القصف والجوع والشتاء.. ثلاثية الموت على غزة    مغادرة الطائرة الإغاثية ال24 إلى بيروت    خادم الحرمين الشريفين يدعو إلى إقامة صلاة الاستسقاء الخميس المقبل    «التعليم»: 7 % من الطلاب حققوا أداء عالياً في الاختبارات الوطنية    وزير المالية : التضخم في المملكة تحت السيطرة رغم ارتفاعه عالميًا    بدء التسجيل لحجز موقع في المتنزه البري بالمنطقة الشرقية    محافظ الطائف يرأس إجتماعآ لمناقشة خدمات الأوقاف    أمير منطقة تبوك يستقبل الرئيس التنفيذي لشركة المياه الوطنية    «السلمان» يستقبل قائد العمليات المشتركة بدولة الإمارات    مناقشة معوقات مشروع الصرف الصحي وخطر الأودية في صبيا    اكتمل العقد    دوري يلو: التعادل السلبي يطغى على لقاء نيوم والباطن    11 ورقة عمل في اليوم الثاني لمؤتمر الابتكار    حملة على الباعة المخالفين بالدمام    تكريم المشاركين بمبادرة المانجروف    «الخريجي» يشارك في المؤتمر العاشر لتحالف الحضارات في لشبونة    بلاك هات تنطلق في ملهم بمشاركة 59 رئيس قطاع أمن السيبراني    استقبل مدير عام هيئة الهلال الأحمر نائب الرئيس التنفيذي لتجمع نجران الصحي    خادم الحرمين الشريفين يتلقى رسالة خطية من أمير دولة الكويت    أهمية الدور المناط بالمحافظين في نقل الصورة التي يشعر بها المواطن    جمعية «الأسر المنتجة» بجازان تختتم دورة «تصوير الأعراس والمناسبات»    رئيس «اتزان»: 16 جهة مشاركة في ملتقى "التنشئة التربوية بين الواقع والمأمول" في جازان    وزير الشؤون الإسلامية: ميزانية المملكة تعكس حجم نجاحات الإصلاحات الإقتصادية التي نفذتها القيادة الرشيدة    زيارة رسمية لتعزيز التعاون بين رئاسة الإفتاء وتعليم منطقة عسير    المؤتمر الدولي للتوائم الملتصقة يناقش تحديات إعادة ترميم الأعضاء وتغطية الجروح    مركز صحي سهل تنومة يُقيم فعالية "الأسبوع الخليجي للسكري"    سموتريتش يدعو مجدداً إلى تهجير نصف سكان غزة    "سلمان للإغاثة" يوقع مذكرة تفاهم مع مؤسسة الأمير محمد بن فهد للتنمية الإنسانية    الخريف يبحث تعزيز التعاون المشترك في قطاعي الصناعة والتعدين مع تونس وطاجيكستان    نائب وزير الدفاع يرأس وفد المملكة في اجتماع الدورة ال 21 لمجلس الدفاع المشترك لوزراء الدفاع بدول مجلس التعاون    نوف بنت عبدالرحمن: "طموحنا كجبل طويق".. وسنأخذ المعاقين للقمة    مسؤول إسرائيلي: سنقبل ب«هدنة» في لبنان وليس إنهاء الحرب    السجن والغرامة ل 6 مواطنين.. استخدموا وروجوا أوراقاً نقدية مقلدة    هيئة الموسيقى تنظّم أسبوع الرياض الموسيقي لأول مرة في السعودية    الصحة الفلسطينية : الاحتلال يرتكب 7160 مجزرة بحق العائلات في غزة    الجدعان ل"الرياض":40% من "التوائم الملتصقة" يشتركون في الجهاز الهضمي    ترمب يستعد لإبعاد «المتحولين جنسيا» عن الجيش    حقوق المرأة في المملكة تؤكدها الشريعة الإسلامية ويحفظها النظام    تحدي NASA بجوائز 3 ملايين دولار    حرفية سعودية    استمرار انخفاض درجات الحرارة في 4 مناطق    ظهور « تاريخي» لسعود عبدالحميد في الدوري الإيطالي    «التعليم»: حظر استخدام الهواتف المحمولة بمدارس التعليم العام    الكرامة الوطنية.. استراتيجيات الرد على الإساءات    حكايات تُروى لإرث يبقى    «بنان».. جسر بين الماضي والمستقبل    ألوان الطيف    محمد بن راشد الخثلان ورسالته الأخيرة    خسارة الهلال وانتعاش الدوري    بايرن وسان جيرمان في مهمة لا تقبل القسمة على اثنين    النصر يتغلب على الغرافة بثلاثية في نخبة آسيا    وزير الخارجية يشارك في الاجتماع الرباعي بشأن السودان    الأمير محمد بن سلمان يعزّي ولي عهد الكويت في وفاة الشيخ محمد عبدالعزيز الصباح    نوافذ للحياة    زاروا المسجد النبوي ووصلوا إلى مكة المكرمة.. ضيوف برنامج خادم الحرمين يشكرون القيادة    5 حقائق من الضروري أن يعرفها الجميع عن التدخين    «مانشينيل».. أخطر شجرة في العالم    أمير منطقة تبوك يستقبل القنصل الكوري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كشفنا حقيقة أطراف إقليمية ودولية تقود المنطقة إلى الدمار .. والعالم يتحرك الآن بقوة للتصدي لمخططات الإرهاب
نشر في عكاظ يوم 28 - 10 - 2014

قدر المملكة العربية السعودية.. وجمهورية مصر العربية هو أن تتحملا في هذا الوقت بالذات مسؤولية خطيرة ترتبط بمصير المنطقة.. ويتوقف عليها سلامتها..
وقدرهما أيضا أن تواجها معاً أخطاراً حقيقية تتهددهما بصورة مباشرة.. باعتبارهما قوتين حقيقيتين يتوقف على سلامتهما سلامة دول المنطقة وشعوبها بالكامل..
ولذلك فإنه ليس من باب الصدفة.. أو بدوافع العاطفة أن يكون خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز هو أول من بادر إلى احتضان مصر.. والتجاوب مع إرادة الشعب المصري التي أتت في النهاية بالرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي إلى سدة الحكم في الشقيقة مصر بعد انتخابات غير مسبوقة.. في ظروفها.. ونتائجها الكاسحة لصالحه (96.91 %) من مجمل أصوات الناخبين.
أقول إنه ليس من باب الصدفة أن يكون تحرك المملكة سريعا وقويا وحاسما (كما وصفه لي فخامة الرئيس المصري عند لقائي به يوم الأربعاء الماضي في قصر الاتحادية بالقاهرة) وإنما كان التحرك مدروسا.. وجاء نتيجة متابعة دقيقة للأحداث والتطورات التي عاشتها البلاد خلال السنتين السابقتين لثورة الشعب المصري بمساندة جيشه في 30/6/2013م كجزء من الرصد الدقيق والعميق للأحداث الكلية التي شهدتها المنطقة في أكثر من بلد وموقع ومكان منذ ثلاث سنوات مضت..
واليوم وقد بلغ التعاون والتفاهم والتنسيق مداه بين البلدين فإن الحديث مع الرجل الذي يتصدى اليوم لأكبر تحديات العصر التي تواجه بلداً كبيراً.. هو «مصر» كان ضرورة قصوى ولاسيما بعد أن قطع الرجل ببلاده مشواراً لا يستهان به في تثبيت أركان الدولة المصرية.. ونجح في تغيير الصورة الذهنية المغلوطة عند الغير حول طبيعة ما حدث ويحدث في مصر.. وبدأت البلاد تخطو بقوة نحو الاستقرار وتحصل على المزيد من الاعتراف والدعم الدولي للمضي في تحقيق بقية الأهداف بدعم من الشعب المصري المستنفر (الآن) للحفاظ على مكتسبات وطنية وبمساندة قوية من أشقائه الأوفياء في مقدمتهم المملكة العربية السعودية التي وضعت يدها في يد شعب وقيادة مصر.. لما فيه خير البلدين والشعبين.. ولما فيه تأمين سلامة المنطقة ضد كل المخططات والمطامع والمطامح التي تريد بنا سوءا.. نحن ومصر على حد سواء..
لقد قال «السيسي» ل«عكاظ» الكثير يوم أمس.. وها هو يواصل معنا الحديث اليوم ويعطي تفاصيل غاية في الأهمية عما حدث ويحدث وجسد كذلك ما يراه البلدان من خلال بوصلة قراءتهما الدقيقة للأحداث سواء بالنظر إلى أوضاع المنطقة من الداخل.. أو بما يرسم ويخطط ويوضع من أجندات لإغراقها في المزيد من الفوضى.. أو بالنسبة للخارطة الجديدة التي رسمها السيسي لما بعد خارطة المستقبل التي تبقت في تنفيذها خطوة واحدة..
خارطة المستقبل الجديدة لمصر.. وخارطة المستقبل للمنطقة كما يترجمها البلدان المملكة العربية السعودية ومصر إلى خطوات ومن ثم وقائع.. هي التي نحن بحاجة إلى استشفافها من خلال حلقة اليوم من هذا الحوار الموسع مع الرئيس عبدالفتاح السيسي الذي فتح لنا قلبه وعقله وطمأننا ليس فقط على مصر الحبيبة إلينا جميعاً.. وإنما على منطقتنا العربية أيضاً.. فإلى الحوار:
قادرون على تنفيذ شعار: مسافة السكة
صاحب الفخامة.. سئلتم في بداية تسلمكم للسلطة عن رؤيتكم لمستقبل الخليج في ظل التهديدات الخطيرة التي يتعرض لها.. وعن دور مصر الفاعل في التصدي لتلك الأخطار.. فكان ردكم الشهير «مسافة السكة».. وكان رد البعض هو : أن مصر في وضع أمني واقتصادي واجتماعي سوف لن يمكنها من القيام بأي دور كهذا.. فبماذا تردون على هؤلاء.. وماذا تقولون للأطراف الإقليمية والخارجية التي تدفع الأمور في المنطقة نحو مزيد من التوتر وخلط الأوراق؟
الجيش المصري بخير دائما.. جاهز معنويا وقتاليا، يتسلح بالمعلومات التي تحدث ساعة بساعة.. له عين يقظة وحركة نشطة وفعالية في أداء مهام حفظ أمن وأمان الوطن وحماية حدوده، وهو ما يبدو بوضوح من مدى النجاحات التي يحققها، ولعلك تابعت المناورة «بدر 2014» التي تعد الأضخم للذخيرة الحية في تاريخ القوات المسلحة وتتضمن توفير ظروف مشابهة للحرب الحقيقية، إلى جانب تحقيق السيطرة على القوات خلال كافة مراحل العملية، تحت تغطية كاملة من القوات البحرية، التي تنفذ أعمال العبور للموانع المائية واستخدام الذخيرة الحية، كما أن المناورة تتضمن فعاليات بالذخيرة الحية شهدتها أثناء متابعتي لمناورة ذات الصواري التي قامت بها القوات البحرية.. وأجد الفرصة هنا سانحة لأعاود التأكيد على أن أمن منطقة الخليج العربي خط أحمر وجزء لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.
تحية من القلب للملك الشجاع ومواقفه المشرفة
وصف - أخوكم - خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في رسالة تهنئته لفخامتكم بتسلم مقاليد السلطة في بلادكم ما يسمى ب «الفوضى الخلاقة» بأنها لا تعدو في حقيقة أمرها إلا أن تكون فوضى الضياع والمصير الغامض الذي استهدف ويستهدف مقدرات الشعوب وأمنها واستقرارها.. فبماذا تعلقون فخامتكم على هذا الوصف لهذا المصطلح.. وكيف يعمل البلدان (الآن) على إفشال المخططات الرامية إلى رسم خرائط جديدة للمنطقة على حساب استقرارها وسلامة شعوبها؟
دعني بداية أوجه تحية إعزاز وتقدير لخادم الحرمين الشريفين على مواقفه الشجاعة والمشرفة التي أبداها وما زال إزاء مصر وشعبها، تلك المواقف التي تدلل على أخوة حقيقية وصداقة وفية، طالما اعتززنا بها، حكومة وشعبا. وأعاود التأكيد على أن جلالة الملك هو «حكيم العرب» وإنني أتفق معه تماما في وصفه لمصطلح «الفوضى الخلاقة» بأنها «فوضى الضياع والمصير الغامض» .. وكل من له عينان تريان أو عقل يفكر يستطيع أن يحكم على نتائج ما يسمى بالفوضى الخلاقة في بعض دول المنطقة التي أثيرت فيها الفوضى بغية تفتيت المنطقة وإعادة ترتيبها وفقا لمصالح أطراف لم تع ولم تقدر خطورة ما فعلت بل وتسدد الآن فاتورة ما شاركت في إحداثه من فوضى.
أطراف إقليمية ودولية تبحث عن دور
هناك قناعة تامة وقوية.. ليس في المملكة ومصر ودول الخليج العربية.. فحسب وإنما في كافة دول العالم المحبة للسلام.. بأن العالم كله هو المستفيد من استقرار الخليج ومصر وتأمين مصالحه معنا رغم سعي بعض الأطراف الإقليمية والدولية إلى دفع الأمور نحو الأسوأ.. فبماذا تعلقون فخامتكم على ذلك، وماذا سمع منكم في هذا الصدد كل من رئيس الوزراء الروسي «بوتين» عند زيارتكم الأولى لموسكو.. وكذلك رؤساء الدول الأخرى الذين التقيتم بهم في نيويورك، بمن فيهم الرئيس أوباما، على هامش مشاركتكم في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
إن الأطراف التي تحدثت عنها هي أطراف باحثة عن دور ما لها في المنطقة، وتحاول بطرق شتى أن توجد لنفسها موطئ قدم على خريطة القوى الفاعلة، فتلك الأطراف كانت تظن – خطأ - أن إنشاء نظام إقليمي جديد سيتيح لها الفرصة لممارسة دور رائد إقليميا.. وكانت النتيجة كما نرى جميعا.. حروبا أهلية.. نزاعات طائفية ومذهبية.. مقدرات تضيع.. وشعوبا تدفع الثمن.. انتقلنا إلى مرحلة اللانظام.. وظهرت هذه الأطراف على حقيقتها.. فقدت احتراما ومصداقية كان يمكن أن تتمتع بهما لو أنها انتهجت منحى مغايرا.. ولكن المقدمات الخاطئة تقود دوما إلى نتائج خاطئة.. وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح ..أعتقد أن هناك إدراكا متزايدا من مختلف القوى الدولية، ومن بينها القوى الكبرى، لحقيقة الأوضاع في المنطقة، ولقد بدأ هذا الإدراك يتبلور عمليا من خلال الجهود الدولية التي تبذل من أجل مكافحة الإرهاب لقد بات العالم الآن أكثر وعيا بأن الفوضى لا يمكن أن تنتج سوى المزيد من الفوضى وأنه لا يمكن الوقوف ضد إرادات الشعوب.
مصر بين موسكو وواشنطن: الوطن أولاً
عندما قمتم بزيارة موسكو الأولى وقابلتم «بوتين» قيل كلام كثير عن توجه مصر شرقا.. وحينما التقيتم بالرئيس أوباما مؤخرا تردد أن مصر أصبحت تملك خيارات عديدة للتوفيق بين ما تحتاجه وتريده.. وبين ما تطلبه منها كل من «موسكو» و«واشنطن».. وبين حرصها الشديد على استرداد دورها الطليعي في المنطقة.. أمام تنافس دول إقليمية عديدة على كرسي الزعامة.. وبالذات بين إيران وتركيا.. هل أحصل على إجابة مباشرة ومحددة وغير تقليدية على سؤال كهذا؟
بكل تأكيد ستحصل على إجابة واضحة ومحددة وليست تقليدية كما ذكرت.. إن مصر ما بعد ثورة الثلاثين من يونيو تقيم علاقاتها الدولية على أسس من الندية والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية.. وتحرص على إقامة علاقات متوازنة وديمقراطية لا تميل إلى طرف على حساب آخر ولا تعلي سوى مصلحة الوطن.. ولتعلم أن هذه الإجابة هي نص الجزء الخاص بالسياسة الخارجية المصرية في خطاب تكليفي للحكومة المصرية.. أي أنها جزء من وثيقة رسمية على أعلى درجة من الأهمية.. وليست مجرد كلام يقال.. فزيارتي إلى موسكو جاءت استجابة لمصلحة الوطن وليست خصما من علاقات مصر مع أي طرف، وكذا فإن لقاءاتي مع الرئيس الأمريكي أو المسؤولين الأمريكيين ليست خصما من علاقاتنا مع أي طرف آخر.. إننا في مصر الجديدة نتحرك وفق مصالح الوطن والشعب.. ونعتز بعلاقاتنا مع الدول الشقيقة والصديقة، التي نتبادل معها أدوار التأييد والمساندة وقت الأزمات.
السلام يتحقق بالدولة الفلسطينية وبالأمن لإسرائيل
تسعى بلادكم الآن (بقوة) إلى استئناف دورها المحوري في صنع السلام الدائم في منطقة الشرق الأوسط وقد نجحتم في ردم الهوة بين منظمة التحرير الفلسطينية وحماس رغم الحملات الضارية التي تعرضت لها بلادكم من بعض الأطراف التي تلعب على وتر الخلافات بينهما.. بل ونجحتم في عقد المؤتمر الدولي للمانحين لإعادة بناء غزة ..وقبل ذلك نجحتم في إيقاف العدوان الاسرائيلي عليها.. فهل أنتم متفائلون باستئناف عملية سلام جادة ونهائية - كما طلبتم ذلك في خطابكم الافتتاحي لمؤتمر المانحين لغزة بالقاهرة مؤخرا - تقوم فيها مصر بدور تاريخي آخر.. وكيف ينظر خصومكم إلى إنجاز كهذا في حالة حدوثه؟
المسألة ليست مسألة تفاؤل أو تشاؤم، وإنما مسألة ضرورة واحتياج ، هناك ضرورة لإقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وهناك احتياج إسرائيلي للشعور بالأمن وتحقيقه، ومن ثم فإن التسوية السلمية للصراع الممتد لأكثر من ستة عقود تعد حقا أصيلا للشعب الفلسطيني وتصب في مصلحة الشعب الإسرائيلي، ولذا حرصت في مؤتمر إعادة إعمار غزة أن أدعو الشعب الإسرائيلي إلى تحقيق السلام، وحث قادته على المضي قدما في طريق السلام.
إننا في مصر لا نلتفت كثيرا إلى أية محاولات يائسة للتشويش على دورنا الإقليمي في المنطقة، ولاسيما في القضية الفلسطينية التي ستظل محتفظة بمكانتها التقليدية في صدارة اهتمامات السياسة الخارجية المصرية، وعلى الرغم من محاولات عرقلة وتعطيل الدور المصري التي جاءت من هنا أو هناك، فإننا توصلنا في النهاية إلى وقف لإطلاق النار وإقرار للهدنة، فضلا عن تحقيق المصالحة الفلسطينية، وسنمضي في طريقنا إن شاء الله وصولا لتحقيق السلام العادل والشامل وفقا لمبادرة السلام العربية التي سبق أن طرحها خادم الحرمين الشريفين في قمة بيروت عام 2002.
محاربة الإرهاب لاتقتصر على الشق العسكري
فخامة الرئيس حذرت المملكة ومصر من استفحال أنشطة الإرهاب في المنطقة كثيرا.. وبدأ التحرك الدولي الآن لمواجهة تنظيم «داعش» في كل من العراق وسوريا.. لكن هناك من يقول إن مصر ليست متحمسة للمشاركة في هذا التحالف رغم حضورها اجتماع جدة التأسيسي لقيامه. فما هي حقيقة الأمر، لاسيما أن مصر نفسها تعاني من الإرهاب وبصورة أكثر تحديدا في منطقة سيناء حتى الآن؟
إن مصر كانت من أوائل الدول التي حذرت من مخاطر انتشار الإرهاب ومحاولات بعض الأطراف الدولية لإيجاد جماعات متطرفة تساندها في مواجهة أطراف دولية أخرى في المنطقة إلى أن آلت الأوضاع إلى ما نحن فيه الآن، وعلى الرغم من ذلك ولكون مصر قد اكتوت بنار الإرهاب، فإننا منخرطون بالفعل في الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب، وليس أدل على ذلك من مشاركة مصر في الاجتماع الذي عقد مؤخرا في واشنطن في هذا الصدد والذي ضم رؤساء أركان حرب القوات المسلحة في عدد من الدول وذلك في الوقت الذي رفضت فيه أطراف إقليمية أخرى المشاركة. وأود أن أوضح أن مصر تؤكد على أهمية أن تتم مكافحة الإرهاب من منظور شامل، لا يقتصر فقط على الشق العسكري، وإنما يمتد ليشمل الأبعاد التنموية بشقيها الاقتصادي والاجتماعي.. الرؤية يجب أن تكون واضحة بما يضمن عدم تكرار ظهور وانتشار هذه الجماعات المتطرفة التي تستهدف مقدرات الدول وتسيء إلى الإسلام.
لن نقع في شرك الصراعات العربية الداخلية
رغم انشغالكم التام – فخامة الرئيس – بالوضع في الداخل المصري إلا أن الوضع في كل من العراق وسوريا واليمن حظي باهتمامكم أيضا.. وإن كان هناك من يعتقد أن الموقف المصري من النظام السوري مازال ملتبسا ومن الوضع في العراق واليمن غير واضح تماما.. هل يرتبط كل ذلك بتأني مصر في اتجاه سياسة قوية تجاه التدخلات الإيرانية في المنطقة ولعبها أدوارا سالبة أدت وتؤدي إلى تأجيج الفتن بين الدول والشعوب.. بل وبين الشعوب ضد بعضها البعض؟
إن مصر لها فلسفتها الخاصة إزاء التعاطي مع كافة هذه القضايا المهمة والحيوية في المنطقة وهي فلسفة قائمة على حماية الدول ذاتها وصون حقوق شعوبها دون محاباة لنظام أو معاداة لأتباع مذهب أو عرق أو طائفة بعينها في أي من الشعوب العربية، فمصر أبعد نظرا وأكبر قدرا من أن تقع في شرك كهذا، لا طائل من ورائه سوى تأجيج الصراعات وتكون الشعوب هي الخاسر الأكبر. ويمنح هذا الموقف لمصر مصداقية أكبر وقبولا أعلى من أي أطراف أخرى ترتبط بمصالح ضيقة من نظام حاكم أو أتباع مذهب أو عرق بعينه في أي شعب عربي، وأؤكد لك أن موقف مصر إزاء سوريا والعراق واليمن، موقف واضح يستهدف الحفاظ على السلامة الإقليمية لهذه الدول ووحدة شعوبها وصون مقدراتها، والعمل على إيجاد حلول سياسية لتلك الأزمات.
توفر الإرادة السياسية أولا لحل الخلافات مع الغير
ماتزال العلاقات المصرية التركية والمصرية القطرية تشهد مستوى من التوتر في الوقت الراهن.. فهل هناك جهود أو مساعٍ من داخل المنطقة أو خارجها تقود إلى مصالحة من نوع أو آخر في المدى القريب؟
هناك خطوة يتعين توافرها أولا قبل الحديث عن جهود أو مساع لتقريب وجهات النظر، ألا وهي توافر الإرادة السياسية لدى الأطراف التي تحدثت عنها لإزالة التوتر وإعادة العلاقات مع مصر إلى طبيعتها.. هل تتوافر تلك الإرادة أولا؟ وإذا قيل إنها متوافرة، فهل هناك خطوات عملية وكافية تدلل على توافرها وصدقها؟.. دعنا نطرح هذا السؤال ونترك الحكم للقراء .. إن عدم رد مصر على الإساءات التي توجه إليها يُعد أبلغ رد في حد ذاته.
مشروعات ضخمة أمام مؤتمر الدول المانحة
ما الذي تم – فخامة الرئيس – من خطوات حتى الآن في الإعداد لاجتماع الدول المانحة لدعم بلادكم وتسريع خططها وبرامجها الرامية إلى بناء مصر قوية.. وبالذات بعد أن وجه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز نداء إلى عقد مؤتمر لأشقاء وأصدقاء مصر للمانحين في برقية التهنئة الموجهة لكم يوم الثلاثاء الخامس من شهر شعبان 1435ه الموافق للثالث من شهر يونيو 2014م.. فهل يمكن معرفة أبرز مشاريعكم الطموحة من أجل مصر المستقبل؟
مرة أخرى أوجه الشكر مجددا لخادم الحرمين الشريفين على دعوته الكريمة لعقد هذا المؤتمر، فجلالته كما عهدناه دوما سباقا إلى التفكير والانشغال بقضايا المنطقة وبأحوال دولها، وأشير إلى أن التنسيق يتم بشكل كامل بين مصر والمملكة من أجل تنظيم المؤتمر وإنجاحه، إن شاء الله. أما بالنسبة للمشروعات التي سيطرحها المؤتمر فهي عديدة ومتنوعة، ومن أبرزها مشروع تنمية محور قناة السويس، وهو مشروع مختلف عن حفر قناة السويس الجديدة، إذ يرتبط في المقام الأول بالعديد من الاستثمارات الخاصة بالتصنيع وأعمال الشحن والتفريغ وإنشاء مصانع وورش لإصلاح السفن والحاويات فضلا عن إنشاء مدينة عالمية للسياحة والتسوق في خليج السويس، بالإضافة إلى مشروعات التنمية الزراعية التي طرحتها مصر في إطار خطة استصلاح المليون فدان، وكذا المشروعات التي يمكن إقامتها في منطقة المثلث الذهبي (سفاجا –القصير – قنا ) ومنها مشروع إقامة أربع مناطق صناعية تعدينية في غرب سفاجا لصناعة الزجاج والكوارتز وجنوب طريق «قنا – سفاجا» لصناعة الفوسفات والكبريت، وشمال مرسى علم لصناعة تكرير الذهب، بالإضافة إلى تطوير مدينتي سفاجا وقنا الجديدة لتلعبا دورا رئيسيا وتعملا على تشجيع إقامة مجتمعات عمرانية في هذه المناطق.
علاقات واعدة بالفرص الاقتصادية الضخمة
كيف تنظرون – فخامتكم – إلى مستقبل العلاقات بين بلدينا على كافة الأصعدة.. وماذا تقولون لأبناء مصر حول خصوصية هذه العلاقة وأهميتها في المرحلة القادمة ليس فقط بالنسبة للبلدين وإنما للسلام والاستقرار في المنطقة والعالم؟
إن مستقبل العلاقات بين البلدين واعد ومزدهر، ومليء بالفرص الاقتصادية والتنموية التي يعززها التوافق السياسي، وكما تقول الحكمة العربية «رُب ضارة نافعة» فعلى قدر صعوبة المحنة التي مرت بها مصر خلال الفترة الماضية، على قدر ما أثبتت مواقف المملكة العربية السعودية تحت قيادة جلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أصالة مواقفها إزاء مصر وشعبها، وهي المواقف التي سيظل يحفظها الشعب المصري للمملكة الغالية وشعبها الشقيق، وسيحفرها التاريخ بأحرف من نور في سجل المواقف الأخوية الحقيقية بين البلدين.
إن وقوف المملكة إلى جوار مصر لم تكن له فقط معان نبيلة على مستوى العلاقات الأخوية بين البلدين، ولكنه صان العديد من دول المنطقة ومقدراتها وكان نتاجا لإدراك صائب بخطورة الأوضاع والمخططات التي كانت تصاغ لها، ويقع على عاتق الدول العربية أن تتضامن وأن تساهم بفاعلية في تحقيق استقرار وأمن المنطقة أخذا في الاعتبار حيوية المنطقة للعالم بأسره ، سواء من حيث كونها مصدرا ثريا لمصادر الطاقة أو معبرا لحركة التجارة العالمية.
سياحتنا آمنة حتى في أصعب الظروف
ينظر الشعب السعودي – فخامة الرئيس – إلى مصر على أنها الخيار السياحي الأول للأغلبية الساحقة منه.. فماذا فعلت مصر خلال الفترة الماضية وماذا ستفعل لاستعادة مكانتها السياحية عند شعوب المنطقة وسواها؟
إن المشكلة التي عانت منها السياحة المصرية على مدار السنوات الثلاث الماضية لم تكن تتعلق بأي قصور في قطاع السياحة المصرية او بتنافسيتها سواء على مستوى المضمون أو الأسعار، فقطاع السياحة المصرية كان وسيستمر بإذن الله أحد أهم مصادر الدخل القومي المصري، ولكن التطورات السياسية التي مرت بها البلاد وما أفرزته من بعض الاضطرابات الأمنية فضلا عن المبالغات الإعلامية أعطت السياح في مختلف دول العالم انطباعا بأن هذه الحالة من عدم الاستقرار منتشرة في كافة ربوع مصر وهو انطباع خاطئ تماما ومجافٍ للواقع.. فالمقاصد السياحية المصرية كانت آمنة تماما حتى في أصعب الأوقات التي شهدت فيها العاصمة بعض الاشتباكات أو الاضطرابات والتظاهرات، بل إن عددا كبيرا من أحياء القاهرة ذاتها كان آمنا تماما طالما لم يكن قريبا من أماكن وقوع تلك التظاهرات.
لقد زالت كافة هذه الأسباب الأمنية الآن، ورفعت الدول الأوروبية حظر السفر الذي كانت قد فرضته في السابق على المقاصد السياحية المصرية وعلى الرحلات النيلية بين الأقصر وأسوان، ويستمتع السياح حاليا من مختلف دول العالم بالمقاصد السياحية في البحر الأحمر، ويبذل رجال القوات المسلحة والشرطة من الجهد والتضحيات في سبيل أمن واستقرار مصر ما يستحق التقدير والإشادة.. اعقدوا فقط العزم على السياحة في مصر وستقضون بإذن الله أوقاتا طيبة في بلدكم الثاني مصر.
غدا نواصل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.