لا يخفى على كل متابع منصف أن المملكة اكتوت كثيرا بنار الإرهاب، وشهدت أحداثا كثيرة خلال سنوات خلت عانت فيها من تفجيرات الخبر، وتفجير مبنى الإدارة العامة للمرور في المربع، وتفجيرات مجمع المحيا في الرياض، والتفجير قرب مبنى وزارة الداخلية، وأحداث مجمع سعد في المنطقة الشرقية، ومحاولة اغتيال الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية، وغيرها. ولا يخفى على أحد أيضا أن المملكة أسست منهجا دوليا مهما في مكافحة الإرهاب، ليس من خلال مواجهة الإرهاب والإرهابيين ميدانيا وحسب، ولكن من خلال عمل متكامل وممنهج، ارتكز إلى جانب تدعيم العمل الأمني الميداني على تبني سياسة الاحتواء والمناصحة ومجابهة الفكر الضال بالحجة وبالفكر المعتدل المضاد للفكر المتطرف إلى أقصى اليمين أو إلى أقصى اليسار، وتبني خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله لإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب شاهد على دور المملكة الفاعل في هذا الشأن. هذا المنهج السعودي تحول إلى دليل استرشادي لكل دول العالم في مكافحة الإرهاب، ومن السذاجة أن يقبل أحد أو أن يصدق عاقل بأن المملكة يمكن أن تكون داعما للإرهابيين أو ممولة لأي عمل إرهابي في أي مكان في العالم، أو أن تكون تدعم الجماعات الإرهابية التي تمارس القتل وسفك الدم الحرام في سوريا، سواء تنظيم داعش أو جبهة النصرة أو القاعدة أو غيرها من التنظيمات الجهادية التكفيرية، ومن السذاجة أن يصغي عاقل لتصريحات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف عن نية طهران مقاضاة المملكة في قضية تفجير السفارة الإيرانية في بيروت؛ لأن الإرهابي ماجد الماجد الذي تضعه المملكة في قوائم الإرهابيين المطلوبين لأجهزتها الأمنية منذ سنوات، متهم بضلوعه في التفجير. وجاء الأمر الملكي بالمعاقبة بالسجن لمدة لا تقل عن ثلاث سنوات، ولا تزيد على 20 سنة، لكل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، أو ينتمي للتيارات أو الجماعات وما في حكمها الدينية المتشددة أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا، أو تأييدها أو تبني فكرها أو منهجها بأي صورة كانت، أو الإفصاح عن التعاطف معها بأي وسيلة كانت، أو تقديم أي من أشكال الدعم المادي أو المعنوي لها، أو التحريض على شيء من ذلك أو التشجيع عليه أو الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة، وإذا كان مرتكب أي من هذه الأفعال من ضباط القوات العسكرية، أو أفرادها، فتكون العقوبة بالسجن لمدة لا تقل عن خمس سنوات، ولا تزيد على 30 سنة. جاء هذا الأمر الملكي ليتوج جهود المملكة في مكافحة الإرهاب، وليخرس كل من يتهم المملكة بدعم الإرهاب أو تمويله، ويضع حدا لكل دعاة الفتنة الذين يغررون بشبابنا من على المنابر، أو على مواقع التواصل الاجتماعي تويتر والفيس بوك واليوتيوب، ممن يستغلون طيبة الشعب ونزعتهم الفطرية نحو التعاطف مع كل من يتحدث باسم الدين أو تبدو عليه مظاهر الصلاح، والذين لا يخفى على حصيف متابع ما يبثونه على هذه المواقع من تحريض على القتال والموت وعلى جهاد لم يقره الدين، وهم كثر بيننا، ونعرفهم جميعا، ونقرأ يوميا كل ما يكتبونه من تحريض وتأجيج ضد وطنهم وضد سماحة الدين الإسلامي الحنيف، وبدأ يتكشف زيف بعضهم وكذبهم وجبنهم بعد صدور الأمر الملكي. ولا بد لنا جميعا، آباء وأمهات، ومعلمين ومعلمات، وأكاديميين وأكاديميات، وعلماء ربانيين أنيطت بهم الفتوى دون سواهم، أن نعمل سويا، يدا بيد، وعقلا بعقل، وقلبا بقلب، على قلب رجل واحد، على تحصين أبنائنا منهم ومراقبة سلوكهم وتوجهاتهم وأفكارهم، وتهذيبها والعناية بها؛ لتكون عوامل بناء لا عوامل هدم في جسد الأمة والوطن، وأن نعمل سويا على أن نبين لهم مواضع الفتنة ونكشف لهم من يحرضون عليها من المتلبسين برداء الدين والدين منهم براء، ولا بد من الضرب بيد من حديد على أيدي هؤلاء، وأن لا نخشى في الله لومة لائم، ما لم يثوبوا إلى رشدهم. نعلم جميعا أن هناك من عناصر هذه الجماعات من يعيشون بين ظهرانينا يدفعون شبابنا نحو الموت في حروب ليست حروبهم، بينما هم ينعمون بالعيش الرغيد ويسكنون الفلل والقصور ويركبون السيارات الفارهة ويصيفون في أجمل منتجعات العالم؛ لأنهم تجار موت وسماسرة دماء وعمالة تخريب وباحثون عن سلطة ولا علاقة لهم بالدين، نعرفهم جميعا وقد حان الوقت لاستئصال شأفة من لا يثوب إلى رشده منهم. [email protected]