ارتفاع معدلات الحوادث السنوية، وفق الإحصاءات الصادرة عن الإدارة العامة للمرور تضعنا أمام كارثة كبرى يجب أن نتحرك جميعا للتصدي لها وإيقاف نزيف الدماء الذي يغتال شبابنا وينجم عنه ما تم في المنازل وإعاقات في المستشفيات. هذا الحديث قد لا يروق للبعض؛ لاسيما من فئات عابثة بالأنظمة والتعليمات وتجدهم يحاربون ساهر ويتعمدون السرعة ويعتبرونها نوعا من الهواية بلا مبالاة. الكارثة أن ضحايا حوادث المرور باتت تفوق ضحايا الحروب الأهلية ولا تقل خطورة عن الإرهاب الإجرامي المنظم، حيث إن عدد ضحايا حوادث الطرق عام 2011م، بلغ أكثر من 7153 شخصا، وهو رقم يفوق عدد ضحايا العنف في العراق للعام نفسه، والذي بلغ نحو 4200 شخص، وهو أعلى من عدد ضحايا حرب الخليج، والذي بلغ 5200 شخص فقط، وتجاوزت الحوادث في العقدين الماضيين أكثر من 86 ألف شخص، وفاقت عدد ضحايا حروب الأرجنتين، وحرب الصحراء الغربية، وحرب الهند وباكستان، وحرب الخليج، وحرب نيبال الأهلية، وحرب استقلال كرواتيا التي بلغ مجموع ضحاياها 82 ألف شخص. الأرقام في ازدياد، ومن المتوقع أن يصل عام 2019 إلى 9600 شخص في العام. وعندما نعود إلى تقارير منظمة الصحة العالمية التي أشارت فيه في العام 2012م إلى أن الوفيات جراء الحوادث المرورية تجاوزت مليونا ونصف المليون إنسان، وأنها مرشحة للزيادة بحلول عام 2020م لتصل إلى قرابة مليوني حالة وفاة، وأشارت في العام 2007م إلى أن معدلات الوفيات لحوادث السيارات في المملكة تعتبر الأعلى إقليميا وعالميا، وأن المملكة تصنف عالميا الأقل تطبيقا لأنظمة المرور مقارنة بالبلاد العربية والعالمية، وهذا ما يفسر أسباب ارتفاع نسبة الوفيات. الإحصائيات تشير إلى أن المملكة تحتل المركز الأول عالميا في عدد حوادث الطرق، إذ إن معدل الوفيات في حوادث الطرق 17 شخصا يوميا، أي شخص كل 40 دقيقة، وعدد المصابين أكثر من 68 ألفا سنويا، وزادت الخسائر المادية على 13 مليار ريال في السنة. ولو تتبعنا منحنى إحصائيات الحوادث المرورية لدينا لوجدناها في صعود وتسارع وهذه الأزمة تتسبب في إشغال الأسرة في المستشفيات بمصابي الحوادث بنسبة بلغت 30 %، وتلك هي مأساة حقيقية ولا بد أن ندرك خطر الحوادث قبل وقوعها كونها تحولت إلى وباء يجب استئصاله وتسخير كل الإمكانيات والطاقات للقضاء عليها لحماية الأرواح والممتلكات إلى جانب إعادة النظر في تقييم أداء بعض مواد نظام المرور الصادر ولائحته التنفيذية وتفعيل القرارات الصادرة لإنشاء المحاكم المرورية وتطبيق العقوبات للحد من تلك النسب المخيفة.