دعت الجمعية التعاونية للثروة الحيوانية بمنطقة الرياض وزارتي الصحة والزراعة إلى تشكيل فريق عاجل يتكون من باحثين متخصصين في مجال الفيروسات والأمراض المشتركة بين الإنسان والحيوان للوقوف على البراري والحظائر وأسواق الإبل والمربين والرعاة لتحليل دمائهم للبحث عن الفيروس والتأكد هل انتقل من الإبل للبشر أو العكس؟ كما أن هناك احتمالا بعدم إمكانية انتقال فيروس الجمال إلى الإنسان كما حدث مع القطط في أمريكا!. هذا البيان الذي يدافع عن حق البعير المحلي في الحصول على نفس حقوق (القطو) الأمريكي يقدم صورة مصغرة للفائدة التي يمكن أن تتحقق من انتشار مؤسسات المجتمع المدني وفي طليعتها جمعيات أصحاب المهن والاهتمامات المشتركة، فطوال الفترة الماضية التي سيطر فيها الخوف من انتشار فيروس كورونا حذرت وزارة الصحة بصيغ مختلفة من مخالطة الإبل وأكل لحومها وشرب ألبانها ونشطت أمانات المدن في إزالة حظائر أصحاب الإبل ولكن الإصابات توالت وكانت العدوى تنتشر في الغالب عبر مستشفيات وزارة الصحة وليس عبر حظائر الإبل. ولم يكن ثمة فرصة لسماع وجهة نظر (أصحاب الإبل) أو التنسيق معهم لسببين: الأول أنه في حالات الهلع والخوف على صحة البشر تتراجع أهمية أي حيوان إلى الصفر، والثاني: محدودية المؤسسات والجمعيات التي تمثل ملاك الإبل ومربي المواشي، والسبب الثاني بالذات (غياب أو ضعف مؤسسات المجتمع المدني) هو الذي دفع أصحاب الإبل وعشاقها إلى تصوير أنفسهم وهم يقبلون نياقهم (على الشفايف) ثم نشر هذه القبلات الساخنة على شبكة الإنترنت وهي الظاهرة التي حاولت أن تفهمها جريدة الواشنطن بوست حين نشرت صورا لهؤلاء العشاق تحت عنوان: (لماذا يقبل السعوديون جمالهم؟). وإذا كان البعض يظن أن ملاك الإبل هم أولئك الذين يتلاعبون بملايين الريالات في مهرجانات المزايين فهم واهمون، فالغالبية العظمى من أصحاب الإبل يكافحون من أجل رعاية إبلهم وفقا لنظرية (راعي الإبل قوي)، أي أنه يجب أن يكون مستعدا لكل الظروف كي يكون جديرا بهذه المهمة الشاقة، ومن هذه الظروف الشاقة بالطبع ما يثار حول علاقتها بفيروس كورونا وهو اتهام علمي لا يحتمل مواجهته بالقبلات الساخنة بل بالتعاون والتنسيق مع أهل الاختصاص وهذا ما لا يمكن تحقيقه بطريقة عفوية أو عشوائية بل عبر تكامل مؤسسات المجتمع المدني. بالأمس مثلا كشفت الدكتوره ابتسام التميمي مديرة الوحدة الصحية المدرسية السادسة في الرياض عن تمكن فريق من باحثي الوزارة بالتعاون مع جامعة كولمبيا الأمريكية ومختبرات ايكولاب الصحية في الولاياتالمتحدة من عزل فيروس كورونا في خفافيش تعيش في المملكة، وقد أكدت الدكتوره التميمي أن أول حالة إصابة بالفيروس كانت في بيشة يعتقد بأنها انتقلت أساسا عن طريق خفاش مصاب بالفيروس وهذا يعني أن البعير بريء حتى تثبت إدانته.