سرني جدا النجاح الباهر الذي حققه، أخيرا، الدكتور أحمد الفريان الذي قاد فريقا طبيا من استشاري جراحة المخ والأعصاب والتخدير لإتمام فصل التوأم السيامي رنا ورنيم اللتين ولدتا ملتصقتين في منطقة الرأس في عملية جراحية مرت بثماني مراحل استغرقت ثماني عشرة ساعة من العمل المضني، وهي أول عملية فصل لتوأم سيامي تجري في بلادنا بهذا المستوى من الخطورة والدقة؛ لأن جميع الحالات التي تم فصلها من قبل كانت مناطق الالتصاق منها في أجزاء أخرى من جسد التوأم غير الرأس، فكان الفصل أسهل والنجاح أكبر، أما العملية الأخيرة فإنها خطيرة جدا ولا تحتمل أي خطأ بسيط، وأذكر أن عملية مماثلة أجريت في سنغافورة لتوأم إيراني هما فتاتان عاشتا سنوات برأسين ملتصقين، وشارك في عملية الفصل أطباء كبار من سنغافورة ودول أخرى، ولكن العملية انتهت بمأساة تمثلت في وفاة التوأم الإيراني، ولذلك فإن إقدام الفريق الطبي السعودي بقيادة الدكتور الفريان على عملية فصل التوأم رنا ورنيم، هذا الإقدام يدل على ثقة بالنفس، وعلى مدى التطور الطبي الذي حصل في مستشفى الحرس الوطني الذي أجريت فيه عملية الفصل، وعلى مدى كفاءة الفريق الطبي الذي أجرى العملية بنجاح تام. وقد أعجبني الموقف النبيل الذي وقفه رائد عمليات فصل التوائم الدكتور عبدالله الربيعة المستشار بالديوان الملكي الذي سارع إلى تهنئة الدكتور الفريان وفريقه الطبي على نجاحهم في فصل التوأم رنا ورنيم؛ لأن التهنئة من معاليه بصفة خاصة، وهو الأستاذ والرائد لها معنى خاص يدفع الفريق الطبي وقائده إلى المزيد من الإبداع والعطاء في هذا النوع من العمليات، إضافة إلى عطائهم اليومي في ما يعرض على كل واحد منهم من حالات مرضية يقتضي علاجها تدخل جراحي، ولا سيما التي لها علاقة بجراحة المخ والأعصاب والفقرات القطنية المغلفة للنخاع الشوكي. وما أرجوه باعتباري مواطنا يفرح بالنابهين من أبناء الوطن في مجال الطب وغيره من المجالات أن يستمر كل طبيب نابه في مجال عمله الطبي؛ لأن فنهم ومجالهم الأساسي هو الطب والعلاج، وأعظم الأطباء في العالم لم يتطلع أي منهم إلى كرسي، بل ظلوا يبدعون في مجالهم، فأصبح لبعضهم أسماء لامعة على مستوى العالم تفوق في لمعانها أسماء رؤساء الوزارات في بعض الدول، وقد أثبتت التجارب أن وزارة الصحة نفسها لا تحتاج إلا لإداري قوي ذي أفق وضاء وعقل متوقد يستطيع من خلاله الاستعانة بكبريات المؤسسات الطبية في العالم وبأشهر الأطباء في تطوير الوضع الصحي في وطنه.