في ظل قدر ضئيل جدا من التفاؤل، يظل الشعب السوري يترقب كل جديد حول ما سيؤول إليه مصيره. ودون أدنى شك، فإنه يترقب بصيص الأمل الذي يخرجه من النفق المظلم. ومع اقتراب موعد انعقاد جنيف2 وتحديد مدينة مونترو السويسرية مكانا لجولاته التي ستعقد على مرحلتين، تظل المعارضة السورية وقطبها الرئيسي، الائتلاف الوطني السوري، تراوح مكانها، بين مؤيد للذهاب ومعارض له من خلال اتخاذ موقف سلبي للعملية السياسية ولبنود جنيف واحد، مع العلم أن جنيف2 هو طرح لا بديل عنه للوصول إلى حل سلمي ووقف إطلاق النار... رفض المعارضة للذهاب لجنيف2 ليس نابعا من مبدأ رفضها للجلوس مع نظام بشار الأسد، وإنما جاء نتيجة فهم متأخر جدا لبنود اتفاق جنيف واحد التي هندس نصها الفلسطيني ناصر القدوة، نائب المبعوث الأممي الأخضر الإبراهيمي. النص الذي يعد وثيقة دولية، تخضع لها كل الأطراف المتحاربة، تنص في أحد بنودها على «نقل سوريا نحو نظام ديمقراطي مدني، تعددي عبر تشكيل جسم حكم انتقالي كامل الصلاحية» وليس كما هو متداول إعلاميا «تشكيل حكومة انتقالية» جسم يندرج تحته هيكل الأمن والجيش وأجهزة الاستخبارات وجميع مفاصل الدولة الحيوية ويكون بتوافق كل الأطراف مع عدم إشراك أحد في جسم الحكم الانتقالي من نظام بشار أو المعارضة الحالية. وهو الأمر الذي فهمه أعضاء المعارضة مؤخرا ولم تستسغه عقولهم، وأظهروا انزعاجهم من المشاركة في جنيف2، ليكون مصيرهم، بعد الاتفاق، الإبعاد من المشاركة في الحكم. ورغم ذلك، يجب على المعارضة أن تثبت لكل الأطراف، بما فيها الشعب السوري، نيتها في الذهاب إلى جنيف2 والتفاوض على حل سلمي، يحقن الدماء ويؤسس لمرحلة انتقالية نحو نظام ديمقراطي مدني تعددي. التساؤل الذي يطرح هو عن ما يجب أن يكون عليه وضع رئيس جسم الحكم الانتقالي؟ فهل يكون برئيس واحد أي رئيس تكنوقراطي، أم برئيسين على شاكلة (البوسنة والهرسك) أم ثلاثي الرئاسة (علوي وسني وكردي)؟ وقد يفسر هذا التحرك الكردي الأخير في المنطقة واجتماع الأطراف الكردية السورية بقياد مسعود البارزاني، في محاولة لتوحيد الخطاب أثناء جنيف2، كما قد يكون سداسي الرئاسة أي مشابها لكامبوديا (أي ثلاثة من المعارضة وثلاثة من النظام المحايد)، بالتأكيد لا يبدو الأمر هينا أمام قوى المعارضة «الملتفة» على بعضها ولكن بالتأكيد أيضا أنه مع بداية ترتيب أوراق البيت السوري بعد الاتفاق على جنيف2 والوصول إلى الحل النهائي، سيلجأ لسياسة «العصا والجزرة»، خاصة مع محاولة تقويض شوكة الإسلام المتشدد والمتطرف في المنطقة. فإذا كانت المعارضة تخشى تحييدها في المرحلة الانتقالية، يجب عليها أيضا أن تركز اهتمامها على ما يمكن القيام به لتسليط الضوء على بعض الجوانب الخفية والوقوف إلى جانب الشعب السوري ونصرة قضيته بعيدا عن صراعات السلطة، خاصة أن تصريحات الحكومة المؤقتة تؤكد أنها لن تقف عائقا أمام الحل السلمي وتطالب بالتسريع من المرحلة الانتقالية.