ها هو موسم الحج قد أقبل، والناس الآن من خارج المملكة ومن داخلها يملأون المدينةالمنورة، وعما قليل من الأيام يتوافدون من كل حدب وصوب إلى مكةالمكرمة لأداء ما افترضه الله عليهم من شعائر الحج. وفي ركن الحج هذا، وهو الركن الخامس من أركان الإسلام، ينقسم الناس فيه إلى فريقين: فريق يؤدي الفريضة وهي حجة الإسلام. وفريق يحج نافلة طلبا لمزيد من ثواب الله. وهذا الفريق الأخير يمكن له أن يكسب المزيد من الثواب لو أنه صرف الجهد والوقت والمال في أحد أبواب البر من الصدقات وبناء المساجد أو المستشفيات أو معاهد العلم أو الجامعات وتخلى عن أداء حج النافلة؛ كي يتيح للحجاج الذين يؤدون فريضة الحج لأول مرة في العمر أن يحجوا براحة وبدون اكتظاظ أماكن النسك، وهي: عرفات ومزدلفة ومنى ومكةالمكرمة نفسها. أما الفريق الأول الذي يحج حجة الفريضة لا النافلة، فهذا الذي ينبغي السماح له بمزيد من التسهيلات والتوسعة. ويبقى لدينا فريق ثالث، هذا هو الذي يحج نافلة، لكنه مرتبط بوالد أو والدة أو قريب من الإخوة أو الأعمام أو الأخوال.. أو نظرائهم من النساء.. من العميان أو المعوقين أو كبار السن الذين يحتاجون إلى من يقوم بهم ويرشدهم ويلبي طلباتهم خلال أسبوع الحج، سواء في مكةالمكرمة أو في المدينةالمنورة، فهؤلاء أيضا ينطبق عليهم أحقية الحج قبل حجاج النافلة ممن لا يخدمون والدا أو والدة ولا قريبا آخر. على أن الدولة حين فرضت وجوب تصريح الحج، فذلك أمر تنظيمي لم يعد منه مناص، فمن واجبها رعاية الحجيج وسلامته وصحته وأمنه وراحته.. وهذا يعني الضبط والتنظيم ومنع العشوائية والفوضى، ومن يحتج بأن هذا الضبط يؤدي إلى غلاء حملات الحج، فإن هذا الركن الخامس مقيد بالاستطاعة.. والقدرة المالية.. فمن لا يحتمل ارتفاع الأسعار، فليس عليه أن يحج حتى ولو كان ذلك فريضة، فما بالك إن كان نفلا!! على أن الحج له فائدة ومنفعة جانبيتان لأهل الحرم المكي، فالمسلمون الذين يأتون من أطراف المعمورة يحلون ضيوفا على هذا البلد المقدس، ومن واجب سكان مكة خدمة الحجيج بأجرة أو مجانا، وعلى ذلك فلا أرى اشتراط التصريح لأهل مكة رأفة بهم وتسهيلا لشؤون الحجيج.. والله من وراء القصد. السطر الأخير: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من حج فلم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه».