بين دعوات تطوير الصحة عالميا ومحليا، والنقلة النوعية في الأبحاث الطبية والمراكز المتخصصة ما زال العطارون يصارعون الزمن لانتزاع «زبائنهم» من المستشفيات المتخصصة، هي مهنة خبا سوقها بعض الشيء لكنها ما زالت محتفظة بأصالتها وعراقتها برغم الرقابة الصارمة عليها والملاحقة اليومية لتجارها وباعتها ومحلاتها من جهات الاختصاص، وما زاد الأمر عجبا هو دخول بعض المتخصصين إلى المهنة، حيث أصبحت مهنة للبيع لا أكثر ولا أقل، على الرغم أن العطارة تدرج اليوم تحت مسمى الطب البديل أو طب الأعشاب، إلا أنها كانت أصلا طبيا قديما تتوارثها الأجيال والأحفاد تحت مسمى «ابن الوز عوام»، وذلك من خلال سلسلة من التجارب يتعلمها الابن من أبيه أو جده، وكانوا يسمون من يزاولون مهنة العطارة بالعطار أو الحواج. من باكستان «عكاظ الأسبوعية» التقت بأحد العطارين في جنوبجدة، هو باكستاني الجنسية، اسمه محمد عارف.. يقول: إن مهنة العطارة منتشرة في باكستان بشكل أكبر مما عليه في السعودية، حيث إن قلة ذات اليد والوضع المادي يجعل المرضى يلجؤون للعطار أكثر من المستشفيات، وأنه منذ الصغر لازم والده في باكستان حيث تتلمذ على يديه وتعرف على كثير أسرار من مهنة العطارة وهي في الأصل استخدام بعض الأعشاب والمساحيق النباتية الجافة في التداوي والعلاج. إلى النت والتجميل يضيف عارف «جئت إلى السعودية لمواصلة العمل في مهنة العطارة، وهنا تبدو المهنة أكثر نظاما ودقة وترتيبا والبائع تحت الملاحظة ويكون حريصا على أداء مهنته بأمانة»، ويروي أن مهنة العطارة أصبحت من تراث الماضي؛ نظرا لتطور الطب وعدم حاجة الناس إلى مثل هذه الأعشاب، ويزيد أن العطار قديما كان بمثابة الصيدلي وينافس الحكيم في بعض الأحيان، حيث يصف الأعشاب والمواد الطبية لكثير من الأمراض من الحمى والأمراض الباطنية بالإضافة لعلاج أي وباء يحل بالناس وقتذاك، ومحلات العطارة لا تقتصر على تسويق الأعشاب والبذور بل أنها باتت تبيع الحناء وبعض البذور التي تستخدم في الأطعمة أو المسك والبخور. ويروي عارف بأن والده كان يبيع قديما حبوب نبات الكزبرة لعلاج مرضى المغص والاضطرابات الهضمية، ولا يتوقف العطار عند سقف محدد، حيث يعمل بعض أصحابها على ملاحقة التطور بإنشاء مواقع إلكترونية في الوسائط الاجتماعية والحاسوبية والدخول إلى عالم التجميل.