لعل التصريح الأخير لوزير الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ بأن الوزارة رصدت متجاوزين بشكل مستمر لخطباء يتخذون المنابر لأمور سياسية يدلل على حجم الجهود التي تبذلها الوزارة في تقييم الخطباء والأئمة. ولا يعني أن وزارة الشؤون الإسلامية في كشفها عن المتجاوزين تكون قد أدت مسؤوليتها المنوطة بها، إذ لا بد أن تعاقب لمنع التجاوزات التي تسهم في إثارة البلبلة وتأجيج النفوس، كما لا بد أن يكون الخطيب على إحاطة كافية بالموضوعات التي ينبغي أن يتناولها والتي تلامس القضايا المجتمعية. منبر الخطابة ليس سهلا لكونه يسهم في تقويم حياة الفرد والمجتمع، وبالتالي يتطلب من الخطيب التطلع إلى الأمور التي تسهم قدما في حياة المسلم وتفيده في معرفة قضايا دينية أساسية ربما يحتاجها المرء في حياته بصورة يومية، كما لا بد أن تحقق الخطابة روح التآلف بين المسلمين. كما على الخطيب من منبره أن يبتعد عما يثير الفرقة والاختلاف والأحقاد، وذلك ما صرح به الوزير آل الشيخ، فالمنبر لا يجب أن يكون مسيسا ينصر أحدا أو يضاد أحدا. هناك منهج نبوي يوجب على الخطيب أن لا يخضع لاجتهاداته، بل هناك ضوابط وقواعد للخطبة، فإن خفيت على متصديها، فلا بد من رجوعه إلى كبار العلماء لمعرفة الصواب من الخطأ. كما هناك ضوابط ينبغي علاجها في الخطبة كإعلاء التوحيد، والشهادة له وللنبي صلى الله عليه وسلم، ودعوة الناس لأداء الأركان والفرائض، وإصلاح ذات البين، ووحدة الأمة، وعدم إثارة الأحقاد، واتباع أسس الخطبة لإيصال الأهداف السامية إلى المسلمين، إذ أن الخطابة رسالة يجب أن تؤدي نفعها على العوام بما يفيدهم في مجال دينهم ودنياهم، والارتباط في ذلك بما ورد في كتاب الله سبحانه وتعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والتي تتعارض هذه الضوابط مع ما يطرحه بعض الخطباء على المنابر من قضايا سياسية تفرق ولا تجمع، ولهذا لا بد من محاسبة كل خطيب تكرر خطؤه أو أقم نفسه في قضايا سياسية لا يجب أن يتطرق إليها.