لم يعد أمام وزارة النقل، وقد حملتها إدارة مرور القصيم مسؤولية الحادث المروري الشنيع الذي وقع يوم الخميس الماضي على طريق دخنة الغيدانية في محافظة الرس، سوى أن تعترف بهذه المسؤولية أو أن تدافع عن سلامة الطريق، مع احتمال ثالث يتمثل في التزام الصمت الذي خرجت به صاحبة عمر بن أبي ربيعة حين فاجأها بسؤاله كما قال ( كلما قلت متى موعدنا... خرجت بالصمت عن لا ونعم). وأيا كانت إجابة وزارة النقل فإن تلك الإجابة لن تعيد الحياة لعشرة ضحايا تفحمت أجسادهم يوم الخميس على ذلك الطريق منهم سبعة من أسرة واحدة، كما لن تمنع تلك الإجابة وقوع حوادث مماثلة تتفحم بسببها أجساد مماثلة وتفنى أسر مماثلة كذلك على نفس الطريق. إدارة مرور القصيم كانت واضحة في ملاحظاتها على ذلك الطريق حين أكدت على ( خطورة الطريق وافتقاره لوسائل السلامة واللوحات الإرشادية) واستشهدت بسقوط 24 ضحية للحوادث فيه خلال شهرين، وبرأت ذمتها حين كاتبت إدارة وزارة النقل في المنطقة مطالبة بإصلاح ما يعتور ذلك الطريق من خلل، وما يجعل منه فخا يستدرج ضحاياه ويسلمهم ليد الموت أو لإعاقات تلازمهم مدى الحياة، وحين لاحظت إدارة مرور القصيم تجاهل إدارة النقل لتلك الملحوظات (رغم مخاطبتهم بشكل رسمي) كما قال المصدر الذي تحدث ل«عكاظ» يوم أمس، رفعت إدارة المرور بالأمر إلى مدير عام المرور في المملكة مشيرة إلى عدم تجاوب إدارة النقل في منطقتهم مع تلك الملحوظات. ولم تكن إدارة النقل بحاجة إلى ملحوظات إدارة المرور فحسبها لو امتلك القائمون عليها شيئا من براءة الذمة والإخلاص في العمل حادثا واحدا كي يدركوا ما يمكن أن يكون الطريق الذي أنشأوه أن يجنيه على الناس فما بالنا بأربع وعشرين ضحية خلال شهرين فقط على نفس الطريق. ما حدث في منطقة القصيم أنموذج لما يحدث في مناطق أخرى في المملكة، حيث تصبح الطرقات مصائد للأرواح نتيجة خلل إنشائي فيها أو نتيجة إهمال وضع اللوحات الإرشادية على الطريق، وما حدث في القصيم أنموذج كذلك فيما تعمد إليه بعض الجهات من إهمال لما يردها من ملحوظات على مشاريعها حتى إذا وقعت الواقعة التزمت الصمت، أو بحثت لنفسها وللمسؤولين فيها عن مبرر.