ودع الدكتور خالد بن محمد العنقري وزارة التعليم العالي بعد أن أمضى 24 عاما قضاها على هرم هذه الوزارة التي تمثل عنق الزجاجة في المجتمع، حيث عين وزيرا لها في 20 / 1 / 1412ه، ولم تطاله التغييرات الوزارية طوال العقدين الماضيين رغم النقد اللاذع التي واجهته وزارته فيها، فيما قفز بالجامعات خلال العقد الأخير لتلامس نحو 31 جامعة. الوزير العنقري يغادر الوزارة تاركا وراءها إرثا ثقيلا سيبدأ الوزير الجديد الدكتور خالد السبتي في محاولة الخروج صوب أفق جديد يتطلبه المجتمع من التعليم العالي وهو مع ذلك سيواجه تحديات صعبة سيما في وزارة لم يطالها التغيير كثيرا، ولعل ما يحتاج إليه وزير التعليم العالي الجديد هو العمل على تحرير وزارته من البيروقراطية التي كبلتها سنوات طويلة ليعيد الروح إليها والأمل في أعضاء هيئة التدريس في الجامعات السعودية الذين لم يعودوا يتطلعون لأية محاولة تطويرية بتفاؤل ولا سيما مع النظم والإجراءات والسياسات والاستراتيجيات وفقدان الهوية وضياع المهمة الأساسية من التعليم الجامعي، حتى تحول إلى مجرد قبول أكبر عدد من الطلاب والطالبات وحشرهم في بعض الأحيان في قاعات يفوق عددهم فيها الحد المطلوب تربويا. ينتظر من الوزير الجديد أن يخرج التعليم العالي من النظرة الضيقة الخاطئة للتعليم الجامعي واختزالها في موضوع القبول والتدريس والعمل صوب توسيع قاعدة المهام المجتمعية للجامعات وإسهاماتها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية. ولا شك أن أدوار التعليم الجامعي التي تشمل البحث والاستشارات والتدريس وخدمة المجتمع متداخلة ومتكاملة فيما بينها، وتحتاج لوقفة صارمة من الوزير الجديد مع الموازنة على حفظ حقوق محاور العملية التعليمية (الأستاذ والطالب والكتاب أو المنهج) فقد قاد التجاهل لثالوث العملية التعليمية الجامعية إلى تردي مستوى التعليم الجامعي بشكل عام، بل حتى تراجعه إلى مستويات أقل فباتت المخرجات لا تتواكب مع احتياجات سوق العمل. لا بد أن ينطلق الوزير الجديد كما يطالب خبراء التعليم العالي من كسر للمركزية في القرار، حيث عاني مديرو الجامعات من تقليص صلاحياتهم في مرحلة سابقة فيما تحولت مجالس الجامعات إلى مناقشة موضوعات وقضايا روتينية بيروقراطية بحتة لا تهتم للبرامج التطويرية في الأقسام العلمية بل توضع أمامها العراقيل والصعوبات.