دعا الدكتور مجدي حريري عضو مجلس الشورى السابق إلى تطوير وتحسين 80 في المئة من الأحياء العشوائية في مكة بدلا من إزالتها؛ وذلك من خلال تنظيم البيئة العمرانية وفتح الشوارع والساحات وإيصال خدمات الصرف الصحي والماء، وتصحيح أوضاع الملكية، مشيرا إلى أن عمليات الهدم والإزالة الضخمة التي تزامنت في وقت واحد في مكةالمكرمة وتسببت في خلل كبير في معادلة الإسكان، حيث ارتفعت أسعار الأراضي والمساكن بشكل أكبر من قيمتها الحقيقية، نظرا لقلة العرض وارتفاع الطلب، وعدم وجود البديل في المنظور القريب. جاء ذلك في ورشة العمل التي نظمها كرسي صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل لتطوير المناطق العشوائية في مكةالمكرمة والتي جاءت تحت عنوان (رؤى ودور شركات التطوير العمراني في تطوير المناطق العشوائية في مكةالمكرمة). تضمنت الورشة عددا من المحاور التي كان أبرزها مشكلات سكان المناطق العشوائية الاجتماعية والاقتصادية والخدمات والمرافق، كالصحة والتعليم و الكهرباء والصرف الصحي، بالإضافة إلى متطلبات السكان، ومعايير وأسس التطوير و المشكلات البيئية وخدمات الجهات الحكومية للمناطق العشوائية كالأمن وغيره . وأوضح حريري أن التعامل مع العشوائيات غالبا ما يتم إما عن طريق التحسين و التطوير، أو الإزالة وإعادة البناء، مؤكدا أن الطريقة الأخيرة وحدها فشلت عالميا في تحقيق أهدافها، حيث إن عمليات الإزالة لا تحدث إلا في الأراضي ذات القيمة الجاذبة للاستثمار، و 80 في المئة من المناطق العشوائية في مكةالمكرمة لا تتوفر فيها هذه الصفة، وبالتالي فهي غير محفزة، وهنا لابد أن تتدخل الدولة من خلال التطوير والتحسين. وأضاف حريري «أما إذا أردنا إزالتها، فإلى أن يتم إعادة بنائها تكون قد نشأت مناطق عشوائية جديدة بسبب النزوح، وهكذا تستمر العملية». وأكد حريري أن الحلول الناجعة تتمثل في توفير السكن البديل لسد العجز قبل الإزالة، ومعالجة وإعطاء حق الملكية لساكني العشوائيات لتحفيزهم على التطوير في منازلهم والمساحات المحيطة إلي جانب رفع مستوى التطوير من خلال إيجاد الفراغات المناسبة، وإيصال الخدمات والمرافق العامة. كما استعرض حريري أثناء الورشة، تجربة الإسكان الميسر في مكةالمكرمة، كنموذج للإسكان البديل الذي من شأنه سد العجز في معادلة الإسكان التي اختلت بسبب عمليات الإزالة والهدم الناتجة عن توسعة الحرم الشريف، والمشروعات التطويرية، وإنشاء الطرق الدائرية، ما تسبب في نقص حاد في المساكن. ولفت إلى أن الإسكان الميسر والذي يتكون من 2300 وحدة سكنية، تمكن من سد العجز بنسبة 10 في المئة فقط، وهذا ما يستدعي إنشاء مشاريع عمرانية مماثلة، إلا أنه استدرك قائلا «إن هناك إحجاما من المطورين على الدخول في هذه المشاريع، بسبب ارتفاع الكلفة وبطء إيصال الخدمات الأساسية مثل: الكهرباء والماء والصرف الصحي، ولكي تكون مشاريع التطوير الشاملة مجدية ومحفزة للمطورين، فإن الدولة يقع على عاتقها مسؤولية إيصال خدمات البنية التحتية من مصادرها إلى كافة المخططات السكنية.