•• سطوع إشراقة الدكتور سليمان عبدالقادر فقيه رحمه الله لم ولن تخفت.. وستظل تنير بإشعاعها الإنساني حنايا أهله وصحابته ومحبيه. •• أبو مازن وإن رحل عن دنيانا الفانية إلا أنه يظل في الوجدان باقيا بفضل وداعته وثبات الخير في يده ونواياه.. كان إذا شعر بآه خفيفة سكنت روحه المبادرة بشفائها في صمت يليق بتفرده وتميزه وترف ولعه بصهيل الخير الذي يستحق بهاء صفاء روحه. •• فسليمان فقيه الطبيب يمتلك مزية اكتناز الصمت والحكمة والتجربة والعمق.. مثله مثل الشجرة التي تكثر حلقات لحائها كلما كبرت. •• فعندما تمد يدك إليه.. تلقى يده ما زالت دافئة.. ما زال لها نقاء وجه البدوي ما زالت له عباءة حاتمية. •• دعوني، أيها الأحبة من أصدقائه المحبين، أروي لكم رواية حقيقية.. تجسد روح الخير.. هذه الرواية تخص الصديق الدكتور (أبا مازن) غفر الله له وأسكنه عرصات جناته إن شاء الله ولا يعرفها سوى صديقه وحبيبه أخي وشقيق روحي الأستاذ محمد صلاح الدين، وأخي الأستاذ سالم شكري رحمهما الله، والراوي. •• إنها رواية يقيني لم تكن الوحيدة في حياة رجل ديدنه السعي لطلب المثوبة.. جبل على الصمت فيما يقدمه.. هذا السمو في العطاء لا يعرفه سوى القلة من الرجال الرجال. •• مذ ثلاثة عقود استدعتني أمي فاطمة رحمها الله وطلبت مني أن أتفقد صديقه لها مسنة تعاني من عقوق أبنائها قبحهم الله والذين ما زالوا على قيد الحياة حتى اللحظة.. وكان معي الصديق سالم شكري رحمه الله فعرضت عليه مرافقتي خوفا من أن أتعرض لإساءة من أحد أبنائها العاقين.. وبالفعل توجهنا للمنزل وأحمد الله تعالى لم يتواجد أحد منهم.. وطلبنا الاطمئنان عليها.. فوجدناها في حالة صحية سيئة للغاية.. وحالة نفسية أكثر سوءا. •• فما أن علمت زوجة ابنها الأكبر باسمي وأنني موصى من أمي رحمها الله حتى طارت من الفرح وكأني المنقذ لها.. وطلبت على التو المساعدة في نقلها إلى مستشفى كان الأقرب إلى منزلها.. ذلك أن زوجها اضطر للسفر إلى ينبع لأمر طارئ.. وبالطبع لم تكن صادقة.. ولسوء الحظ أن صاحب المستشفى صديق الطرفين من بعد.. واتفقنا (أنا والمرحوم سالم) على نقلها بعد أن استدعينا إسعاف الطوارئ.. وتم إدخالها على مسؤوليتنا.. وطلبنا مقابلة الطبيب المالك وشرحنا له الحالة.. فوعد بأن يوليها جل اهتمامه.. لكن الأخ سالم وبشجاعته ومبادراته المعروفة عنه قال للطبيب المالك: «سنتكفل بدفع نصف تكاليفها ونطلب منكم النصف المتبقي، وبذلك نتقاسم المثوبة والأجر»، فابتسم ابتسامة صفراء وأعلن موافقته.. ولكنها كانت موافقة غير صادقة وقد صدرت منه على مضض. •• بعد أقل من (48 ساعة)، تحديدا، وإذا بإدارة المستشفى تطلب منا الحضور الفوري لاستلام المريضة.. ذلك أنها تسببت في إزعاج المرضى.. وفهمت من المكالمة الهاتفية أن إجراءات الخروج قد تمت وأنها في الطوارئ، وأن صاحب المستشفى خارج المملكة وقد تكفل بتكاليف الليلتين كاملة وأمر بإخراجها.. وأنهم لا يتحملون أدنى مسؤولية في بقائها مطلقا. •• اتصلت على الفور بالأخ سالم رحمه الله والتقينا معا في الطوارئ.. فأشار علي بالاتصال بالدكتور سليمان غفر الله له وبالفعل تمت مخابرته هاتفيا وشرحت الحالة والموقف معا.. رحب ترحيبا أثلج صدري، وقال رحمه الله سيحضر إليك الإسعاف فورا، أدخلها الطوارئ وتفضل إلى مكتبي فلك مفاجأة ستسرك.. وبالفعل تمت الإجراءات بسرعة فائقة.. وتوجهت أنا والأخ سالم إلى مكتبه.. وبالفعل كانت مفاجأة سارة ومفرحة للغاية.. لقد كان بجواره أخي وأستاذي محمد صلاح الدين أفاء الله عليه بواسع رحمته عندما عرف بتفاصيل المخابرة فضل البقاء. •• هذا الفضل الجميل الذي قدمه الدكتور سليمان يعتبر رصيدا أفضل من كل أرصدة الدنيا وبنوكها.. لقد تكفل سلمان رحمه الله بكافة التكاليف مهما بلغت.. وظلت رحمها الله في رعايته وعنايته أكثر من شهر ثم اختارها الله ونقلت إلى مثواها الأخير في مقابر أمنا حواء. •• يا الله ما أجملك وما أروعك يا دكتور سليمان. •• اللهم ارحمه رحمة واسعة.. وأنزل عليه شآبيب غفرانك «إنا لله وإنا إليه راجعون».