إن القرار الذي اتخذته مؤسسة النقد كان صائبا و في محله إلا أنه جاء متأخرا. والغرض من هذا القرار هو تجميد الحسابات البنكية للعمالة الوافدة ممن مبالغ تحويلاتهم تزيد عن أجور المهن التي يمارسونها قانونيا. والغرض من تجميد هذه الحسابات هو التأكد من أن العمالة الوافدة تمارس المهن التي قانونيا جاءوا من أجلها وأيضا لمراقبة حجم المبالغ التي تقوم بتحويلها هذه العمالة لخارج المملكة. إن هذه الممارسات أصبحت تشكل ظاهرة منتشرة والسبب يكمن في أن الكثير من العمالة الوافدة غادروا بلادهم وقطعوا مسافات طويلة تاركين أسرا يعولونهم من أجل البحث عن فرص عمل أفضل ولكي يحققوا حياة كريمة لأسرهم عندما يعودن لأوطانهم، ونظرا لأن الكثير من الكفلاء هم من ذوي الإيرادات المحدودة والمتوسطة فإنهم يجدون أنفسهم مضطرين لممارسات تخترق الأنظمة والقوانين المعمول بها في المملكة. إن هذا الإجراء الذي اتخذته مؤسسة النقد أو غيره لن يجدى نفعا على المدى الطويل لأن العامل الوافد أو كفيله سيجدون الأساليب التي ستمكنهم من التحايل لاختراق القوانين لممارسة المهن التي هي خارج نطاق العمل المسجل في وثيقة بطاقة الإقامة والذي تم الاتفاق عليه في بنود العقد. على أية حال، للتعامل مع مثل هذه الظاهرة وربما القضاء عليها بالإمكان اتخاذ بعض الإجراءات التي من شأنها جعل هذه الممارسات قانونية، على سبيل المثال: أولا من الأفضل اعتماد الصفة القانونية للمهن التي تمارسها العمالة الوافدة خارج نطاق عملهم. ثانيا: اعتبار ممارسة مهن خارج نطاق عمل العمالة الوافدة بمثابة استثمار خارجي للمؤسسات الصغيرة. ثالثا: أسوة بنظام الاستثمار الخارجي للمؤسسات والشركات الكبيرة فإنه يتم وضع اللوائح والقوانين التي من شأنها تنظيم الاستثمار في ممارسة مهن العمالة الوافدة خارج نطاق عملها، على سبيل المثال العامل الوافد يصبح شريكا مع وكيله بنسبة مابين [10 20]% أو نسبة تحددها جهة تابعة إما للهيئة العليا للاستثمار أو لوزارة التجارة. لايحق للعامل الوافد تحويل أكثر من 50% من الإيرادات التي يجنيها من مشاركته مع كفيله، وبالتالي فإنه سيضطر لضخ النصف الآخر من إيراداته. إما لتوسعة المشروع مع كفيله أو في اقتصادنا المحلي من خلال شراء السلع. بهكذا إجراءات ليس فقط يمكننا القضاء على هذه الظاهرة، بل ونحمي اقتصادنا ونعززه. * استشاري وكاتب اقتصادي