يفزع الشباب للمساعدة عند الملمات والأزمات والكوارث الطبيعية، وفي الحروب. وانطلاقا من عاداتنا وتقاليدنا، وحب شبابنا للعطاء وعمل الخير، والمشاركة في كل عمل يفيد المواطنين والوطن، فهم يهبون عند الحاجة لنجدة الآخرين بحماس وذلك ناتج من شعورهم بالمسؤولية. هذه الفزعة وهذه المشاعر تجاه عمل كل ما يفيد الآخرين نابعة من غريزة شبابية تدعو لتأسيس ثقافة للعمل الشبابي المنظم للاستفادة من استعداداتهم لعمل كل ما من شأنه خدمة المجتمع. فقد أبلوا بلاء حسنا حينما تطوعوا (شبابا وشابات) لخدمة المتضررين من سيول جدة، والسيول الأخرى في عرض وطول المملكة كل عام، وكذلك عندما شاركوا في المساعدة إثر تفجر شاحنة الغاز شرق مدينة الرياض، وأيضا عندما كانوا الساعد الأيمن لرجال الأمن في ضبط أحداث شغب الإثيوبيين في منفوحة بالرياض. أعمالهم هذه تعد تطوعية ومكملة أو مساعدة لجهود أداء الواجب من قبل الجهات المعنية. تأتي أعمال الشباب التطوعية استجابة لمبدأ التعاون والتكافل في مجالات الخير التي يحث عليها ديننا الإسلامي. هذا إلى جانب كون العمل التطوعي سلوكا حضاريا وإنسانيا. وقد جاء في سورة البقرة، آية 158، «... ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم» ، وآية 184، «... ومن تطوع خيرا فهو خير له ...». وفي الحديث عن أبي هريرة أن الرسول، عليه الصلاة والسلام ، قال: «لقد رأيت رجلا يتقلب في الجنة في شجرة قطعها من ظهر الطريق كانت تؤذي المسلمين» (رواه مسلم). والتطوع إغاثي يهدف لخدمة المجتمع والعمل بما هو محبب في الإسلام من تقديم الخدمات للآخرين. وللتطوع بشكل عام مجالات كثيرة لا حد لها، ومن ذلك الجهد البدني والمادي والفكري والمهني، إذ يتبرع الإنسان حسب طاقته ومهنته.. من غير أن ينتظر مردودا ماديا أو معنويا لما يقوم به. وبعض أعمال التطوع عبارة عن عمل أو مال أو دم أو ملابس أو أكل.. الخ. كما أن بعض أعمال التطوع تتطلب، مع الجهد، وقتا طويلا كما في علاج المرضى والجرحى ورعايتهم، بل قد تتطلب تطوعا أكثر. ولسعة مجالات التطوع فإن إدخال التنظيم فيه من حيث توزيع الخدمات حسب طبيعتها إلى جمعيات تطوعية، مثل جمعية الأطباء، وجمعية المساعدات الغذائية، وجمعية الإنقاذ من السيول... الخ، يكون مفيدا. ومع أن عمل الشباب في كثير من مجالات التطوع يفيدهم في كسب المهارات والخبرات والتدرب لمواجهة مختلف المشكلات والظروف، فإنه إلى جانب ذلك يضفي السعادة على نفوسهم نتيجة شعورهم بتحقيق أشياء مهمة لغيرهم. كما أن العمل التطوعي يساعد الشباب وغيرهم من المواطنين على التعاون والعمل المشترك لخدمة وطنهم ويزيد من انتمائهم إليه. وقد طالعتنا جريدة عكاظ يوم الأحد 5 صفر 1435ه (8 ديسمبر 2013م) بخبر قيام مجموعة من شباب مدينة دومة الجندل، ومعهم رئيس بلديتها، بتنظيف شواطئ بحيرة دومة الجندل، وخبر آخر معه عن قيام بعض طلاب (شباب) مدينة الحريضة بترتيب من «لجنة التنمية الاجتماعية» فيها بأعمال التنظيف في المدينة. مثل هذه الأنشطة الطلابية (الشبابية)، مع أعمال التنظيف في المدارس، وتنظيف البيئة والمدن والمساجد، تزيد من تشجيع الطلاب والشباب للإقبال على العمل التطوعي وتعودهم عليه لما فيه خير المجتمع والوطن، ومثل ذلك «العمل الكشفي» الذي يعتبر عملا تطوعيا، و يجدر تشجيع الشباب في المدارس على كل الأعمال التطوعية المفيدة وحثهم للعمل فيها ليعم تنظيم أعمال التطوع بما هو مفيد لصحة وسلامة المجتمع والوطن.. والله أعلم.