ظل الشاب ( أ . ع) مغرما ب (الشلة) في وسط الحي الذي يقطن فيه، وكان حريصا على مستقبله فوصل إلى الصف الثالث متوسط، واعتاد الجلوس على أركان المنازل وفي المواقع البعيدة، حيث تحلو الوناسة مع الشلة ولحظتها بدأ التحول المخيف في حياته إذ تعرف على واحد من الشلة اشتهر بترويج المخدرات على الطلاب بعد خروجهم من مدارسهم، فنجح في اصطياده أثناء عودته إلى منزله بعد يوم دارسي حافل وعرض عليه تدخين سيجارة واحدة تعدل مزاجه، وأمام إصراره وإلحاحه وافق على العرض فكانت بدايته ونهايته إذ دخل في عالم السموم المخيف، وتعاطى كافة أنواعها وانتهى به المطاف إلى خلف الأسوار .. ثم عاد إليه الأمل بالتعافي عندما دخل منزل منتصف الطريق يروي الشاب العائد إلى الحقيقة حكاية تخلصه من السموم فيقول: إن بداية عودته كانت يوم تعرض إلى حادث سير في الخبر، ومعه من قاده إلى هذا الطريق الموحش بأول سيجارة .. هربنا بالسيارة ولاحقتنا دورية، كانت سيارتنا معباة بالحشيش بغرض الترويج، فنتج عن الحادث وفاة صديقي ونجاتي، حيث نقلت للعلاج في المستشفى ومكثت فيه نحو ثلاثة أشهر، وبعدها قررت التوبة والعودة والتخلص من أعباء السموم وضياعها المؤكد .. نجح مجمع الأمل في إعادتي إلى حياتي الطبيعية، حيث وفروا لي وظيفة مناسبة. وأضاف «جربت كافة أنواع المخدرات وقبض علي وبحوزتي 27 روشا وهو نوع من المخدرات، بالإضافة إلى كمية من الهيروين، وخرجت بعد انقضاء المحكومية، ثم عدت إلى المروجين أغسل ملابسهم، وأنظف دورات المياه في منازلهم لتوفير قيمة المخدر، فلم أجد منهم ومن كل ذلك غير الذل والمهانة». شلة الأنس حكاية (ف، غ، م) في الأربعينات من عمره تختلف عن سابقتها فقد قضى من عمره نحو 25 في تعاطي كافة أنواع المخدرات ثم تورط في المتاجرة فيها .. قبل أن يقرر التوقف تمام وبصورة نهائية عن هذا الداء الذي فتك بجسده، وأضاع عليه حيوية شبابه ولم يجد خيارا غير الالتحاق بمنزل منتصف الطريق في مجمع الأمل للصحة النفسية بالدمام. كان مستواي الدراسي متدنيا بنسبة كبيرة، ولم أكن أرغب الدراسة منذ صغري، الفشل الدراسي يلاحقني حتى اضطرت لترك الدراسة، وحملت لقب عاطل في بداية حياتي ومع ذلك ظللت ابحث عن المال بأي طريقة فلا وظيفة ولا مستقبل لي. وأثناء بحثي عن إثبات ذاتي تعرفت على «شلة الأنس» احتوتني وقدمتني إلى عالم المخدرات لعلى أنسى الهم الذي ظل يلاحقني، بدأت التعاطي مع الشلة حتى تمكن المخدر مني تماما وأصبحت أسيرا وسجينا له، وعندها بدأت عملية المساومة من كبير الشلة في توريطي في البيع والترويج والتهريب مقابل توفير قيمة السم الذي أتجرعه، واستمر بي الحال على مدى 25 سنة واجهت فيها جميع أنواع الإهانة بداية من الأهل والزوجة التي لم تبقى على ذمتي سوى 3 أشهر وانفصلت بعدما طلبت الخلع، بعدما فشلت في إعادتي إلى طريق الصواب، فكنت أعنفها وأضربها وأطردها من المنزل في أواخر الليل. يضيف (ف) أن المواقف التي يتعرض لها المدمنون كثيرة ومن المواقف الذي لاتزال عالقة في ذهنه موقفه مع والده ويقول: كان والدي يرحمه الله مبتور الساق بسبب مرض الغرغرينا، ويحتاج من يساعده على قضاء حوائجه، يطلب مني المساعدة وأنا استهزي به وأبعده عن طريقي عندما كان يقف على رأسي لمساعدته، وكان يدعو لي بالهداية، ومع ذلك استمر في استهزائي به وبقدمه المبتورة. ويشير في حديثه إلى أن من يتعاطى الخمور يفقد كل أحاسيسه ومشاعره الإنسانية ويتحول إلى أداة سهلة في أيدي شلل المخدرات يستخدمونه في البيع والترويج بل يتعدى ذلك إلى الإهانة والإذلال عندما لا يجد قيمة المخدر. اعتزال الدراسة (س، م) و(ن، أ) حكايتهما مع عالم السموم لا تختلف عن غيرهما فهي تتشابه إلى حد بعيد مع زملائنا المدمنين، تعلمنا في المدارس ولكن لضعف مستوياتنا الدراسية وعدم انتظامنا بالشكل المطلوب جعلنا نميل إلى مرافقة «الشلة» وترك مقاعد الدراسة، كنا نبحث عن فرص عمل للوفاء بقيمة المخدر، عملنا برواتب زهيدة ولم نستفد من تعبنا وما نربحه من مال ننفقه في استئجار الشقق والتعاطي، وانتهت حياتنا إلى الضياع والدمار. الشابان بدءا رحلة التعافي فالإدمان أخذ من عمريهما سنوات عزيزة .. وفي مجمع الأمل عاد لهما الأمل بعيدا عن أصدقاء السوء.