في السنوات القليلة الماضية تنامى في عالمنا العربي عدد الجوائز الأدبية والثقافية، في تنافس حاد بينها على الظهور والانتشار مثل جائزة الملك فيصل وجائزة العويس وجائزة البابطين وجائزة الشيخ زايد للكتاب وجائزة البوكر وغيرها. هذه الكثرة في عدد الجوائز وما يصحبها من كثرة في عدد الحاصلين عليها، هي وإن كانت تمثل صورة من صور الحراك الثقافي، إلا أنها وضعت الجوائز موضع تساؤل حول مدى جديتها وصدقها وفعاليتها في تنشيط الحركة الثقافية. وقبل أيام قرأت في صحيفة الحياة نقدا ساخنا حول الجوائز الأدبية للناقد المعروف علي الشدوي، كان كلامه يفيض (بالخطورة)، بمعنى انه من المتوقع أن يجر عليه عداوة البعض. فهو يقول إن الجوائز غالبا «تذهب إلى من لا يستحقها»، وإن «أي رواية من الروايات الفائزة بجائزة البوكر لم تكن لتستحق (...) أن تفوز بجائزة»!! أن تجد مثل هذا الرأي الصريح عن الجوائز، هي مجازفة قد تورط الناقد في الدخول في حرب باردة مع الفائزين بها، ليس وحدهم، بل معهم المحكمون الذين حكموا الأعمال الفائزة، فهم متهمون أيضا: «ما كان لهذه الروايات أن تفوز لو أن المحكمين كانوا على قدر كاف من التأهيل لقراءة الرواية». بكل جسارة يتحدث الشدوي عن نقد الجوائز، ثم يختم حديثه بما يلخص شعوره بالخيبة امام واقع الجوائز في عالمنا العربي وغيره، فيوجه نصيحته للناشئة من روائيي الجيل الجديد بأن يكتبوا من دون أن ينتظروا جائزة، فمشاهير الروائيين أمثال «بورخيس وتشيخوف وجوركي وايتماتوف ونابوكوف وبروست وجيمس جويس وتولستوي لم يفوزوا بجائزة نوبل، ومع ذلك نحن نعرفهم ونتذكرهم ونقرؤهم، وهم خالدون بينما طوى النسيان كتابا آخرين فازوا بجائزة نوبل». سواء وافقت الناقد على رأيه أم اختلفت معه، لا تملك سوى أن تحترم شجاعته، فأن تقول كلاما صادما للآخرين تعرف مسبقا أنه لن يرضيهم وأنه قد يجلب لك كرههم وعداءهم، ثم لا تبالي فتقدم إيمانك بما تقول على طلب السلامة والعافية، تلك قوة معنوية كبيرة وشجاعة بالغة تستحق الاحترام.