حين كررنا على مسامع الدكتور حازم الببلاوى رئيس وزراء مصر المستقيل في حوار سابق مع «عكاظ» تهمة «حكومة الأيادي المرتعشة»، وقلنا له إن الشعب المصري كان ينتظر منه حلولا خلاقة من «خارج الصندوق»، أبدى انزعاجاً شديداً ختمه بعدة علامات استفهام استنكارية من قبيل: «هذه الحكومة فضت اعتصام رابعة بعد تشكيلها بأربعة أيام فكيف تكون أياديها مرتعشة؟ ويعني أيه حلول من خارج الصندوق؟ ويعنى أيه صندوق؟». وسواء استقالت حكومة الببلاوي أم أقيلت، فإن كلمة النهاية بالنسبة لها كتبتها تهمة الآيادي المرتعشة وغياب الحلول الخلافة، بالإضافة إلى عدة ملفات منها أزمة الاعتصامات والإضرابات وتصاعد حدة الأعمال الإرهابية وتراجع الخدمات والارتفاع غير المسبوق فى الأسعار وتأجيل الدراسة بعد إجازة منتصف العام لأول مرة فى تاريخ مصر الحديث، فضلا عن أزمة سد النهضة مع إثيوبيا التى كشفت ليس فقط ضعف المواجهة السلمية بل تخبط السيناريوهات. لكن السؤال الأهم هو ما الذي يمكن أن تقدمه الحكومة الجديدة المنتظر تشكيلها، والتي تعد خامس حكومة فى مصر بعد ثورة 25 يناير. وإذا كانت هذه الحكومات هي حكومات (محلك سر) حيث بقيت المشاكل كما هي ولم تتحسن أحوال المواطن.. وإذا كانت حكومة الببلاوي هى حكومة (الفرص الضائعة) حيث لم تستثمر الزخم الشعبي والدعم الرسمي المتمثل فى منحها كل الصلاحيات.. فإن حكومة مصر الجديدة هي (حكومة الضرورة) رغم أن العمر الافتراضي لن يتجاوز ستة أشهر بمعنى أنه من الضرورى أن يخلو تشكيلها من وزراء حزبيين يحولونها إلى جزر منعزلة يغيب عنها الانسجام والرؤية الاستراتيجية الموحدة مثلما حدث مع ومن حكومة الببلاوى.. ومن الضروري أيضاً أن تواجه حكومة مصر الجديدة المعضلة الاقتصادية التي جاءت الحكومات السابقة وذهبت دون أن تواجهها بالقرارات اللازمة التى يجب ألا تقتصر على تلقي المنح من دول شقيقة يقدر لها الشعب مواقفها الأصيلة لكن لا يمكن إدراج هذا المنح كبند ثابت فى ميزانية أي دولة. ومن الضروري أن يواجه الإرهاب ليس بالبندقية فقط على أهميتها ولكن باستراتيجية شاملة تشمل المواجهة الفكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية. ومن الضروري أن يواجه إهدار الأرض الزراعية عبر البناء عليها بقرارات حاسمة تنفذ دون تسويف أو تلكؤ أو أياد مرتعشة على طريقة ترحيل الأزمات إلى الحكومة القادمة؟ ومن الضروري تفعيل القانون حتى لا يستمرئ المخالف اختراقه وحتى يشعر الملتزم بأن له (ظهرا قانونيا يحميه). هل تكفي ستة أشهر أمام حكومة الضرورة لإنجاز كل هذه المهام؟ قطعاً لا ولكن يكفي وضع الأسس التي تشكل بدايات جادة تشعر المواطن المصري بأن هناك ضوءا فى نهاية النفق.