قرأت تغريدات كثيرة حول موضوع اعتزام وزارة الشؤون الإسلامية مراقبة المساجد بالكمرات ووسائل التقنية الأخرى، وكانت كل تلك التغريدات تهاجم هذا القرار كما تهاجم الوزارة ذاتها وتنعتها بأسوأ الصفات !! عدت إلى التصريح الذي أدلى به الاستاذ عبدالله الهويمل وكيل الوزارة للشؤون الإدارية والفنية لأعرف من خلاله حقيقة ماصرح به فوجدت أنه يتحدث عن رغبة الوزارة في تطبيق نظام التحكم الذكي في جميع مساجد المملكة، وهذا النظام بحسب قوله يتيح للوزارة مراقبة الأجهزة التي في المساجد وكذلك مستوى النظافة والفرش والإضاءة وغيرها مما تحتاجه المساجد، ومن أنواع المراقبة أيضا تسجيل خطب الجمعة للعودة إليها وقت الحاجة !!. تصريح الاستاذ الهويمل يصب في مصلحة المساجد، وأعتقد أن معظم مساجدنا في أمس الحاجة إليه ؛ فهي بحاجة إلى صيانة ونظافة وفرش وغيرها مما تحتاجه كل المساجد وإذا كان الأمر كذلك فما الذي أغضب أولئك الذين هاجموا ماقاله الاستاذ الهويمل ؟!، من المؤكد أن مسألة ( المراقبة) هي التي أثارت قارئي تصريحه، فهذه الكلمة أصبحت عسيرة الهضم ويصعب احتمالها لكثرة من يرددها بمناسبة وبدون مناسبة ولعل (مراقبة) ومحاسبة الذين سيتحدثون عن الطقس بدون ترخيص كانت من أكثر الكلمات استهجانا وسخرية !!، وهذا الواقع يفرض على المتحدثين اختيار كلماتهم بشكل دقيق ومراعاة مشاعر المتلقين لتلك الكلمات. الوزارة سبق أن قالت : إنها ستراقب تغريدات الخطباء لمعرفة توجهاتهم الفكرية !!، وهذا التصريح في حينه لقي استهجانا ورفضا كبيرين ؛ لأن هذا النوع من الرقابة ليس من اختصاص الوزارة، وهو أيضا يتنافي إلى حد ما مع كثرة الضوابط التي تضعها الوزارة عندما تختار خطباء مساجدها، فالوزارة هي التي تختار الخطباء وتختبر قدراتهم وتتحرى صلاحهم، فبعد هذا كله هي ليست بحاجة إلى التصريح بأنها تراقبهم وتعاقبهم !!، والذي يرجح ماذهب إليه تصريح الدكتور توفيق السديري وكيل الوزارة لصحيفة (عكاظ) الذي أكد فيه على أن خطباء المساجد على قدر كبير من المسؤولية، كما قال : إن تجاوزاتهم قليلة جدا!!، فإذا كان الأمر كذلك فلماذا الحديث المستمر عن المراقبة والمحاسبة والفصل؟!!. هناك مسألة في غاية الأهمية أثارها الدكتور السديري في حديثه مع «عكاظ» وهي أن حوالى ثمانين ألف مسجد في المملكة ليس فيها أئمة ولا مؤذنون !!، وذكر أن وزارة المالية هي السبب في هذه المشكلة لأنها لم تعتمد وظائف لكل تلك المساجد على كثرتها وأهمية إيجاد كوادر لها. والذي قاله الدكتور السديري سمعته كثيرا ورأيت جزءا من سلبياته؛ فلنا أن نتخيل أن هناك ثمانين ألف مسجد يصلي فيها الناس دون أن يكون فيها موظفون تشرف عليهم الوزارة لأنهم يعملون متطوعين، وهؤلاء لا تستطيع الوزارة فرض مواقفها ونظامها عليهم، كما أن هؤلاء أو بعضهم قد يتوقفون عن الإمامة أو إقامة الأذان في أي وقت، وهذا يعطي انطباعا سلبيا عن الوزارة، وهذا يتطلب من الوزارة أن لا تتوقف عن مطالبة وزارة المالية بتأمين كل الوظائف المطلوبة للمساجد، وأعتقد أن كل المواطنين يدركون أن وزارة المالية وإمكانيات بلادنا المالية لا تعجز عن تأمين وظائف لمساجد قائمة فعلا وتمتلئ بالمصلين. وبهذه المناسبة فإن عددا كبيرا من المواطنين هم من قاموا ببناء المساجد وهم بهذا خففوا العبء عن وزارة المالية ولهذا لا يحسن بالوزارة أن تتأخر في تعيين الموظفين الأساسيين لمساجد قائمة فعلا ويصلي فيها الناس لأنها بهذا تسهم في ارتكاب أخطاء كبيرة يصعب التحكم فيها. وأخيرا، سبق أن كتبت أكثر من مرة وكتب غيري كثيرا عن موضوع مكبرات الصوت في المساجد، فهذه المكبرات يجب أن تستخدم في الأذان والإقامة فقط في كل شهور السنة بما فيها شهر رمضان؛ وقد سمعت أن الوزارة طلبت ذلك منهم عن طريق فروعها لكن الواقع يؤكد أنهم لم يستجيبوا، ولعل الوزارة تتخذ قرارا حازما في هذا الموضوع رحمة ببعض الناس.