لا يختلف أحد على أن الوضع القائم بيننا نحن الفلسطينيين وبين إسرائيل فوق هذه الأرض المعروفة باسم «فلسطين التاريخية»، قابل للانفجار الدموي في أية لحظة، والسبب أن الحكومة الإسرائيلية الحالية التي يقودها نتنياهو الذي لا هدف له سوى أن يظل في مقعد رئيس الوزراء، أصبحت عاجزة تماما عن تقديم أية مبادرات، بل هي تتشبث بالقول لنا صباح مساء وعلى كافة الأصعدة، أنا أريد وأنتم عليكم أن تقبلوا ما أريد، وأنا لا أريد وعليكم أن تقبلوا ما لا أريده، وليس أمامكم خيار آخر. بطبيعة الحال، فإن ما تريده إسرائيل مستحيل أن يقبل به أحد، فلقد رضينا 22 % من مساحة فلسطين التاريخية لتكون دولة لنا، وهذا ما تدعمه كل قرارات الشرعية الدولية، ولكن حكومة نتنياهو تقول إنه لا دولة فلسطينية على الإطلاق، وقبلنا بالمفاوضات أسلوبا للوصول إلى هدفنا الذي تدعمه القوانين والأعراف وقرارات الشرعية الدولية، ولكن إسرائيل تقول إن المفاوضات بالنسبة لها هي إملاءات، واستمرار في سرقة الأرض وتهويد المقدسات، وتصعيد الاتهامات، وأنه لا حصانة على الإطلاق للسلطة الوطنية الفلسطينية، ولا حصانة للإنسان الفلسطيني، وأن أمن إسرائيل هو أول الكلام وآخره، وإذا لم يعجبكم فاذهبوا إلى الجحيم.. العقدة هنا أن هذا الكلام والسلوك الإسرائيلي، وهذا الفهم الإسرائيلي للأمور لا يمكن أن يقبله أحد، وأن إسرائيل تصعد الأمور إلى حد الاشتعال، ثم تقول لنا أنتم من أشعلتم النار وأن عليكم أن تدفعوا الثمن. المأزق في ذروته، فكيف سنجد حلا لهذا المأزق بدون أن تنفجر حرب جديدة قد يكون مسرحها هذه المرة القدس نفسها التي يتوعدها نتنياهو أو ربما عموم الضفة الغربية، هذا المأزق والتصعيد الدموي، يصنعه نتنياهو على رأس حكومته التي اختارها على شاكلته لتخدم أهدافه ولم يفرضها عليه أحد، وهذه الحكومة تحمل كل الأطراف المسؤولية سواء الفلسطينيين أو حتى المجتمع الدولي ولا تحمل نفسها أي مسؤولية، وأكبر دليل على ذلك أن المفاوضات الأخيرة التي بدأناها فلسطينيا مع هذه الحكومة والتي بدأت في نهاية يوليو من العالم الماضي وانتهت في نهاية مارس هذه السنة، شاركت فيها الحكومة الإسرائيلية برغبتها على أساس حل الدولتين، وقد عملت إسرائيل كل ما في وسعها لإفشال هذه المفاوضات ونجحت في ذلك بامتياز، وعلى ضوء فشل المفاوضات ذهبت القيادة الفلسطينية إلى بديل آخر، ليس الحرب، بل المجتمع الدولي، مجلس الأمن والأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وليس الصواريخ ولا الأحزمة الناسفة، وتبين أن حكومة نتنياهو والجوقة التي حوله لا تريد مفاوضات، ولا تريد مجتمعا وقانونا دوليا، ولا تريد أي شيء سوى أن نسكت فقط، بل إن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعلون قال علنا إن الدولة الفلسطينية لن تقوم أبدا، فهل هو غبي إلى حد أنه لا يعلم ماذا يعني ذلك، إنه يعرف بطبيعة الحال أن هذا السلوك الإسرائيلي سوف يؤدي إلى الانفجار الكبير، الانفجار الشامل، وإذا لم تكن هناك مبادرات مسؤولة وجدية ومقنعة فإن العنف سوف ينفجر لا محالة مهما كانت النتائج.