أي حديث أو مفاوضات حول تخلي إيران عن برنامجها النووي هو محض وهم وخيال ومناورات سياسية يديرها طرف واحد يمسك بخيوطها من طهران، ولم يكن فشل مفاوضات جنيف حتى الآن في تحقيق اختراق في الملف النووي الإيراني، إلا فصلا من فصول هذه المناورة بدأت قبل جنيف وستستمر بعدها. إيران حسمت أمرها منذ زمن بعيد على المضي قدما في هذا البرنامج، وتعمدت استفزاز جيرانها والتلويح بورقته منذ عقود خلت وحتى الآن، ولم تفلح العقوبات الدولية في ردعها، ووجدت بابا مواربا الآن للمناورة حول تخفيض حجم العقوبات خدمتها فيها الظروف السياسية في المنطقة. ولكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أنها ستتخلى عن تخصيب اليورانيوم والتقدم في مشروعها، ولن يكون للغة المهادنة التي يستخدمها الرئيس الإيراني الجديد حسن روحاني مع الغرب أي تأثير على سير البرنامج النووي؛ لأن مفتاحه ليس بيده بالتأكيد. وتأكيدات وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، أمس الأول، أن بلاده سترفض أي طلب مبالغ فيه يحرمها من حقوقها النووية، وأن تخصيب اليورانيوم يجب أن يكون جزءا من أي اتفاق، وطمأنته للشعب الإيراني بأن التخصيب لن يتوقف، مؤشر واضح على مضي إيران في برنامجها، والجلوس معها على أي مفاوضات ليس إلا مضيعة للوقت ومناورة للوصول إلى هدفها ووضع العالم أمام واقع مفروض على الأرض، ووقتها ستتغير لغة التفاوض، هذا إذا كان هناك تفاوض من الأساس في تلك المرحلة.