كنت الفتى الخارج توا من الصور، من حكاية الأم العزباء المطعونة بالغدر والخطيئة، مرة وإلى الأبد، كنت الفتى النازل توا من جسد النوم، فارا من حلم غريب غامض ولا يسعه تأويل. أمثالي كثر حطوا في عجلة من الآلام والقصص والأغاني، كأننا دفعنا دفعا، لكننا لم نكن كذلك، كنت استجابة عميقة لنداء استغاثة. صيحات أيقظتنا، صيحات نجدة يائسة، هرولنا دونما تردد أو توان، حططنا مثلما يحط الغيم، ويجتمع ويتراص، لا يدرك إلا الشوق يدفعه، نهطل من سماء عالية بلهفة، نتخيل أي أرض، أي عطش، نتخيل في انهمار خاطف؛ يباسا يتوسل، ماشية ترفع أعناقها وتبتهل، نلمح أشجارا عارية، ونخيلا تمد سعفها وتستغيث، أطفالا يرفعون مواعينهم، وأفواها تتهيأ. كأننا نوقظ غافيا أو ننبه ساليا، نهوي مثل سهام ناعمة وثاقبة كبد الأرض، هكذا ننزل من الأعالي، كلما جف الحب وبهت العشاق.