أربعة وثمانون عاما مضت على تأسيس هذا الصرح الشامخ، المملكة العربية السعودية، بلاد التوحيد والوحدة، على يدي رمز الإسلام والعروبة، الملك الإمام عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، القائد الأسطورة، الذي سجله التأريخ المنقوش، ملء السمع والبصر والفؤاد. ففي مثل هذا اليوم، تعود الذكرى لتروي لنا بحق الملحمة العظيمة، حين انطلق المجد، فعانق نجدا وأصعد، والناس تشهد، أن الملك لله، والأرض أرضه، أورثها عبدالعزيز، ولما تزل الأرضون بعد تقع في يده وتحجل، حتى أتم الله عليه نعماءه، فتوحدت اللحمة بعد شتات وتمزق، وأكرمه بخدمة الحرمين الشريفين، والله يحكم لا معقب لحكمه. (إن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده، والعاقبة للمتقين). وتتام التوحيد فلحقت الجنوب الشمال، وغرب الجزيرة الشرق، وبدل الله الخوف أمنا، وفاء فيض الله، بدعوات من ترجى بركته، إذ ناله العدل وطاله، فرفعت يديها، وما يدريك لعل الساعة إجابة. ثم إن ذلك الرجل المبارك، أدركته سنة الله، فعقبه بنون بررة، تتابعوا، يوصي سالفهم خالفهم، أن هذا فضل الله، فاقدروا لله تعالى قدره، وأقيموا العدل بين خلقه، وما منهم إلا مخيل الزعامة، منشمل للخير، فعلى الصراط مضوا، والله لهم بما قدموا لشعبهم وأمتهم، وكلهم على العهد باقون، وعلى خطى المؤسس يرسمون، والناس إليهم بأجفلتهم، أن أمضوا فقد بايعناكم، لا نقيل ولا نستقيل، بعزيمة صادقة ماضون، لبناء وطن ضم بيت الله الحرام، والمشاعر والمقام، وضم مسجد نبينا وإمامنا وقدوتنا محمد بن عبدالله، عليه أفضل الصلاة والسلام، وفيه روضة من رياض الجنة. فلله ما أكرمنا به، منة ونعمة، منها طارف وتليد، وقائم وحصيد. حتى جاء الله بعبدالله خادم الحرمين الشريفين، المليك المفدى، أعلا الله مقامه، ولقاه بكل تهنية، وبقاه ببلهنية، فدعى شعبه فجاؤا بأزفلتهم، يبايعون ويفدون، وهو كالغيث أنى وقع نفع، ففتح الله على يديه، فما شبر ولا فتر من مملكتنا الحبيبة إلا صابه ودقه، لا أعدمنا الله بركات طلعته. إن المتأمل ببصر وبصيرة لا يرى سوى إنجازات تتوالى، وخيرات تتابع، وعطاء ممتد، ويد لا تعرف الرد، في شواهد ستبقى شواهد، سيروي فيها التأريخ لهذا الملك المسدد، يدا سحا، وعطاء ألح، غايته الرقي بأبناء الوطن، بلا تفريق، وإيصال الخير إلى كل مربع وفريق. وشاهده (قولا وفعلا)، كلنا مسلمون، الرب واحد، والرسول واحد، والرسالة واحدة، والقبلة واحدة، فأحال -وفقه الله- الخلاف البغيض، إلى وفاق جميل، عرف الناس بعده أن الاختلاف سنة الله في خلقه، وأنه مسرح للتنافس، لا للتناحر والتنازع، فتعرف الأخ إلى أخيه، في ردهات الحوار ومجامعه، والذي نسأل المنان أن لا ينقطع أجره أبدا عن عبدالله بن عبدالعزيز. نعم، ستبقى الشواهد لهذا الملك المبارك شواهد، بيد أن ميدان العدالة سيروي فيه التأريخ للملك العادل عبدالله أيده الله، مشروعا رائدا لتطوير مرفق القضاء، نعمنا فيه بأنظمة عدلية محدثة، ونهضة تجديدية شاملة، وكوادر بشرية مؤهلة، وما تلك إلا القطاف الأولى لحصاد يبشر بكل خير. وإن نعمة الأمن التي ينعم بها المواطن والمقيم لثمرة من ثمرات الوحدة والتوحيد، مصداقا لقول الله تعالى: (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون). في هذه الذكرى يرفرف المستقبل المشرق حاملا بإذن الله جل وعلا، ثم بجهود المخلصين بشائر الخير والنماء، والبذل والعطاء، للإنسان والمكان، بل وللعالم أجمع، بما يعزز تلك المسيرة المباركة، ويحقق الأماني والتطلعات، فلا حد للطموح، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وعضده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء المستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين (يحفظهم الله تعالى). * وكيل وزارة العدل -عضو المجلس الأعلى للقضاء-.