أكدت وزارة الخدمة المدنية خلال الفترة السابقة أن عدد المتقدمات على وظائف المفاضلة التعليمية النسوية التي سبق وأعلنتها بلغ 74 ألفا يحملن الشهادة الجامعية في التخصصات النظرية أو العلمية تقدمن على 3813 وظيفة، والحقيقة أن هذا الرقم مرعب ومخيف ويبعث على عدة تساؤلات واستفهامات ودهشة واستغراب نبعثها لعدة جهات حكومية لها علاقة وثيقة بهذا الأمر الهام والحساس الذي يتعلق بإيجاد مورد رزق مناسب لكل مواطن ومواطنة في بلادنا الحبيبة، وفي طليعة هذه التساؤلات تساؤل ضخم عن كيفية وجود أكثر من 70 ألف مواطنة بلا عمل، وتقدمن جميعا على هذا العدد اليسير من الوظائف مقارنة بعددهن الكلي الضخم، ولو تم توظيف العدد المستهدف في الإعلان الوظيفي فأين ستذهب بقية المتقدمات للوظائف التعليمية اللاتي يفوق عددهن 60 ألف متقدمة؟ وأين دور وزارة التخطيط تجاه هذا الأمر بدءا من القبول بالجامعات ومرورا باحتياج سوق العمل وصولا إلى المساهمة لإيجاد حل للمشكلة؟ وأين دور وزارة الخدمة المدنية؟ هل انتهى واجبها تجاه مئات الآلاف من المواطنين والمواطنات بتلقي الاحتياج ثم إعلانه؟ ألا يوجد لديها فرضيات أو آليات تقترحها على الوزارات المعنية بالاحتياج لتساهم في العلاج؟ وهل وزارة التربية والتعليم وهي المعنية الأولى بين الوزارات في توظيف خريجي وخريجات الجامعات المهيئين للوظائف التعليمية النظرية أو العلمية لا تزال تحتج بأن احتياجها السنوي محدد ولا تستطيع طلب إحداث أكثر من حاجتها الفعلية؟! وهل حاولت الوزارة بحث آلية تعالج بها هذه المعضلة أو العقبة الكؤود تحتوي بها هذه الآلاف من المتقدمين والمتقدمات؟ تساؤلات كثيرة تطرح وأذكر أن بعض الكتاب وبعض المختصين بهذا الشأن سبق وطرحوا بعض الحلول لذلك، منها على سبيل المثال السماح بتقاعد المعلمة بعد نصف الخدمة براتب كامل تقديرا لظروفها الاجتماعية وإتاحة الفرصة لغيرها من المتقدمات، وأذكر أيضا أن البعض اقترح أن يخفف العبء الدراسي على المعلم والمعلمة إلى النصف مع إحداث وظائف تعليمية لتعيين هذه الأعداد عليها، إلى غير ذلك من الحلول المقترحة من ذوي الاختصاص، التي لم نر منها أي شيء تم تنفيذه، والنتيجة أن يتقدم أكثر من سبعين ألف مواطنة جامعية مؤهلة على 3813 وظيفة فقط. وما ينطبق على المتقدمات لهذه الوظائف ينطبق أيضا مع فارق الأرقام على المتقدمين من المواطنين على الوظائف التعليمية، والحال ذاته ينطبق على آلاف المتقدمين والمتقدمات على الوظائف الإدارية الذين طال انتظار بعضهم لسنوات، بل حتى الوظائف العسكرية للأفراد تعلن باحتياج معين ويقبل لها عدد محدد ويتقدم عليها آلاف الشباب، أغلبهم يحملون الشهادة الجامعية والثانوية والذين ما زلت أجهل لماذا لا يتم احتواؤهم بالمجال العسكري خدمة لدينهم ووطنهم!! وبات من الواضح جدا أن لدينا مشكلة عصية متشعبة في التخطيط والاحتياج والتوظيف لم تفلح معها الجهود والأنظمة الحالية، بل تحتاج إلى علاج جذري وحل عاجل لها من قبل المسؤولين في هذه الجهات لاحتواء هذه الثروة الوطنية من المواطنين والمواطنات الذين يرغبون في خدمة وطنهم المعطاء.