(كل نفس ذائقة الموت ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام) صدق الله العظيم. نؤمن بأن لكل أجل كتاب وبأن أجل الله إذا جاء لا يقدم ولا يؤخر وأن الله حق ورغم إيماننا بالقضاء والقدر إلا أن الحزن الأليم يعترينا وكانت الفاجعة كوقع الصاعقة لولا أسلمنا الأمر إلى الله عز وجل خالق الكون يفعل ما يشاء. الرحيل قاسيا أبكانا فقد رحل العزيز على نفوسنا الحريص على أمجادنا الطيب البسيط العطوف على الناس جميعا المعطاء الكريم رحل الإنسان صاحب القلب الكبير والحكمة الرشيدة رحل صمام أمان الأمة العربية والإسلامية. رحل عبدالله بن عبدالعزيز الإنسان رجل المواقف والحكمة والعدل والإحسان رحل رجل الدولة بنظرته الثاقبة في اتخاذ القرار رحل نصير العروبة والإسلام وغاب الملك الشجاع. رحل بعد أن وهب صحته ووقته وجهده واهتماماته لتأمين حياة كريمة لوطنه ولمواطنيه رحل بعد أن أجرى بالحرمين الشريفين التوسعة الهائلة التي أصبحت حديث العالمين ورحل خادم الحرمين الشريفين بعد أن أرسى خارطة التنمية المستدامة لبلاد الحرمين. كان مقداما شجاعا لا يخشى في الحق لومة لائم وكان وظل أمينا في فعل الخيرات وحل الأزمات بعقل راجح وصبر لا ينفد وصدر لا يضيق. وهكذا سطر بسيرته العطرة سجلا حافلا بالمنجزات والمناقب الطيبة فبكاه الوطن ورثته الأمم وسيبقى رمزا شامخا في تاريخ يقرأه الجميع وتتبناه الأجيال ليضيء الطريق عدلا وقامة ورفعة وبساطة وإنصافا. رحل تاركا بصمته في كل شبر من بلادنا الطاهرة رحل حبيب القلوب وحامي العروبة ونصير المسلمين بعد أن أدى ما يسره الله له من إصلاح ذات البين بين الأشقاء وظل رأيه السديد الطريق الآمنة للخروج من الأزمات والصبر على الشدائد وقت الضيق فنال بذلك ثقة ومحبة الحكام والشعوب. رحل الأب القائد الملهم الرشيد معطيا بسخاء مضحيا بآلامه الجسدية من أجل إرساء العدل والمحبة وبسط الأمن والأمان محققا أعلى درجات الرفاهية والاستقرار لوطنه الذي عشقه ولمواطنيه الذين أحبوه. لقد كان - يرحمه الله - رائعا في كل شيء وكان جديرا بالاحترام وكان أكثر الشخصيات تأثيرا في العالم برأيه المستنير بعد أن جعل المملكة رقما هاما في قائمة الأمم والشعوب. ورحل خادم الحرمين الشريفين والعالم العربي والإسلامي في أمس الحاجة لحكمته وحنكته وشجاعته وعدله وإنصافه ولكن يبقى قضاء الله وقدره فوق إرادة الجميع. إنا لفراقك - أبا متعب - لمحزونون ولا يسعنا في فجيعتنا التي أرادها الله إلا أن نتقدم بخالص العزاء إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - يحفظه الله - وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز وولي ولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز وإلى أنجاله الصابرين وأبنائه المواطنين وإلى أصحاب السمو الأمراء وإلى الشعب السعودي كافة وإلى الأمة العربية والإسلامية وإلى نفسنا المكلومة بأحر آيات العزاء سائلين المولى عز وجل أن يتغمد فقيدنا الغالي وفقيد الأمم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز بواسع رحمته وأن يسكنه مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا وأن يلهمنا الصبر والسلوان. (إنا لله وإنا إليه راجعون).