يشتكين من عدم وجود مظلة تقي رؤوسهن من حرارة الشمس كما يعانين من وجود جهاز مؤسسي ينظم نشاطهن، عندما تفرغ محلاتهن من الدعم يتداولن النكات التي تشبه حالتهن، ويعدن سبب قلة الزبائن إلى غياب النشرات والكتيبات التعريفية بهن وبإنتاجهن مثل فنادق الخمس نجوم. اتفقت آراؤهن على أن ضعف التمويل وقلة الاهتمام بإجراء دراسات جدوى لجهودهن ونقص البرامج التدريبية لتأهيلهن عوامل محبطة لبيئة العمل التي يهيئونها بأنفسهن رغبة في تذوق عمل ينتشل أسرة من الضياع. «عكاظ» دلفت إلى محلات الأسر المنتجة لتجد سواعد متوقدة تطبخ دخلها الأسري على نار هادئة كما تطبخ وجبة دسمة سيتناولها المعازيم في استراحة، سبقت شهوة تذوق طعامها قبل شهوة الكلام، حيث التقينا فاطمة العتيبي التي قالت إنها متخصصة في مهنة الطبخ من المنزل، ولكنها وجدت صعوبة كبيرة في تقبل الناس لسعودية تطبخ في البداية، ولكن بالعزيمة والإصرار حققت أرباحا تسد بها رمق أسرتها، «حيث بدأت بطهي الأكلات الخفيفه مثل الفشار والبليلة والقهوة العربية وأصبحت أشارك في المهرجانات والمواسم وكنا في البداية نجد صعوبة في إيجاد الأماكن لعرض منتجاتنا فأغلبها غير مكيف وغير مظلل مما يعرضنا لأشعة الشمس والمطر وتلف بضاعتنا، ولكن بعد سنوات انضمت معي بناتي وأصبحت أقوم بعمل الأكلات الشعبية التي أتقنها». وتضيف فاطمه «لكننا نعاني حتى الآن من الشروط التي تضعها بعض الجهات مثل وزارة الشؤون الاجتماعية لدعم مشاريعنا، لذا نضطر للعمل لحساب أنفسنا دون دعم من أحد»، ثم تحدثت إلينا أم فهد القحطاني فتاة في الثالثة والعشرين من عمرها مطلقة ولديها طفل واحد، قائلة: «منذ طلاقي قبل حوالى أربعة اعوام، اتجهت لصنع القهوة والبهارات وبدأت أسوق منتجاتي بين الأهل والأصدقاء حتى دعمتني جمعية (مودة) للمطلقات ومازلنا ننتظر دعما أكبر من الجهات الحكومية»، أما السيدة أم صياد فقالت إنها تعمل في صناعة السدو منذ من سنوات طويلة، مشيرة إلى أن الطلب على منتوجاتها جيد إلى حد كبير «وزادت أرباحي عندما انضممنا تحت مظلة جمعية (حرفة) حيث أصبحنا نسوق منتجاتنا في المهرجانات والمناسبات المختلفة»، وتقول أم سعد، في أواخر الستين وتعمل في صناعة السعف منذ خمسين عاما، ذكرت أن هناك إقبالا من الناس على شراء منتجاتها «وأيضا جمعية (حرفة) وقفت إلى جانبنا بشراء أو عرض منتجاتنا». ثم اتجهت «عكاظ» لتقلب مع المسؤولين في الجهات المختصة الشروط والمتطلبات والتراخيص الخاصة لهؤلاء الأسر، حيث قال المشرف على العلاقات العامة والإعلام المتحدث الرسمي باسم وزارة الشؤون البلدية والقروية حمد بن سعد العمر أن اهتمام المجتمع السعودي يتزايد بتشجيع الأسر المنتجة وتثقيفها اقتصاديا لتمارس الإنتاج الأسري لتعزيز دخلها الاقتصادي ومكانتها الاجتماعية وتحقيق العيش الكريم لأفرادها، ولما كانت المشكلة الرئيسية التي تعاني منها هذه الأسر هي الحصول على تراخيص لممارسة نشاطها من المنزل بحيث يتسنى لها الحصول على تمويل من البنوك وهو ما يتطلب بدوره الحصول على التراخيص البلدية وبناء على توجيهات الشؤون البلدية والقروية بمساندة الأسر المنتجة فقد قامت الوزارة بتنظيم منح التراخيص لها دون مقابل بحيث يعمل صاحب الترخيص وأسرته داخل منزله وفق ضوابط وشروط محددة بأن لا يكون النشاط ضمن الأنشطة التي لها علاقة بالصحة العامة، كما لا يترتب على النشاط الإخلال بالاستخدام الأساسي للوحدة السكنية أو إحداث الضوضاء والإزعاج للحي، وأن يقوم المرخص له بممارسة العمل بنفسه أو بمساعدة الأسرة، ولا يكون الترخيص مستندا للاستقدام أو نقل الكفالة، كما لا يسمح للبيع عن طريق المنزل وإنما من خلال منافذ أخرى مثل مراكز التسويق، البريد الإلكتروني، الأماكن المخصصة للأسر المنتجة، بالإضافة إلى عدم تركيب لوحات دعائية أو إعلانية في الموقع والحصول على شهادة تأهيل مهني من قبل الجهة المختصة. وأضاف العمر: «تجرى هذه الترتيبات انطلاقا من دور الوزارة في تشجيع الأسر المنتجة مما يحفز على زيادة الإنتاجية وتفعيل دور أفراد المجتمع فيما ينفعهم ويسهم في تقديم الخدمة للمستهلكين». وقالت مديرة عام مكتب الضمان الاجتماعي النسوي بمنطقة الرياض في وزارة الشؤون الاجتماعية أسماء الخميس: «برنامج الأسر المنتجة ضمن تسعة برنامج المشاريع الإنتاجية التي وافق عليها المقام السامي عام 1428ه والتي من بينها أيضا: دعم الكهرباء ودعم الحقيبة المدرسية والزي المدرسي (الفرش والتأثيث) كرافد للمعاش، وقد تم تنفيذ سبعة من تلك البرامج وبقي برنامجان وهما: ترميم المنازل والتأمين الصحي»، واضافت الخميس: «بالنسبة لبرنامج الأسر المنتجة والذي دعم بإيجاد عمل مناسب للأسرة لزيادة دخلها بالاعتماد على قدراتها وإمكانياتها وفي سبيل أهمية استغلال الإمكانية والقدرات بدلا من أن تصبح عائلا ومن أن يدفع لها الزكاة بحيث تكون مشاركة في دفعها نتلمس نحن في الضمان الاجتماعي المهارات لدى بعض السيدات سواء خياطة، تطريز، طبخ، مكياج، تربية المواشي، حياكة السدو، ونحن نسعى ونتلمس لدى السيدات المهارات ونشجعها بأن تبدأ مشروعها الصغير ونقوم بدعمه ماديا بما يتناسب مع كل مشروع ويتم توقيع مذكرة التزام مشروع بحيث تتم متابعاتها كل ثلاثة أشهر للتأكد من استمرارية المشروع ونجاحه ومعالجة الصعوبات التي تواجه المشروع». وقالت الخميس: «مكاتب الضمان تسعى دائما لإقامة معارض وبازارات في عدد من المناسبات وبالتالي تهيئ لهن المكان المناسب والطاولات لعرض منتجهن ونقوم بالتواصل مع أصحاب المعارض ومع المنظمين وكثيرا ما نجد تجاوبا من قبلهم إضافة إلى ذلك نقوم بالذهاب إلى جهات مختلفة مثل جامعتي الملك سعود والأميرة نورة وكذلك إلى المدارس حيث نقوم بتعريفهم بالضمان الاجتماعي ومن ثم نقدم هؤلاء السيدات لهم لعرض منتجاتهن لمدة يومين». وأضافت الخميس: «بالنسبة للأسر المنتجة فتستمر فترة عرضهم لمدة أكثر ونحن حريصون على مشاركة تلك الأسر في الجنادرية مثلا سنويا، ولله الحمد تحصل هذه الأسر على مكاسب مالية ممتازة تصل إلى خمسين ألف ريال ويتم تخصيص مشرفات باحثات يتواصلن معهن لحصر الغلة اليومية ومن تكون منتجاتها أكثر مبيعا يتم تشجيعها لإشراكها في المهرجانات القادمة». وقالت الخميس: «نجد تعاونا من الجهات المختصة ونهدف لجعل إنتاج تلك الأسر منافسا للمنتج الأجنبي لأنه جيد ورخيص ونحن نسعى لتدريبهم من خلال الجمعيات أما بالنسبة لموضوع الطبخ من المنزل فيقف الأمر أمام تقديمهن لنا تقريرا طبيا يخولهن من الأمراض المعدية قبل أي شيء ونقوم بزيارة البيت والتأكد من نظافة المكان والمطبخ ونظافة المكان المهيأ للعمل وكذلك الأدوات ولا نكتفي بهذه الزيارة بل تقوم بالمتابعة وهو الأمر الأصعب لدينا». انتقلت «عكاظ» بعد ذلك وطرحت جملة من الأسئلة على رئيسة لجنة «الأسر المنتجة والعمل من المنزل» بمركز الرياض لتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة الأستاذة هدى الجريسي للوقوف على ما تلقيناه من معلومات سابقة وسألناها بداية عن أبرز العوائق التي تواجه تشريع إصدار ترخيص عمل السيدات من المنزل فقالت: «هناك توجيه صدر من صاحب السمو الملكي الأمير الدكتور منصور بن متعب بن عبدالعزيز وزير الشؤون البلدية والقروية لجميع الأمانات للترخيص لنحو 50 نشاطا للسيدات اللائي يعملن من المنزل، وفي تقديري أن هذا التوجيه سيعزز أنشطة السيدات اللاتي يعملن من المنزل، ويقدم حافزا جيدا لهن، ويضفي الكثير من المشروعية التنظيمية لهذه الأنشطة، ففقدان الترخيص النظامي يضعف قدرة المشروع على الصمود والتسويق القوي لمنتجات هذه المشروعات. ومن خلالكم أقول إن من أبرز السلبيات التي تواجه عمل السيدات من المنزل عموما عدم توفر مظلة أو جهاز مؤسسي لتنظيم هذا النشاط، يناط به وضع اللوائح والأنظمة والضوابط لرعاية ودعم واستقطاب هؤلاء السيدات، ودراسة التجارب الدولية الناجحة والقابلة للتطبيق في بيئة المملكة، وإعداد قاعدة بيانات إلكترونية للسيدات اللاتي يعملن من المنزل ونوعية المنتجات التي ينتجنها، وكذلك بيانات لرجال وسيدات الأعمال الذين لديهم استعداد لدعم هذه المشروعات، وإعداد نشرات وكتيبات تعرف بمنتجات هذه السيدات لتسهيل وتوسيع عمليات تسويقها. كما يعد ضعف التمويل لهذه المشروعات أيضا من أبرز الصعوبات التي تواجه السيدات المنخرطات في هذه الأنشطة، فضلا عن قلة الاهتمام بإجراء دراسات جدوى عن مختلف الأنشطة ونشرها لتكون دليلا للراغبات في الدخول في هذه المشروعات، وكذلك نقص البرامج التدريبية لتأهيل الراغبات للعمل بهذه المشروعات وحسن إدارتها، وضعف آليات التسويق، وغياب الشركات المتخصصة في تسويق منتجاتها». وحول غياب العمل الإحصائي عن تلك الأسر قالت الجريسي: «العمل الإحصائي منوط بالجهات الرسمية التي لها صلاحيات إصدار التراخيص، أما غرفة الرياض فإنها تقدم التسهيلات للسيدات اللائي يعملن من المنزل، كما تعمل على بلورة المشكلات التي تواجههن وتعمل على عرضها على الجهات الحكومية المختصة للبحث في أفضل آليات الحل». وأضافت: «نحن في لجنة الأسر المنتجة والعمل من المنزل بمركز الرياض لتنمية الأعمال الصغيرة والمتوسطة بغرفة الرياض، نعمل كل ما في وسعنا من أجل دعم هذه المشروعات التي نؤمن بجدواها الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع، لكننا نعمل في إطار صلاحياتنا وما يدخل في اختصاصاتنا، فالغرفة كما يعرف الجميع مظلة وممثل للقطاع الخاص بكل شرائحه ومكوناته، تعبر عنه وعن مشكلاته وتطلعاته، كما تطرح المقترحات لتذليل كافة المعوقات والعقبات التي تقف في طريق القطاع الخاص بكافة شرائحه وفئاته، ومن بينها شريحة السيدات اللائي يعملن من المنزل، بل وتوليها اهتماما مضاعفا فنحن نشجع هذا النوع من المشروعات ونساعد على توسيعها، ولعل أحد مظاهر هذا الدعم معرض «منتجون» الذي يعد الأكبر على مستوى الشرق الأوسط، والذي نظمته الغرفة قبل حوالى شهرين». وفيما يتعلق برصد أي تداعيات سلبية اجتماعية صحية لمهنة الطاهيات قالت: «أعتقد أن موضوع رصد السلبيات منوط بالجهات الرقابية الذي هو من اختصاص وزارة الشؤون البلدية والقروية، فإذا أردت الحصول على معلومات موثوقة دقيقة في هذا الخصوص فعليك أن تستقيها من الجهات المختصة، لكننا من حيث الصورة العامة فلا أعتقد أن هناك تداعيات سلبية اجتماعية أو صحية في هذا المجال، ولا يتواتر معلومات عن مخالفات ناجمة عن نشاط الطاهيات، ولو أن هذه المخاطر قائمة لما وجدنا مطاعم وأحيانا فنادق تلجأ لهؤلاء الطاهيات، لكن ما يحدث أنها تطلب وجبات معينة من الطاهيات لثقتها في سلامة ما ينتجن من وجبات، ورغم هذا فلابد من وجود رقابة صحية لضمان ألا نقع في المحظور. ولا زلنا في انتظار رد وزارتي التجارة والعمل على هذا الموضوع والذي لم نستمله حتى إعداد هذا التحقيق».