القصة الموجعة للطفلة لمى الروقي، التي سقطت في بئر بوادي الأسمر بتبوك، أخذت بمجامع القلوب على مدى الأيام المتطاولة وجعا وحزنا، رغم كل الجهود المتضافرة التي رأينا -في النهاية- حدود استطاعتها القائمة على إمكانات أفرادها. في تفاصيل هذه القضية لا يوجد ما يمكن أن أضيفه، فالجميع تحدث عن التقصير الذي ابتدأ قبل ثماني سنوات حين إنشاء البئر وتركها مفتوحة، إلى ما وصلت إليه من حادثة هذه الطفلة البريئة رحمها الله تعالى، إلى المناداة بمحاسبة المتسببين الذين لا تخطئهم العين وقد تخطئهم أحيانا. الجميع تحدث والجميع ينتظر.. فماذا بعد؟ الأخبار التي تواترت بعد ذلك، أن لجانا فورية بدأت بالتشكل والانتقال لأكثر من موقع، في سبيل ردم الآبار الارتوازية المفتوحة وتغريم أصحابها. أن لجانا بدأت في المناطق المحيطة بالحادثة، ثم أعلن النفير في أماكن مختلفة اتضح أنها كانت بانتظار الوخز حتى تهتز وتتحرك. وفي ظني أن هذه الصحوة هي أس القضية التي تحتاج التأمل والعناية، إذ لا يخفى أن حالات الاستنفار التي تحدث على مستوى بعض القطاعات لم تكن لتأتي من باب الحيط وواجب الانتباه أكثر من كونها ردة فعل تحاول احتواء الحدث فقط أكرر احتواء الحدث فقط. تخطر ببالي هذه اللحظة حوادث حريق المدارس، واستنفار جميع الأجهزة على تأمين مخارج الطوارئ ووسائل السلامة، في مدارس بعضها مستأجر وغير صالح لأي عملية تعليمية فضلا عن عملية إنقاذية، ومع ذلك يتم صرف ميزانية تفوق قيمة المبنى أحيانا تضامنا مع مرحلة احتواء الحدث. قل ذلك في تصاريح البناء المفتوحة على الأودية والشعاب الواقعة في مجاري السيول، قل ذلك على السلع الغذائية الفاسدة والأدوية منتهية الصلاحية، قل ذلك في أشياء لا تظهر محاولات الاحتواء فيها بشكل علني وواسع إلا بعد حدوث المأساة. ولا أدري كيف يستقيم أمر الطبيب الذي يتجاهل تداعيات الوجع الأولية وأعراضها الظاهرة، اعتمادا على الحضور الأخير لمبضع العناية المركزة؟!