عادت منافسات الدوري الألماني قريرة العين بعد النتائج المثالية التي حققتها الأندية الألمانية في دوري أبطال أوروبا على حساب الإنجليز ملوك سوق الانتقالات بدون منازع فخلال ثلاث مواجهات ألمانية – إنجليزية كانت الحصيلة نقطة واحدة بطعم الخسارة لبلاد الضباب. تاريخ كبير بين الكرتين الألمانية والإنجليزية، وحرب ضروس امتدت منذ ما قبل منتصف القرن الماضي تقريبا، حيث باتت أي موقعة بين منتخبين أو فريقين ينتميان إلى البلدين المذكورين بمثابة معركة لا يمكن التنبؤ بما ستفرزه بالنظر إلى حدة المنافسة، لا بل العداوة القائمة. الكرة الألمانية متفوقة بأشواط على نظيرتها الإنجليزية على الساحتين العالمية والأوروبية، وتحديدا على صعيد المنتخبات الوطنية فلا مجال للمقارنة أبدا. صحيح أن الإنجليز عاشوا أسعد أيامهم قبل 48 عاما يوم هزموا الألمان في ذاك المونديال الذي استضافوه عام 1966، لكن رجال «المانشافت» محوا بعدها أي منافسة أو مقارنة تجمعهم بالإنجليز، إذ في 22 بطولة بين المونديال وكأس أوروبا، بلغوا الدور نصف النهائي 17 مرة، والمباراة النهائية 12 مرة، ورفعوا 6 كؤوس. أما إنجلترا، ومنذ المونديال الستيني، فقد توقفت أفضل نتائجها عند العتبة الألمانية تحديدا، إذ في أفضل نتيجتين لها بعد إحرازها كأس العالم للمرة الوحيدة في تاريخها، خرجت أمام ألمانيا في نصف نهائي مونديال 1990، وفي نصف نهائي «يورو 96» التي حلت ضيفة عليها. من هنا، ومع سقوط أي عنوان للمنافسة أو لعبارة الغريم بين البلدين، حيث تنتفي المقارنة بالنظر إلى التفوق الرهيب للألمان على الإنجليز، باتت الأندية الإنجليزية هي المتنفس الوحيد لبلاد «البريميير ليغ»، على اعتبار أن أندية إنجلترا حملت لقب دوري أبطال أوروبا في 12 مناسبة، بينما حملته أندية ألمانيا 7 مرات 5 منها لبايرن ميونيخ ولقب يتيم لكل من هامبورغ 1983 ودورتموند 1997. لذا، عشية ثلاثة لقاءات جمعت بين أندية إنجليزية وأخرى ألمانية في «التشامبيونز ليغ»، كان واضحا أن الإعلام الألماني لم يعد يرى الإنجليز منافسين حقيقيين للألمان. ففي نهاية المطاف، منتخب بلادهم بات بطلا للعالم للمرة الرابعة، بينما توالت الخيبات الإنجليزية على الساحة المونديالية. في المقابل، تمسكت إنجلترا بخيط أمل يحفظ لها ماء الوجه أمام «العدو الأزلي»، فكان هذا الأمل في أفضل الفرق، أي مانشستر سيتي بطل الموسم الماضي، وتشلسي المتصدر الحالي للدوري بالعلامة الكاملة بعد مرور 4 مراحل، وأرسنال المتجدد بنجومه المحليين والأجانب. لكن صفرا، كان عدد الانتصارات التي حققها الإنجليز في حضرة الألمان في الأمسيتين الأوروبيتين، لا بل إن التفوق الفني كان واضحا لبايرن ميونيخ أمام سيتي، ولبوروسيا دورتموند المنقوص من أبرز نجومه أمام أرسنال، بينما كانت الطامة الكبرى في خروج تشلسي من «ستامفورد بريدج» متعادلا مع شالكه، رغم أن الأخير يعيش فترة مضطربة، والدليل خروجه من كأس ألمانيا مبكرا أمام فريقٍ من الدرجة الثالثة، هو دينامو دريسدن. إذن، الإنجليز الذين صرفوا أكثر من مليار دولار في سوق الانتقالات الصيفية، بدأوا يفقدون السيطرة على آخر مجال يتفوقون فيه على الألمان الذين لم ينفقوا أكثر من 300 مليون دولار هذا الصيف. هم أصلا شعروا بهذا الأمر عندما لعب بايرن ودورتموند المباراة النهائية لدوري الأبطال في قلب العاصمة الإنجليزية لندن وملعبها التاريخي ويمبلي. لكن الأسوأ بالنسبة إليهم اليوم أنهم يصرفون هذه الأموال من دون أن يكون مردودها إيجابيا عليهم على صعيد الأندية أو حتى المنتخبات. وهنا التصويب على مسألة اكتظاظ الفرق الإنجليزية الكبرى بالأجانب، بحيث إن ثلث لاعبي «البريميير ليغ» فقط هم متاحون للانضمام إلى المنتخب الوطني، في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة الألمان في فرقهم أكثر من النصف (57 % تحديدا)، ما يجعل الخيارات أوسع بكثير أمام مدرب «المانشافت» يواكيم لوف. اليوم باتت «البوندسليغا» الأكثر متابعة بعد «البريميير ليغ» حول العالم، لكن أضعف الفرق الإنجليزية تحصل أموالا أكثر من أفضل الفرق الألمانية، من دون أن تعرف كيفية إدارتها بالشكل المناسب. مشهد وحيد يختصر كل الحكاية، وربما أعطى صورة واضحة لمستقبل أندية إنجلتراوألمانيا: حارس مرمى مانشستر سيتي جو هارت يبكي على كتف جيروم بواتنغ الذي احتضنه بايرن بعدما لفظته الملاعب الإنجليزية على اعتبار أنه دون مستوى بطولتها فكان قاتل بطلهم وفريقه السابق على أستاد «اليانز أرينا». @aalzein alzein_ali_72hotmail.com