شهد المسجد الحرام في الثلث الثاني من عام 1432ه، وتحديدا في شهر مضان أكبر توسعة للحرم المكي الشريف على مر الزمان أسس لها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وتعتبر أضخم توسعة في تاريخ الحرمين الشريفين وتأتي استكمالا لما بدأه المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن. ويهدف المشروع لتطوير مختلف النواحي العمرانية والفنية والأمنية، ولضخامته وتنوع أبعاده، تم تقسيمه إلى ثلاثة أقسام، الأول يهدف لتوسعة مبنى الحرم المكي بقصد استيعاب أكبر عدد ممكن من المصلين لتصل طاقته الاستيعابية بموجبها إلى مليوني مصل في وقت واحد مع نهاية أعمال المشروع، الثاني يهدف لتوسعة وتطوير الساحات الخارجية للحرم المكي وتضم دورات مياه وممرات وأنفاقا ومرافق أخرى مساندة بهدف تسهيل دخول وخروج المصلين وزوار بيت الله الحرام، ويهدف القسم الثالث لتطوير منطقة الخدمات التي تعد إحدى أهم المرافق المساندة وتشمل محطات تكييف وكهرباء ومياه وغيرها من المحطات التي تقدم الدعم لمنطقة الحرم. مراحل تنفيذ التوسعة تم تصميم مشروع التوسعة الجديدة للساحات الشمالية للمسجد الحرام على شكل نصف دائرة بمساحة 356 ألف متر مربع، وهو ما يفوق مساحة التوسعات السابقة للمسجد الحرام بمرة ونصف، إذ تقدر ب152 ألف متر مربع، ومر المشروع منذ ذلك الوقت إلى الوقت الحالي، بعدة مراحل وفق ما خطط ورسم لها، وانطلق من حدود الجهة الشمالية للمسجد الحرام وتضم أجزاء من الأحياء القديمة المحاذية للحرم من ذات الجهة مثل بعض الأجزاء من أحياء المدعى والشامية والقرارة، إضافة للمنطقة الممتدة من حي المدعى في الشمال الشرقي من المسجد الحرام إلى حي الشامية وحارة الباب في الجزء الشمالي الغربي من الحرم. وبدأت التوسعة من شارع المسجد الحرام شرقا وتتجه على شكل هلال حتى شارع خالد بن الوليد غربا في الشبيكة، إضافة لشارع المدعى وأبي سفيان والراقوبة، وعبدالله بن الزبير في الشامية، وجزء من جبل هندي حتى شارع جبل الكعبة. مرافق التوسعة ويتكون مشروع توسعة المسجد الحرام من بدروم وأربعة طوابق متكررة في كل دور دورات مياه، وتأتي خلف المسعى الجديد ثلاث ساحات متدرجة لتحقيق التسوية مع الجبال المقابلة للتوسعة، وهي في اتجاه دائري موجهة للكعبة المشرفة وأسفل هذه الساحات أدوار أرضية للخدمات مثل مراكز الشرطة والدفاع المدني والإسعاف والمراقبة الأمنية ودورات مياه ضخمة. كما يحتوي المشروع على بوابة الملك عبدالله بن عبدالعزيز من الجهة الشمالية، وهي بوابة ضخمة وعملاقة ترتفع عليها مئذنتان بنفس التصاميم المعمولة في الحرم من أعمدة وأقواس وطراز إسلامي. نظم كهربائية وميكانيكية من جانبه قال الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس «روعيت في هذه التوسعة متطلبات الرئاسة والجهات الأمنية وتحتوي على أحدث وأرقى النظم الكهربائية والميكانيكية، وستكون مشابهة للطراز المعماري الحالي للمسجد الحرام، وخصصت فيها مكاتب ومرافق لإدارات الرئاسة»، مشيرا إلى أن التوسعة ستلبي كافة الاحتياجات والتجهيزات والخدمات التي يتطلبها الزائر مثل نوافير الشرب، الأنظمة الحديثة للتخلص من النفايات، أنظمة المراقبة الأمنية، مبينا أن هذه التوسعة ترتبط بالتوسعة السعودية الأولى والمسعى بواسطة جسور متعددة لإيجاد التواصل الحركي المأمون، مؤكدا أن التوسعة ستؤمن منظومة متكاملة من عناصر الحركة الرأسية، وتشمل سلالم متحركة وثابتة، ومصاعد روعيت فيها أدق معايير الاستدامة من خلال توفير استهلاك الطاقة والموارد الطبيعية. وبين السديس أن التوسعة ركزت على الالتزام بأعلى معايير الأمن وأدق نظم السلامة، وتسهيل أداء الصلاة وشعائر العمرة على أكمل وجه، المحافظة على نظافة المسجد الحرام وصيانته من الأتربة والغبار. إلى ذلك تسارعت وتيرة العمل في مشروع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لتوسعة الحرم المكي الشريف، واتضحت أولى معالم هذه التوسعة التاريخية للحرم، وكشفت ل «عكاظ» مصادر مطلعة أن أعمال التوسعة وصلت إلى مراحل متقدمة من التنفيذ، وأن الرئاسة ضاعفت جهودها بالتنسيق مع المجموعة المنفذة لمضاعفة الإنتاجية اليومية لإنجاز المشاريع، مشيرة إلى أن المشروع يتكون من 6 مكونات رئيسية، فبالإضافة لمبنى التوسعة الرئيسي هناك الساحات الخارجية، الجسور، مبنى المصاطب، ممرات المشاة، مبنى الخدمات ومحطات التكييف والتوليد الاحتياطية. وقالت المصادر «روعي في تنفيذ المشروع التقنيات الحديثة لتأمين راحة وسلامة الحجاج والمعتمرين ووصولهم بيسر وسهولة إلى الحرم المكي، ولضمان تسهيل حركة المصلين بانسيابية تمت إضافة عدد من الجسور تربط بين المصاطب الشمالية والمبنى الحالي للحرم المكي الشريف، مخترقة مبنى التوسعة بجميع مناسيبه مع تهيئة الساحات الخارجية بين مبنى التوسعة والمصاطب الشمالية لتستوعب أعدادا متزايدة من المصلين، وتزدان هذه المنظومة العمرانية بمظلات آلية الفتح والإغلاق وذلك لحماية المصلين من أشعة الشمس والأمطار، فيما توجد أسفل الساحات دورات مياه ومواضئ، وشكلت المصاطب الشمالية نسب مستويات متدرجة تتماشى مع الطبيعة الجغرافية للجبال المحيطة يستعمل سطحها ساحات إضافة إلى الصلاة بإطلالة مميزة». وبينت المصادر أنه لتسهيل حركة الدخول والخروج من التوسعة، يخترق مبنى المصاطب الخط الدائري الأول من الشرق إلى الغرب، إضافة لتوفير ممرات مميزة من الساحات أسفل المصاطب بالمناطق الشمالية للمسجد الحرام، اختراق مبنى المصاطب نفق خدمات يرتبط بالمحطة المركزية للحرم المكي. يذكر أن الساحات الجديدة للمسجد الحرام بدأت تتجلى معالمها بوضوح بعد إزالة 90 في المائة من العقارات الواقعة شمال وشمال غرب بيت الله العتيق، لإنجاز أكبر توسعة للمسجد الحرام وبتكلفة تفوق 80 مليار ريال، وبدأت تظهر إطلالة فريدة للحرم المكي، ويشمل المشروع ساحات شمالية جديدة للحرم بعمق 380 مترا وأنفاقا للمشاة ومحطة للخدمات بمساحة ثلاثمائة ألف متر مسطح يدخل الحرم المكي الشريف مرحلة تاريخية جديدة في أعمال توسعته.