ما الذي يجعل طبيبا أو مهندسا أو مبتعثا أو متعلما يلتحق بجماعة تريق الدماء، وتقطع الرؤوس، وتقتل المعاهدين والمسالمين، ولا تحقن دماء المسلمين؟! كنت أظن أن أغلب من يجرفه تيار التطرف هم أنصاف المتعلمين والفاشلين في حياتهم العملية، حيث يبحثون عن ملجأ من فشل الحياة تعلقا بنجاح الآخرة، لكننا اليوم نقف في العقدين الأخيرين أمام حالة تجاوزت التطرف إلى التكفير واستباحة القتل، وبات فيها إراقة الدماء المعصومة أسهل من إراقة الماء، فكيف يفتقد المتعلمون البصيرة، ويسيرون باختيارهم نحو التخلي عن إنسانيتهم والتحول إلى مجرد قتلة يتعطشون لإزهاق النفوس ويستلذون بقطع الرؤوس؟! أخشى أنني كنت مخطئا طوال الوقت، فالتطرف التكفيري ربما كان جينة كامنة لدى الإنسان في المجتمعات التي تنشأ على الأحادية في الفكر واللون والمنهج، فمن ينشأ على التعصب لعشيرته أو قريته أو طائفته أو مذهبه أو حتى فريقه الرياضي المفضل دون أن ينشأ معه احترام للآخرين الذين يختلفون عنه في خياراتهم أو على الأقل فهما لحقهم في الاختلاف عنه، سيكون بلا شك أكثر اندماجا في جماعات متطرفة تمارس الإقصاء والتكفير وتحكم بالموت على مخالفيها! في حربنا مع تنظيم القاعدة أدركنا متأخرين أن المعركة تبدأ من صفوفنا الخلفية ، وفي حربنا مع «داعش» ما زالت المعركة تجري في صفونا الخلفية!