أجمع قانونيون أن الأمر الملكي الخاص بإيقاع عقوبات بالسجن لكل من يثبت مشاركته في أعمال قتالية خارج المملكة، بأي صورة كانت، يعكس حرص الدولة على حفظ أمن الوطن من الانتماء للتيارات أو الجماعات الدينية أو الفكرية المتطرفة أو المصنفة كمنظمات إرهابية داخليا أو إقليميا أو دوليا. وأوضحوا أن منطوق الأمر الملكي تضمن تسعة أفعال مجرمة، مشيرين إلى أنه سيتم التعامل مع المتورطين في هذه الأفعال عقب البدء في تطبيق الأمر الملكي بعد نشره في الجريدة الرسمية ويطبق فيه أنظمة المرافعات الشرعية والإجراءات الجزائية. ضمانات قضائية ووصف المحامي والمستشار القانوني الدكتور ماجد قاروب عضو اللجنة الرئاسية في الاتحاد الدولي للمحامين، الأمر الملكي بأنه واحد من أهم ملامح الحزم التشريعي، حيث يأتي متفقا مع التطور في التشريع الجنائي الذي ورد في نظام مكافحة الإرهاب وتمويله، لما تضمنه من ضمانات قضائية وقانونية جديدة لم تكن موجودة في ما سبق ومنها النص على «المحامي» في نظام مكافحة الإرهاب وتمويله إلى غيرها من الضمانات المذكورة في النظام وهذه تؤكد بأن العقوبات المنصوص عليها في الأمر الملكي الكريم لن تطبق إلا مع اكتمال منظومة الضمانات القضائية للمتهمين في جميع المراحل من القبض والتحقيق ومن ثم التقاضي وإصدار الأحكام، حيث ستكون وفق نظام الإجراءات الجزائية وبوجود محام معين من قبل المتهم أو من قبل وزارة العدل، موضحا أن جميع تلك الإجراءات من ضبط وتحقيق ومن ثم محاكمة وفق نظامي الإجراءات الجزائية والمرافعات الشرعية والمحاماة. وأشار إلى أن هذا كله سيسبقه اجتماع اللجنة المشكلة بالأمر الملكي للإعلان والإعلام عن تلك المنظمات والأحزاب والتيارات الإرهابية والمتطرفة وبالتالي من سيقوم بتلك الأعمال التي حصرها الأمر في تسعة أفعال مجرمة تشمل الانتماء، تأييدها، تبني فكرها أو منهجها، الإفصاح عن التعاطف معها، تقديم أي من أشكال الدعم المادي، الدعم المعنوي، التحريض، التشجيع عليه، الترويج له بالقول أو الكتابة بأي طريقة. وأضاف قاروب أن تلك الأفعال المجرمة يمكن أن تتم بكل وأي طريقة ممكنة من مواقع التواصل الاجتماعي أو رسائل الجوال أو منابر المساجد أو وسائل الإعلام بأنواعها والمحاضرين في الجامعات والمدارس، وبالتالي على الجميع أن يتنبه بأن لا يقع في المخالفة المجرمة عن جهل أو سوء قصد لأن هذا القانون والأمر الملكي يجب أن يرفع من الثقافة السياسية والحس الأمني لكل مواطن ومقيم على أرض المملكة، لأن الأساس هو حماية الدين والوطن وأمنه واستقراره من عبث العابثين أو الغافلين أو المغرر بهم وهو ما يدعونا إلى التركيز على تغليظ العقوبات على المحرضين في المرحلة الأولى، مبينا أن هذه العقوبات المنصوص عليها على وجه التحديد لا تخل بأي عقوبات أخرى يصدرها القضاء موجودة في أنظمة وتشريعات ذات ارتباط بهذا الموضوع مثل الجرائم الإلكترونية والنشر الإلكتروني والمطبوعات والنشر وغسل الأموال ونظام مكافحة الإرهاب وتمويله. تشديد العقوبة وبين قاروب أن تشديد العقوبة على منسوبي القطاعات العسكرية لتتراوح من 5 سنوات إلى 30 سنة كون القطاعات العسكرية والأمنية بخلاف أنها معنية بحماية الوطن والتصدي للتيارات الهدامة والمخالفة للشرع وتأهيلها العلمي في أكاديميات ومعاهد على مستوى عال من العلم والإدراك، فضلا عن تحملهم أمانة وشرف الدفاع عن الوطن وأمنه ويؤدون قسما لحماية الدين والمليك والوطن، كل ذلك من مخالفتهم أو ارتكابهم لأي من تلك الجرائم يستوجب عقوبة مغلظة. وربط قاروب بين نظام مكافحة الإرهاب وتمويله والأمر الملكي، باعتبارهما يأتيان تتويجا لجهود المملكة المحلية والدولية وعلى جميع الأصعدة الأمنية والتشريعية والاجتماعية لمكافحة الإرهاب بكل أشكاله وأنواعه على درجات متفاوتة ليأتي الأمر الملكي الأخير والنظام تتويجا لتلك الجهود التي وصلت إلى درجة الحزم النهائي والقاطع لمكافحة الإرهاب بكل صوره وأنواعه فكريا وعقائديا وخروج على تعليمات ولاة الأمر والمشاركة في مواقع القتال والفتن وما إلى ذلك، وبالتالي وضعت حدا للأصوات الشاذة المخدوعة ببعض التنظيمات والأحزاب التي أخذت من الدين شعار واهيا لاستقطاب الجماهير وتعاطفها المادي والمعنوي. التطبيق الحازم وشدد المحامي والمستشار القانوني خالد أبو راشد على أهمية التطبيق الحازم والحاسم كما كان عليه شكل القرار، وخصوصا بحق المحرضين بما يضمن توقيفهم ومحاسبتهم، وفقا للعقوبات الواردة في نص الأمر الملكي، والذي جاء منطوقه مكملا لنظام مكافحة جرائم الإرهاب وتمويله. وأشار إلى أن من الأمور الإيجابية في الأمر وضوح العقوبات الواردة نصا في القرار، مضيفا أن قرار الملك لم يترك الموضوع عائما أو شائكا بل كلف عددا من الجهات المنصوص عليها في الأمر الملكي أن تقوم بوضع قائمة بهذه التنظيمات على أن يتم تحديثها أولا بأول لمواكبة المستجدات التي تقع من حين لآخر. آليات التطبيق وشرح المحامي والمستشار القانوني يحيى العبدلي آلية التطبيق وفقا للأمر الملكي، حيث تتضافر كافة أجهزة الدولة للحفاظ على أمن وأمان المملكة في الداخل والخارج بشأن الأشخاص المنتمين للجماعات المحظورة في الخارج ويتم بشأنه التعاون بين وزارات الداخلية والخارجية ووزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ووزارة العدل وديوان المظالم وهيئة التحقيق والادعاء العام ومن ثم رفع التقرير لولي الأمر للنظر في اعتماد هذه القائمة. وبين أن الجهات التي تتولى الضبط والادعاء هي أجهزة الدولة المنوط بها كشف الجرائم والتحقيق فيها وتوجيه الاتهام وإصدار الأحكام وتنفيذها وذلك بعد تضافر الجهات المنصوص عليها في الأمر الملكي وتحديد تقريرا بذلك ورفعه للملك للنظر في اعتماده. وأشار إلى أن إثبات البينة تتبع فيه القواعد الخاصة بإثبات ارتكاب الجرائم ويكفي انتماء الشخص بالقول أو الفعل أو العون المادي أو المعنوي بأي شكل من الأشكال، وهنا في حالة ثبوت تلك الصور الواردة بالأمر الملكي فإن من نسب إليه ذلك يتعرض للعقاب من ثلاث سنوات إلى 20 سنة وتشدد العقوبة على العسكريين. وذكر العبدلي أن الأمر الملكي يأتي معززا لنظام مكافحة الإرهاب وتمويله، حيث شدة العقوبة واتساع نطاق الأفعال المعاقب عليها، مشيرا إلى أنه يعتبر الردع العام والخاص من أهم ضمانات احترام القواعد القانونية، وفي حالة التشديد بالعقوبات السالفة البيان واتساع نطاق الجرائم المعاقب عليها دافعا أساسيا لقاعدة الردع المرجوة من الأنظمة القانونية عامة ولحفظ الأمن والأمان ومكافحة الإرهاب خاصة، مشيرا إلى أن الأمر الملكي بجانب النظام يعطيه من القوة والعناية الخاصة ويتواكب مع الأحداث التي تمر بالعالم العربي خاصة والمملكة جزء أصيل من هذا الوطن ولا تنفك عنه بحال من الأحوال وما تتعرض له الأوطان من قتل وفساد للمال والنفس يضع على عاتق ولي الأمر المسؤولية في التصدي بكل قوة لكل من يساهم في إهدار النفس والمال وهي المقاصد الأساسية في الشريعة الإسلامية المنوطة بالحماية والرعاية حرصا على أمن وأمان الوطن وعدم زعزعة استقراره. الضرر المجتمعي وربطت المستشارة القانونية بيان زهران مدة العقوبات بحسب النظام والتي تتراوح بين ثلاث سنوات و20 سنة، بالجرم المرتكب، ومقدار الضرر المجتمعي المتسبب فيه، مشيرة إلى خطورة التيارات المتطرفة، حيث تضر الوحدة والتلاحم الوطني، فضلا عن تعطيل تنمية المجتمع والأمة بشكل يخالف جميع الأطر والأسس الإسلامية، الأمر الذي يستوجب مواجهتها. وقال المحامي والمستشار القانوني بندر العمودي إن صدور هذا الأمر جاء في التوقيت المناسب، حيث لا يخفى على أحد ما يجري من أحداث سياسية ودولية، وما تشهده بعض الدول العربية من عدم استقرار، مشيرا إلى أن اللائحة الخاصة بالأمر حتما ستحدد كافة التفاصيل.