إذا كان التستر يعني تمكين العامل الأجنبي من ممارسة نشاط محظور على غير السعودي، أيا كان نوع ذلك النشاط، وما دام كل ذلك معلوما ولا يخفى على المتستر فهنالك أسئلة حائرة تتبادر إلى الأذهان، منها لماذا الأجنبي يتمكن من مزاولة ما هو ممنوع ومحظور عليه ؟ ولماذا أقدم المتستر على هذا التصرف وهو يعلم تمام العلم أن التستر عائق خطير يعترض طريق النمو الاقتصادي وتطوره ؟ الإجابة واضحة ولا تحتاج لكبير عناء، لأن المقصود من تلك العملية غير القانونية الكسب غير المشروع ولو لزم لتحقيقه تجاهل الممنوع وتطويع المحظور، الذي يمثل أهم مكونات الاقتصاد الخفي، الذي يؤدي إلى نمو الأنشطة الخفية إيذانا بتفشي الجريمة وتنامي دائرة الفساد والمفسدين. إن التستر أصبح ظاهرة تدعو للقلق ويتزامن نموها مع مظاهر التوسع في مجال النشاط الاقتصادي والتجاري والخدمي، بالإضافة إلى اتساع رقعة العمران وتترتب على ظاهرة التستر سلبيات في غاية الخطورة تتمثل في زيادة حالات الغش ومزاولة أنشطة غير مشروعة، تجر إلى المجتمع مخاطر أمنية واجتماعية لا تليق به. كما أنها تسهم في زيادة عدد المخالفين لنظام الإقامة والخارجين على سياسة الدولة وتشجع على تفاقم أعداد الوافدين الذين يعتبر وجودهم تيسيرا لتفشي الفوضى وتزيد من نسبة البطالة في السعودية. فانتشار هذه النوعية يكون ضررها أكبر من نفعها، وتمثل تلك الأضرار في زيادة الإنفاق على المرافق الخدمية (الصحية والتعليمية وغيرها) فمن المؤكد أن هذه السلبيات تعود لرغبة المواطن المتستر في الحصول السهل على المال من أيسر الطرق، وهو يدري أو لا يدري أنه يشارك بقوة وفعالية في تلك الظاهرة ويسهم بطريقة أو بأخرى في إضافة مخالف جديد للقائمة التي تضم في الأساس أكثر من 2.3 مليون مخالف، يمثلون 27في المائة من إجمالي العمالة النظامية ويتقاضون مرتبات تصل إلى (4.5 مليار ريال) فلك أن تتخيل أن 30 في المائة من العمالة النظامية تعمل لحسابها الخاص تحت مظلة التستر التجاري، التي يفردها عليهم مواطن يدعي أنه محب لوطنه وغيور على مصالحه العليا، بينما ينخر في جذور اقتصاد وطنه ولا يعنيه ما يحدق به من مخاطر بسبب تستره وحمايته لأجنبي يحلل له الحرام ويمكنه من ممارسة المحظور. لذا نقول: إن غياب الضمير الحي وضعف الوازع الوطني لدى هؤلاء المتسترين يجب إصلاحه وإعادة القيم المتسللة إلى نصابها، وذلك بدعم شعبي يساند الجهد الرسمي من وزارة التجارة، حتى لا يكون السكوت مشاركة في هذا الخطأ الجسيم. ولمحاربة مثل هذه الظاهرة ينبغي تكثيف الجهود وتكاتف الأيدي بين الجهات المعنية لإنجاح مساعي الدولة المتمثلة في تطبيق اللائحة التنفيذية لمكافحة التستر بالتعاون لتنفيذ موادها وبنودها. ولن يعجزنا تحجيمها بل واستئصالها نهائيا إذا أدركنا حجم المشكلة، فأقل ما يمكن عمله التبليغ الفوري عند ملاحظة أو اكتشاف أي نشاط يعمل تحت مظلة التستر وهذا ما تتوقعه وزارة التجارة ووزارة العمل ووزارة الداخلية من كل مواطن عاشق لتراب هذا الوطن الغالي. فالوزارات تعمل في هذا الصدد بمهنية عالية وخطط مدروسة، ينفذها مفتشون مخلصون ومؤهلون للقيام بجولات تفتيش ميدانية على المحلات لضبط مخالفات التستر، وذلك أثناء وقت الدوام الرسمي وربما خارج الدوام إذا لزم الأمر. إن ظاهرة التستر أخطر مما يتصور البعض فقد تكون وسائل الكسب (غير مشروعة) مما يضاعف حوادث التهريب المرتبطة بتهريب السلع والممنوعات، وبالتهاون في مواجهة حالات التهريب تتولد جرائم تؤثر على الوضع الأمني والاجتماعي في الوطن سلمه الله. ومن تلك الجرائم (السرقات والاختلاسات والقضايا الأخلاقية) وسيغري هذا الوضع حتى العمالة النظامية للهروب والانخراط في أنشطة الاقتصاد الخفي، مما يؤثر على أداء سوق العمل نتيجة لشح الأيدي العاملة. لذا علينا أن نعي ونقدر حجم خطر التستر كهوة للإجرام يجب ردمها، وبوابة للفساد يجب إغلاقها وإلى الأبد. كما أن شهر رمضان الكريم على الأبواب فالتستر على الخدمات والعمالة لاستغلالهم في هذا الشهر الكريم يعتبر جرما في حق البشرية. لؤي بن بكر الطيار