامي أبوخضير أمينا عاما وكل من ثامر الطاسان والدكتور إبراهيم القناص وراشد العنزان وعبدالكريم الجاسر وأحمد محجوب وحسن الناقور وخالد المليحي، خلفا للمجلس السابق الذي ضم نواف بن سعد نائبا للرئيس وكل من عبدالله بن مساعد مسؤولا للاستثمار وأحمد الخميس وسامي الجابر وسامي أبو خضير وإبراهيم القناص وعبدالله البرقان وآخرون، وفي مقارنة بين الحقبتين وما تم إنجازه فإن الفترة الأولى (2008 - 2012) شهدت عددا كبيرا من الإنجازات تمثلت في التالي:- * تحقيق 6 بطولات من أصل 7 حققها إجمالا (2 دوري و 4 كأس ولي العهد). * تنفيذ عدد من المشاريع الاستثمارية للنادي (عقد الرعاية الضخم- قناة الزعيم الأولى - رعاية ملابس النادي والمعسكرات). * تطوير البنية التحتية للنادي بإعادة بناء الكثير من المرافق، وتطوير الملاعب الخاصة بالنادي، وبناء معسكرين للفريق الأول ومعسكر آخر للشباب. أما الفترة الثانية (2012 - 2015) فانحصرت إنجازاتها في: * تحقيق الفريق في الموسم الأول كأس ولي العهد وحل الفريق ثالثا في الدوري «لأول مرة منذ عقد كامل». * حل في الموسم الثاني وصيفا لبطل الدوري وبطل كأس ولي العهد، وخرج من الموسم بلا بطولات. * حل في الموسم الثالث وصيفا لدوري أبطال آسيا، ووصيفا لكأس ولي العهد، ويحتل حتى اللحظة رابع الترتيب في الدوري. * أبرم عددا من عقود الرعاية بحزمة شركات متنوعة. * وقع عقدا لتدشين قناة الهلال سترى النور قريبا. تراجع النجوم وضعف الدكة على المستوى الفني تتفق جماهير الهلال على أن ضعف الدكة وعدم قدرة الإدارة على تعزيزها بكسب المفاوضات حول بعض الأسماء مع المنافسين تسبب في ذلك، وقد كان العديد من النجوم في متناول الزعيم لكن غياب الإداري المحنك الذي يتولى هذه الملفات ورصد مبالغ مالية طائلة لحسمها تسبب في تواضع البدلاء على الدكة خاصة في الموسم الحالي، وزاد من المعاناة وجود أكبر عدد من لاعبي المنتخب الأساسيين ومشاركاتهم المتتالية في السنوات الأخيرة، إذ شارك هذا الموسم أكثر من 8 لاعبين بصفة أساسية في 5 بطولات ما بين المنتخب والنادي، والتحقوا بقرابة 10 معسكرات في قارات العالم الثلاث وهو الأمر الذي كانت الحاجة معه للبديل ملحة جدا.