يسجل حضورا متواضعا هنا كل أسبوع أبعد ما يكون عن الصورة النمطية الضيقة الشائعة عنه.. التي ربما يصدقها هو عن نفسه أحيانا...! *** يجتمع الشباب يملأ نقاشهم وجدلهم الحماس. قضية اليوم.. وقضية غدا... قضايا عديدة تلفت انتباه جيلهم ويتم تداولها باهتمام مشترك على ساحات الشبكات الاجتماعية. وفي الغالب تكون قضايا فساد وظلم. بطبيعة الحال الأنقياء ينزعون نحو نقد الفساد، وتحليل مسبباته، ووضع النظريات حول سبل تجفيف منابعه. منهم، من هو متمكن ثقافيا وعلميا فيكون تنظيره أبلغ. ومنهم من يتيسر له الوصول للمعلومة وعليه دائما ضبط وتصحيح المسار لتعرية القضية من أي شوائب مبالغات أو زيف أو تضليل. و.. كثر هم من يأخذون دور «المداحين» و«الرداحين» إلكترونيا..! في البداية نقول وما الضير في ذلك..؟ حيث إنها الوسيلة العصرية التي أتاحتها للشباب تقنية زمانهم لحشد الآراء تجاه رفض تمظهر الفساد في مفصل ما، من مفاصل أسلوب حياتهم، وهم معنيون به بالدرجة الأولى كون المستقبل لهم ولأبنائهم..! لكن الملاحظ أن البعض ينجرفون وراء بريق الصوت العالي والمسموع والمتابع من قبل العامة على الشبكة العنكبوتية. وهذا ما يخلق لهم نوعا من الثقة بالذات التي يمكن اعتبارها زائدة..! تجعلهم يحيطون أنفسهم بدورهم، بهالة من المسميات والمصطلحات الرنانة. (كحقوقي، قدوة، نموذج، جريء، شجاع.....) وفي المقابل، «للأسف» يبدأون في إطلاق نعوت تخسر من قيمة الآخرين الذين لا يشبهونهم! فلأن فلانا مشغول في مسؤوليات حياته اليومية وعمله المنهك والجري وراء رزقه وبناء مستقبله وأسرته، نراهم يستسهلون أن يطلقوا عليه أحكاما وصفات مثل: (غير مبال، إمعة، أناني، و.... جبان!!). حتى وإن وافقهم في القضية الأساس المطروحة من ناحية المبدأ..! سيبقى بنظرهم، وسيروجون عمدا، أو بغير قصد «الله أعلم»... إلى أكذوبة أنه «جبان».. فقط لأنهم لم يرصدوا له حراكا معهم أكثر من التأييد المعنوي..! .. وهنا لا بد من وقفة للنظر في كلمة «أنقياء» التي يفترض أن يتصفوا بها..! فالذي يفترض به نقيا، ويحارب الفساد، ثم لا يميز حدوده مع الآخرين، ويمارس عليهم ضغطا لا يخلو من خبث وصمهم بالجبن، إن هم لم ينشغلوا معه بالقضية التي يحمل لواءها، وبالدرجة التي يحددها هو... فليذهب ونقاؤه المزعوم لل.. لل... للنظر والتمعن في مفهوم النقاء.!! قبل أن يقع في محظور الإساءة للقضية النبيلة وينفر الناس منها بأسلوبه غير الناضج وعنجهيته التي هي أبرز صفات أهل الفساد..! *** ... إليكم حكاية مختصرة لحضرة مواطن على سبيل المثال لا الحصر: شاب مكافح عادي، غير معروف بتاتا عنه بأنه فارس يمتطي صهوة الحقوق والمطالبات والقضايا الجريئة. لكنه كان يوما يعاني من عنف منزلي في أسرة لم تخف الله فيه..! فكبر ونضج مكسورا متعبا متألما يعاني... ثم عرف عنه أنه من أكرم الناس في المودة وأنبل الناس في المحبة. الرحمة والعطف ديدنه قولا وفعلا... وهو في احترامه لنفسه وصدقه مع الآخرين من حوله نعم القدوة والنموذج. ...نحن هنا أمام إنسان قادر على «العطاء» ..! وأين؟ تحديدا فيما حرم منه وآلمه وآذاه...!! إنها والله بعينها الشجاعة والجرأة تنهض معه كقيم حقيقية صلبة ملموسة دون ضجيج مفتعل..! هكذا مواطن ألا يجسد «نموذجا وقدوة»؟ أليس من مثله هو من ترغب أن يكون جارك وصديقك ومديرك في العمل ووزيرك؟ أوليس هذا من يعول عليه في أي حراك نهضوي تنموي...؟ ولنسأل أنفسنا... في مجابهة من؟ سوى هكذا مواطن وأمثاله، يهزم الفساد ويحجم الشر؟ ...لا أحد حقيقة، يريد الوقوع في فخ تكرار خطيئة الوثوق بعنجهي آخر..