ربما لا يعرف البعض بأن نظام (من أين لك هذا؟) الذي يعني الإفصاح والمساءلة عن الذمة المالية بالنسبة لموظفي القطاع العام والمعمول به في بعض مؤسسات القطاع الخاص المهتمة بتطبيق معايير الشفافية الدولية، كان يمكن العمل به منذ عقود، وعلى وجه التحديد منذ عام 1382ه.. أي أن النظام كان موجودا قبل وجود هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) بعقود، وقبل صدور تشريعاتها الأخيرة والعديدة والمهمة كإقرار الذمة المالية للعامل الذي يعني الإفصاح عن كل ما يملكه من أموال وحقوق والتزامات مالية وعينية ومعنوية، داخل المملكة وخارجها، وما له وما عليه من ديون قبل وأثناء وبعد الوظيفة ويتتجدد الإقرار كل ثلاث سنوات. وهذا النظام في حالة تطبيقه على القياديين والعاملين في القطاعات الخدمية الهامة التي لها علاقة مباشرة بالتجارة والمال والعقار والعقود والمناقصات بكل تأكيد سيحد من الفساد المالي والإداري وهدر الحقوق العامة خاصة في ظل الإنفاق الحكومي المتزايد والكبير.. وفي ظل الإيمان الأخير بأننا لسنا مجتمعا ملائكيا، بل مثل بقية شعوب الأرض فينا الصالح والطالح، الخير والشرير على حد سواء. تخيلوا أن موظفا في مقتبل العمر، يحضر لعمله على سيارة ثمنها نصف مليون ريال وهو من ذوي الدخل المحدود وعائلته مستورة الحال. ستتساءل من أين له هذا ؟! وهل مظاهر الثراء التي ظهرت عليه فجأة لها علاقة بوظيفته ؟! أم من مصادر أخرى ربما تكون غير قانونية؟!. رأينا قبل سنوات قضايا عديدة تتعلق بخراب ضمير الإنسان هنا وهناك كحكاية كاتب العدل وحجم تضخم رصيده البنكي الذي قدر بملايين الريالات! ورأينا حجم الإيداعات في (حساب إبراء الذمة) بعد صحوة ضمير البعض المتأخرة !. الشاهد أن نظام (من أين لك هذا؟) يبدو أن تفعيله بات وشيكا، خاصة بعد مضي ثلاث سنوات على ولادة هيئة مكافحة الفساد، حيث طالعنا أهل بيت (نزاهة) وهم يتبادلون التهاني والأحلام بانحسار الفساد، كما قرأنا خبرا في عكاظ بتاريخ 14/2/2014، مفاده أن ثلاث جهات رقابية، تتعقب 12 قياديا في جهات حكومية مختلفة لمعرفة أرصدتهم ووصولها إلى مستويات فوق التوقعات خلال الثماني سنوات الماضية. لاشك أن مشوار الألف ميل الإصلاحي والرقابي والمحاسبي يبدأ بخطوة واحدة صغيرة.. لكن الأهم أن تكون في الاتجاه الصحيح. [email protected]