تقول الأخبار إن هناك 130 ألف قرض معلق في صندوق التنمية العقاري؛ لأن أصحابها ليس لديهم أراض ليبنوا عليها، وليس لديهم قدرة شرائية لتوفير هذه الأراضي. أي أننا بصدد أحجية أخرى من أحجيات الإسكان التي لا تنتهي. يخيل لي أحيانا، وأنا أتابع تطورات بناء المساكن وأراضيها وقروضها ورهنها، أننا سنخترع العجلة. ويبدو لي أن المسألة ببساطة هي محض عجز عن إيجاد حلول سريعة وناجحة للمسألة، لكون صحرائنا قد (كشت) وأصبح متر الأرض فيها فلكيا بمقاييس ذوي الدخل المتوسط، فضلا عن ذوي الدخل المحدود. والأخيرون بالذات لا يوجد لديهم حلم أصلا بتملك منزل؛ لأنهم لا يقدرون على ثمن طبق البيض في نهاية الشهر. ولذلك من الطبيعي أن يجمد 130 ألف مواطن قروضهم في الصندوق العقاري؛ لأن كل منهم سيحتاج إلى عمر جديد يضاف إلى عمره لكي يوفر من راتبه ليشتري أرضا نائية سعر مترها من ألف ريال فما فوق، كما بيع أحد المخططات مؤخرا في ضاحية عادية جدا من ضواحي الدمام. وإذا كان لديه أرض وأخذ قرض الصندوق، ثم أخذ عليه القرض الإضافي، وأتبعه بقرض بنكي ليرقع شقوق جيبه، فإنه سيمضي بقية عمره مع بقايا من أعمار أولاده للخروج من مقبرة القروض هذه. وبالتالي، يختار هذا المواطن أن يبقى تحت رحمة الإيجار بدلا من نار القروض التي ستفسد عليه حياته، المستقرة بقدر ما، إلى أن يفرجها رب العالمين. وقد يكتب هذا الفرج على يد وزارة الإسكان حين تستطيع أن توفر الأراضي الكافية والمطورة التي توزع على المستحقين لقروض صندوق التنمية العقارية مجانا ليبنوا عليها بيوتهم التي يريدونها بمواصفاتهم، وليس بمواصفات الوزارة التي تتعامل مع المسألة إلى الآن، بكل تنوعاتها، باعتبار قروضها وأراضيها هبات وليست حقوقا للمواطن الذي سيترتب عليه إعادة كل أو بعض الأثمان لصندوقها. ومن ذلك على سبيل المثال اشتراطها بناء دور واحد فقط لمسجلي برنامج «قرض وأرض». هذا الشرط الذي سيوجد ملامح صارخة لفروقات اجتماعية بين الأحياء. وستكون المساكن في ظل هذا البرنامج مثلها مثل المساكن الخيرية الممنوحة من جمعيات خيرية بدون مقابل للقضاء على الفقر، مع أن العقار حسب نظام برنامج أرض وقرض حق للمواطن وليس هبة، والوزارة تحصل مقدما على ضماناتها القانونية لعودة قرضها، فلماذا التعسف، ولماذا نبقى بين حانا ومانا، وإلى متى يا وزير الإسكان؟.