حفظ انقضاء عام وإقبال عام آخر.. حدث يمر عند المتقاعسين مرور الكرام، فالأيام تلو الأيام، والساعات تلو الدقائق، تمر ولا جديد في حياتهم، فينطوي العمر والمرء مكانه، مشهد عكسي تجده عند المثابرين والطامحين لبلوغ القمة، فنهاية العام مكان تميحص ومحاسبة.. كيف مر العام؟، وماذا قدمت؟ وأين كنت؟ وأين وصلت؟ وهذا ما يجب أن يكون عليه كل شاب طموح ومتفائل بالقادم، ومثابر من أجل أن يكون رقما صعبا في مجتمعه وثقلا بين جيله. انقضاء العام ليس نهاية، بل بداية لمخطط جديد، وجدول أعمال يضم فيه كل النقاط التي تحدد له خطة العام الجديد، خطة تمنحه الفرصة لتقديم ما يصعد به للأعلى. أقول هذا مع بداية العام وأنا أجد الكثير من الشباب يسير في حياته بدون «بوصلة» تحدد له أهدافه، يمشي في الحياة كالسفينة التي تعصف بها الرياح وتحركها نحول المجهول، فينتهي العمر وتنقضي الأيام وهو في محله. فالمجد والمجتهد من الشباب لا بد أن يستغل بداية العام ويضع بالورقة والقلم أهم طموحاته وتحديد أولوياته وأهدافه، ويضع خطة مكتوبة وخطوات محددة للوصول لكل هدف ووقت زمني لذلك. فالعظماء الذين مروا على تاريخ البشرية والناجحون والمتميزون لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه من باب الصدفة، بل كانت لهم أهداف وطرق وطموحات وعزيمة قوية إلى الوصول إليها. ولو تأملنا واطلعنا على كل العلماء والزعماء والمخترعين واللاعبين المشهورين لن نجدهم نجحوا بسبب أنهم أصحاب شهادات عليا أو أغنياء أو عباقرة ولديهم ذكاء خارق، بل سنجد أن «الثقة بالنفس ووضوح الهدف واستغلال الوقت والعزيمة والإصرار» هي من أهم الصفات التي كانوا يتحلون بها، وهي سر نجاحهم وتحقيق أمانيهم، بل هي الأسباب الرئيسية بعد توفيق الله في أننا ما زلنا نذكرهم وظلت مآثرهم خالدة. قد نجد صعوبة أن نكون مثل (أينشتاين أو نيوتن أو الرازي) أو أي عالم مبدع أو أديب خلاق أو لاعب عالمي يخطر ببالنا، ولكن لن نجد صعوبة في أن نكون ناجحين في حياتنا، ننجز بمقدار ما يحقق لنا الرضا والقناعة، وأن نكون متصالحين مع أنفسنا في أغلب الأوقات.. وما من شيء أكثر جمالا وروعة في الحياة من عيش حياة هادفة مبدعة عظيمة ذات مغزى!.