حين بث برنامج «على خطى العرب»، في قناة «العربية»، فوجئ كثيرون، وأنا منهم، بالمواقع الكثيرة والعديدة التي تشكل إرثا حقيقيا يمتد إلى أكثر من ألفي سنة، ولأن الثقافة العربية تطورت شفاهيا أكثر منها كتابيا فقد اندثرت بعض الآثار، ونُسي بعضها الآخر، فيما تقع الكثير من حالات التردد حول بعض الأماكن وصحتها؛ لهذا في البرنامج آنف الذكر يصر الدكتور عيد اليحيى على أن الموضوعات ذات الاختلاف يتجه فيها للترجيح، ومن هنا كان للبرنامج سبقه وقوته، مع أن ثمة رسائل وانتقادات وجهها الدكتور اليحيى للمعنيين بالآثار الذين أهملوا مواقع عديدة زارها البرنامج، وصور فيها، منذ امرئ القيس إلى مكان لدغ مالك بن الريب ورثائه لنفسه قبل موته. الأمير سلطان بن سلمان صرح قبل أيام عن اتجاه يعنى بترميم الآثار والعناية بها من خلال أدوات الترميم بغية إطالة عمرها وإبرازها للسائحين والمطلعين والباحثين. أتمنى أن يتم ترميم جميع الأماكن المتصلة بالمعلقات والشعراء والتي وضع إحداثياتها فريق «على خطى العرب» مع الاستعانة بالعديد من الباحثين، هذه مواقع مهملة بمعنى الكلمة، بل ومحط نسيان من كل المسؤولين، فامرؤ القيس والشنفرى وشعراء العربية الكبار يعود تاريخهم إلى هذه الأرض وهذا التراب وهذه الجزيرة الغنية، وما أجدرنا بأن نبث جميل ذكراهم! حين تزور لا أقول الدول الأوروبية بل دول عربية مجاورة؛ مثل لبنان ومصر والمغرب، تصاب بالذهول من الاهتمام بالآثار والمتاحف والأماكن ذات التماس والهوية المكانية والثقافية والتاريخية، بينما نحن لا نزال نستحي ثقافيا ونخاف فكريا ونهمل عمليا كل الآثار الغنية جدا في أرضنا المباركة. لا داعي للخوف رمموا الآثار!.