الخبر الذي نشرته صحيفة الحياة يوم أمس عن بعض ما تضمنه محضر اجتماع لجنة الشؤون الثقافية والإعلامية بمجلس الشورى مع ممثلي وزارة الثقافة والإعلام في شهر محرم 1435ه لمناقشة تقرير الوزارة عن العام 2012م يكشف لنا بعض المعلومات التي تتطلب وضع عدد كبير من علامات الاستفهام والتعجب، يمكن إيجازها فيما يلي: * تبرر الوزارة إبرامها اتفاقا مع شركة لقياس نسب المشاهدة والدخول في شراكة معها ودعمها بمبلغ 20 مليون ريال أن هناك «مافيا أجنبية» تهيمن على سوق الإعلان في المملكة، وأن هذا الإجراء سيضمن قياس نسب المشاهدة بطريقة آلية من دون تدخل بشري. وهنا نقول للوزارة أن المتابعين يعرفون منذ وقت طويل بوجود ما أسمته الوزارة بالمافيا، لكن السؤال هو كيف سمح لها بالتواجد والاستمرار في الاستحواذ على نشاط اقتصادي مهم دون سيطرة أو ضبط أو حتى تدخل يحد من التلاعب بالمعلومات والإحصائيات التي تضلل المعلن والمتلقي، ويمنع احتكار المردود المالي الضخم للإعلان داخل دائرة هذه المافيا؟ * نتفق مع الوزارة في قولها إنه من الجور مقارنة محتوى القنوات التلفزيونية السعودية بالقنوات الأخرى للأسباب التي ذكرتها الوزارة ولأسباب أخرى يعرفها المشاهد، لكن العجيب أن تقول الوزارة إن الموازنة البرامجية للقناة الأولى لا تتعدى 54 مليونا في العام بينما موازنة هيئة الإذاعة والتلفزيون تبلغ 1,6 بليون ريال. نحن «عمليا» لا نملك غير القناة الأولى كأساس للبث التلفزيوني وما زال مستواها متدنيا جدا، وكذلك البث الإذاعي لا يزيد عن إذاعتين، وبالتالي يصح أن نسأل على ماذا تصرف الموازنة المليارية لهيئة الإذاعة والتلفزيون، وما هو مبرر ضخامتها إذا كنا لا نرى نتائجها تنعكس على مستوى البث التلفزيوني والإذاعي؟ * أما المفاجأة الكبرى فهي حديث الوزارة عن الاستراتيجية الثقافية الوطنية والشق الثقافي في الوزارة، فلأول مرة نعرف أن وكالة الوزارة للشؤون الثقافية مجرد كيان نظري من الناحية الإدارية والتنظيمية من ناحية أنه لم يعين فيها موظف واحد منذ أن أسست، والعاملون فيها قدموا من وزارات وجهات أخرى أو نقلوا من جهاز الإذاعة والتلفزيون ولا يوجد لهم كادر متخصص، وأن الاستراتيجية الثقافية التي استكملت كل الإجراءات النظامية لإقرارها منذ مدة طويلة لم تعتمد وزارة المالية موازنة لها إلى الآن، ما جعل قطاع الثقافة فقيرا وسيئ الوضع بحسب وصف الوزارة له في التقرير. إنها مفاجأة محزنة أن نعرف أن الثقافة المهمشة أساسا قد بلغ بها الأمر إلى هذا الحد بحيث لا تعيرها وزارة المالية أدنى اهتمام وتهمل ملفها وتتجاهله.