تتوقف مبهورا أمام مشهد المسجد العثماني في حداء، على طريق جدةمكة القديم، ويقع المسجد على طريق الحجاج القديم، وتقول المصادر التاريخية إن المسجد العثماني يعتبر من أقدم الأبنية التاريخية في حداء وهو مبن بنوع نادر من الحجر الجرانيتي الأحمر القديم ويتكون مبنى المسجد الداخلي من مجموعة من الأعمدة والأقواس التي تحمل القباب ومحراب ومنبرا ذات ثلاث درجات وعليه طبقة واضحة من الجص ويبلغ سمك جداره نحو 60 سم، وتوابع المسجد الخارجية تتكون من بئر مسورة ذات عمق 20 مترا وبجوارها خزان لتوزيع الماء بالإضافة إلى مواضئ للصلاة وباحات حول المسجد. وقد جاء بناء المسجد في موقع متميز على طريق جدةمكةالمكرمة الجموم القديم مما يؤكد أن هذا الطريق كان يشهد إقبالاً كبيراً من قوافل الحجاج والمعتمرين والتجار الذين كانوا يحملون بضائعهم بالجمال نحو أسواق جدة. وذكرت المصادر أن المسجد العثماني لم يخل من فنون العمارة العثمانية المعروفة وقت ذاك حيث زينت جوانب المنبر بأشكال زخرفية رائعة تعكس إبداع المعمار القديم، كما أن جدران المسجد الأمامية «رواق القبلة» وضعت به أرفف غائرة لحفظ القرآن الكريم، إضافة إلى أن هناك أقواسا جدارية مبنية داخل المسجد زادت من رونق البناء، المصادر ذاتها ذكرت أن المسجد كان من المواقع التي كان العامة يرتادها وكذلك الحجاج والمعتمرين حتى عام 1325ه بسبب أن المؤرخ إبراهيم باشا مؤلف كتاب «مرآة الحرمين» لم يذكر أن المسجد قد تعرض للهدم أو الخراب حتى ذلك التاريخ وذلك في مجلده الأول من الكتاب، أما الآن فالمسجد يصارع من أجل البقاء فقد تهدمت الأقببة وانهارت جدرانه من عدة جهات. وقال فهد صالح المحمادي أحد المهتمين بالآثار بالمنطقة «أشعر بالحزن عندما أرى هذه التحفة الأثرية وهي تتهاوى يوما بعد يوم دون عمل صيانة لها، وتساءل المحمادي عن دور هيئة السياحة والآثار في المحافظة على هذا المسجد الأثري ومعاقبة العابثين بهذه الآثار». وبين المحمادي أنه شاعت بين الناس قبل سنوات طويلة أن هناك كنزا مدفونا في الموقع فشرع الطامعون على نبش أرضيات المسجد بالحفر هنا وهناك.. غير مقدرين لحرمة بيت الله وتاريخ المسجد. من جهته أوضح عبدالله محمد المحلبدي 50 سنة موظف حكومي أن المسجد العثماني يعتبر من أهم معالم حداء الأثرية ويتميز بموقعه الفريد على مفترق الطرق بين جدةومكة ومحافظة الجموم. وقال «سبق أن زرت موقع المسجد العثماني وتألمت كثيرا وأنا أرى مخلفات لبعض من زار المسجد حيث وجدت آثار لشبة نار وأكياس بلاستيك تملأ المكان وحفر عميقة داخل المسجد وأبنية ساقطة من سقف المسجد». من جهته أوضح محمد البشري أن المسجد العثماني في حداء يعتبر أنموذجا للآثار الإسلامية الباقية ومسرحا لفن العمارة وكتاب تاريخ على الطبيعة للتعرف على طراز البناء وفن العمارة وموقعا للتأمل على ما قدمته يدي الإنسان في براعة البنيان قبل اختراع الآلات العمارة الحديثة. من جانبه أوضح سعود الشويش أن هيئة السياحة والآثار بفرع مكةالمكرمة قامت في وقت سابق بحصر ودراسة للمواقع الأثرية مع تسويرها بسياج حديدي يحميها من عبث العابثين، وأهاب الشويش بجميع المواطنين على الاهتمام بهذا الإرث التاريخي والمحافظة عليه.