أكد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار على أن ما تشهده جدة التاريخية من عودة للحياة وإقبال من الملاك والمواطنين كان نتاج جهود بدأت قبل أكثر من 28 عاما لتتحول من أماكن آيلة للسقوط إلى آيلة للازدهار، وهذا ما نقوله عن مئات المواقع التراثية في المملكة. وقال سموه: «أرفع أولا الدعاء بشفاء رائدنا ووالدنا وقائدنا الملك عبدالله بن عبدالعزيز، حفظه الله، واليوم رأينا إخواننا في المهرجان مع بقية المواطنين وقد توحدت قلوبهم وألسنتهم بالدعاء بشفاء خادم الحرمين الشريفين، فهو حاضر دائما بيننا وأسأل الله أن يطيل في عمره وهو بخير وعافية ويرى الخير والبركة تعم بلاده ويطمئن وهو دائما بحمد الله مطمئن أن شعبه متآلف على الخير». القيم الفاضلة وأضاف سموه: «إن هذه الأماكن التراثية حقيقة لا يقصد بها فقط الترميم ولكن الأهم من الترميم أنها تجمع قلوب الناس وتعيد لنا القيم الجميلة التي كان يتمتع بها الأجداد». ونقل سموه تحيات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد وإعجابه بما يحدث حاليا في جدة التاريخية من احتفاء بالتراث وعودة للحياة والاهتمام من الملاك والمواطنين، وقال: «عندما زار سيدي الأمير سلمان جدة التاريخية في شهر رمضان اعتقد البعض أنني تدخلت في ذلك ودعوته، ولكن حقيقة سيدي الأمير سلمان سمع بما يحدث في جدة التاريخية وفاجأني بأن قال: أريد أن أزور جدة التاريخية دون أن يعلم أحد، واليوم عبر عن سعادته بالمهرجان وقال لي: أنا سعيد بعودة الملاك والحياة والعمل إلى جدة التاريخية». لا فتور ولا تراجع ونوه سموه بما تحظى به جدة التاريخية من اهتمام كبير. مشيرا إلى الجهود الكبيرة المبذولة من سمو محافظ جدة، وسمو أمير منطقة مكةالمكرمة، للعناية بهذا الموقع الهام، امتدادا لرحلة طويلة من الاهتمام من أصحاب السمو الملكي أمراء المنطقة، وتوالت هذه الجهود من المسؤولين ومن محبي جدة التاريخية والملاك لتنتظم مع الجهود التي استمرت فيها الهيئة – دون فتور ولا تراجع – على مدى العقدين الماضيين لوضع جدة التاريخية في مكانها الصحيح. وأشاد سموه بالنقلة الكبيرة في مسارات النهوض بالمنطقة التي يقودها سمو محافظ جدة الأمير مشعل بن ماجد وتتكامل معه الجهود الاستثنائية من أمانة محافظة جدة وإسهامات المؤسسات الحكومية الأخرى التي باتت تنتظم مع ما أسسته الهيئة - وتستمر فيه - من اهتمام ومحافظة على جدة التاريخية بوصفها موقعا غنيا بالآثار والتاريخ، ونموذجا مميزا للتراث العمراني. أعمال كبيرة وجليلة وأضاف: «بدأت كمواطن مع سيدي الأمير ماجد بن عبدالعزيز - رحمه الله - قبل أكثر من 28 سنة نكافح وننافح حتى لا تندثر جدة التاريخية وألا تتهدم وحتى لا نستسلم لمن أراد أن يهدم جدة التاريخية بحجة أنها آيلة للسقوط، واليوم تثبت جدة التاريخية ومئات المواقع بالمملكة ما نقول من أنها آيلة للازدهار وليس للاندثار، واليوم يكمل أخي الأمير مشعل بن ماجد بأعماله الكبيرة الجليلة مسيرة والده ووالدنا الأمير ماجد، ويحق لنا أن نفتخر بهذا الرجل الأمير مشعل بن ماجد وبجدة التاريخية وملاكها وبأمانتها، وبأخي الأمير مشعل بن عبدالله، الذي نعتبره رئيسنا في هذه الليلة وفي الحفاظ على هذا الموقع». مليونا زائر رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار نوه بما شهدته الأشهر الأخيرة، لاسيما بعد الإعلان عن انضمام جدة التاريخية إلى قائمة التراث العالمي التابعة لليونسكو من اهتمام وتفاعل كبيرين من المسؤولين ورجال الأعمال والملاك وأهل جدة، لافتا سموه إلى ما تحقق من انتقال القيمة التاريخية للمنطقة من المباني إلى قلوب أهالي جدة الذين استعادوا تراثهم وشعروا بقيمته وحرصوا على توريثه وتسليمه لأبنائهم. مشيرا إلى أن النجاح انعكس من خلال الإحصائيات الأخيرة، ففي السابق كانت الزيارات للموقع محدودة والآن تجاوز عدد الزوار مليوني زائر خلال العام الماضي، ولم يكن هناك ترخيص ترميم إلا لبيتين أو ثلاثة والآن تم إصدار 600 ترخيص، وكان الملاك ينفرون وكانوا متخوفين من الدخول في هذه المغامرة واليوم عشرات الملاك فتحوا بيوتهم وفتحوا قبلها قلوبهم لترميم تراثهم والمحافظة عليه. وأشاد الأمير سلطان بتفاعل الملاك وتكاتفهم وقناعاتهم التي ساندت جهود الهيئة والمحافظة والأمانة التي تعززت من خلال جلسات واجتماعات العمل التي نظمتها الهيئة خلال العامين الماضيين بمشاركة الملاك الذين كانوا بعيدين عن جهود المحافظة والتنمية الحكومية للمنطقة خلال السنين الماضية، مشيرا إلى أن الملاك يعدون العنصر الأهم في مشروع تطوير المنطقة، خاصة أن أرقام المقبلين على ترميم منازلهم في تزايد واضح، بعد أن بدأت بأربعين بيتا جرى ويجري ترميمها حاليا من قبل الملاك بإشراف الهيئة والأمانة، تمهيدا لتشغيلها واستثمارها بأنشطة تتناسب ومكانة جدة التاريخية التراثية والسياحية، وفي الطريق بيوت ومواقع أخرى وقبل ذلك كله فإن جدة التاريخية تشهد حراكا كبيرا في ترميم عدد من المساجد التاريخية وفقا لتوجهات الدولة التي تعطي أولوية قصوى لترميم المساجد التاريخية في كل موقع تراثي تعمل فيه الهيئة وذلك وفقا للاتفاقية الموقعة مع وزارة الشؤون الإسلامية، حيث يأتي في مقدمة المساجد التاريخية التي يجري ترميمها في جدة التاريخية مسجد الشافعي الذي يتم ترميمه على نفقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - ضمن مشاريع البرنامج الوطني للعناية بالمساجد العتيقة الذي تنفذه مؤسسة التراث الخيرية، بالشراكة مع وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، والهيئة العامة للسياحة والآثار، ومسجد المعمار والعديد من المساجد التاريخية التي تعمل الهيئة مع وزارة الشؤون الإسلامية والأمانة على ترميمها. العناية بالمساجد وفتحها وأضاف الأمير سلطان بن سلمان قائلا: «أعتز شخصيا في مؤسسة التراث الخيرية بأننا بادرنا منذ أكثر من 25 عاما بإطلاق مشروع للحفاظ على المساجد التاريخية في المملكة وحقيقة كان أول المبادرين هو خادم الحرمين الشريفين بترميم مسجد طبب في عسير من أكثر من عشرين عاما، وسمو سيدي الأمير سلطان بن عبدالعزيز في تبرعاته ودعمه لبعض المساجد ثم انطلقنا إلى أكثر من خمسين مسجدا الآن، ومؤسسة التراث الخيرية أقولها بكل اعتزاز خاطبت مقام سيدي خادم الحرمين الشريفين، وأمر بسرعة بترميم مسجدين، مسجد العتيق، المسمى الشافعي، ومسجد المعمار، ونتوقع ونأمل خلال ثلاثة أشهر أن يفتتح هذا المسجد الذي هو كبير في مكانته الدينية، وبعد ذلك كبير في مكانته المعمارية، حقيقة هو من أجمل المساجد التي توجد على مستوى العالم، ووجدنا فيه طبقات من الآثار». وقال الأمير سلطان بن سلمان: «الملك عبدالله بن عبدالعزيز، يحفظه الله، رجل الخير والبركة، حتى في مشروع الترميم وجدنا كنوزا، وكل شيء نأتي إليه نجد تحته كنوزا في المساجد وفي الأعمال الطيبة الأخرى، وإن شاء الله أنا وسمو الأمير أخي مشعل والأمير مشعل بن عبدالله في تفاهم وبعد افتتاح المسجد سنعلن عن انطلاق صندوق لترميم مساجد جدة التاريخية، لأننا في الدولة وفي الهيئة متضامنون على أن أول أمر يجب أن نعنى فيه هو المساجد في المناطق التاريخية، وهذا ما حدث في كل منطقة أتينا إليها بدأنا بالمساجد وفتحناها للمصلين، وهذا هو ما جعل هذه الدولة الحمد لله مستقرة ومستمرة ومزدهرة». وأشار سموه إلى أن الدورة الثانية من مهرجان جدة التاريخية تأتي بعد الإعلان عن موافقة الدولة على مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري الذي يعد أكبر وأهم مشروع وطني صنعه قائد البلاد – أيده الله – وتشرف بحمل اسمه، ويهدف في الأساس إلى استعادة وعي المواطنين، خاصة الشباب، بتراث وتاريخ بلادهم، وإبراز القيم والقيمة التي تزخر بها مواقع التراث وربط المواطنين بها، وتعد (جدة التاريخية) نموذجا لذلك، وعنصرا رئيسيا في مشروع الملك عبدالله للعناية بالتراث الحضاري، وهذا المشروع والقرارات المتتالية من الدولة، ومنها نظام الآثار والمتاحف والتراث العمراني الذي صدر مؤخرا، تؤكد اهتمام الدولة بوضع التراث والآثار في المكانة اللائقة بوصفه مكون أساسا للهوية الوطنية، ومصدرا مهما للتنمية وإيجاد فرص العمل والاستثمار للمواطنين. شركة الضيافة التراثية الأمير سلطان بن سلمان أعلن وضع الهيئة حجر الأساس لمركز ومعرض التراث العمراني الوطني ضمن سلسلة من مراكز التراث العمراني الوطني في عدد من البلدات والقرى التراثية ومنها القرية التراثية بمهرجان الجنادرية، والدرعية التاريخية، ووسط الهفوف التاريخي إلى جانب العديد من المراكز في القرى والبلدات التراثية في المناطق بعد استكمال أعمال التصميم واختيار المواقع، مشيرا إلى أنه كلما تم تقريب التراث المحلي للأهالي كلما زاد ارتباطهم بوطنهم وأحسوا بقيمة وحدته وإسهامهم في تأسيسه. وكشف سموه عن أن الهيئة أكملت الاكتتاب في الشركة السعودية للضيافة التراثية، وسيتم التوقيع على تأسيسها وإشهارها خلال الأسبوعين المقبلين بتنسيق كامل مع وزارة التجارة وهيئة السوق المالية، مشيرا إلى أن شركة جدة للتنمية والتطوير العمراني التابعة لأمانة جدة من المؤسسين لشركة الضيافة التراثية، وينتظر أن تكون (جدة التاريخية) في مقدمة المواقع التي تستهدفها الهيئة في المرحلة الأولى من مشاريعها. قلب جدة وقلوب أهلها وقال سمو الأمير سلطان بن سلمان: «إن أهم ميزة للمهرجان هي إعادة قلب جدة إلى قلوب أهلها بعد أن انطلق العام الماضي، وتعزز حضوره ودوره في إقامته مرة أخرى في شهر رمضان، ليستمر هذا العام». مؤكدا حرص المواطنين على تراثهم واعتزازهم به وتعطشهم لكل فعالية تربطهم بتاريخهم الوطني، وهذه المهرجانات التراثية هي عنصر هام في غرس المواطنة وربط الأجيال بتاريخ وطنهم.