الأوهام والخرافات لا تتواجد فقط في الدول الفقيرة والمتخلفة والنامية، بل هي موجودة تقريبا في كل بلدان العالم، الفقيرة والغنية، المتقدمة والمتخلفة على حد سواء، ولكن حدة وحجم المؤمنين والمتعلقين بتلك الخرافات والأوهام في الدول المتقدمة لا يشكلون سوى نسبة ضئيلة لا تذكر مقارنة بتعداد السكان. والخرافات والأوهام كما هو معروف تكثر في المجتمعات غير المتعلمة وغير المتحضرة التي لا تؤمن بالعلم والبحث العلمي وبمبدأ الشفافية والإعلام أولا بأول، حيث تكثر فيها الإشاعات وتعليق كل حاجة سلبية في الكون على الأشياء غير المرئية والغيبية كالسحر والجن والعين... إلخ. وبالتالي، لا تتعجب من الذين يظهرون، بين فترة وأخرى، في المشهد المحلي ويدعون بثقة مصطنعة علاج بعض الأمراض المستعصية كالسرطان والسكر والضغط والالتهاب الكبدي الوبائي والإيدز، بالرقية الشرعية والعسل والماء وحبة البركة وو... بعيدا عن التوثيق العلمي، وما تنتجه مراكز الأبحاث والجامعات وبراءات الاختراع المسجلة باسم أصحابها الرواد. في الأيام الماضية، وبعد كثرة القيل والقال عن كورونا إعلاميا وفي قنوات الإعلام الجديد؛ كتوتير والفيسبوك والواتس أب، خصوصا بعد كثرة الإصابات والوفيات والكلام غير الصحيح المبالغ فيه، وما نتج عنه من قلق وخوف وذعر، رأينا حجم الادعاءات الكاذبة؛ هناك من شفي من فيروس كورونا بأسباب واهية، أو ما توصلت له إمارة عربية مجاورة من قدرتها العجيبة في القضاء على الفيروس خلال أقل من دقيقة! ودخل في سوق الترويج والادعاء غير العلمي أكاديميون يعملون في جامعاتنا الوطنية مع الأسف في هذا الصخب الصحي!! وتتذكر من ضمن تلك الخرافات التي تنتشر هنا وهناك، عندما أصيب أخوان بمرض السرطان شفاهما الله، فتجد من يبحث عن كلام غير علمي لمرضهما بأنه من باب العين، والسبب كما يقال بزواج الشابين في ليلة واحدة واللذين يعملان في وظيفة جيدة... إلخ. ونسوا أو تناسوا أن المرض قد يكون وراثيا، حيث أصيب قبلهما بذات المرض: الأم والأب.. أو ربما بسبب عوامل بيئية، وكما معروف أن مرض سرطان الثدي عند الأنثى للعامل الوراثي دور كبير فيه! الشاهد أن الحد من انتشار ترهات فكر المؤمنين بالأوهام والخرافات والإشاعات، هو بالعلم والشفافية والحريات التي ترتكز على نتائج البحث العلمي، والبعيدة عن مستنقعات الفساد الإداري والمالي ومقولات (أنت وش يخصك) ودجل البيروقراطيين: بأن كل شيء تمام!. [email protected]