قطعت المحامية السعودية شوطا كبيرا في المهنة مخترقة صفوف الرجال الذين احتكروا المهنة لعقود طويلة، واخذت الفتيات مقاعدهن في قاعات المحاكم مدافعات عن الأنظمة والقوانين وعن الموكلين .. ودفع نجاح النواعم في مهنة المحاماة العشرات من الفتيات إلى اختيار دخول كليات الحقوق والأنظمة. المحامية السعودية بيان زهران من جدة دخلت المهنة نتيجة موقف إنساني مؤثر حسبما تقول، وهو الموقف الذي قلب موازينها واختياراتها، فتقول: «كنت أدرس موارد بشرية وبقي على تخرجي عام، وفي عطلة الصيف تعرضت إنسانة عزيزة على قلبي لخطأ طبي فادح ووقفت إلى جانبها ثم رفعنا دعوى قضائية للمطالبة بحقها». ظلت طالبة الموارد البشرية بيان زهران تبحث عن الأنظمة والإجراءات ليتم اتخاذ اللازم حيال ما تعرضت له صديقتها، وأثناء عودتها للجامعة بلغ مسمعها افتتاح وتديشين قسم الأنظمة في جامعة الملك عبدالعزيز، فسرعان ما غيرت تخصصها وسجلت بالقسم الجديد. نظرة المجتمع أصرت المحامية بيان على تكملة مشوارها التعليمي والعمل بعد التخرج كمحامية سعودية للدفاع عن قضايا بنات جنسها، وكانت أول الصعوبات التي واجهتها استيعاب وتقبل المجتمع للمتخرجات من قسم الحقوق، وتضيف: لم يتقبل الوسط الاجتماعي هذه الحقيقة، حتى تم إثبات دور المحامية السعودية في الحقل العدلي والحقوقي، وبالنسبة لي، كنت في البداية متطوعة ثم توظفت في جمعية حماية الأسرة مستشارة قانونية، وأصبحت أترافع عن الحالات بموجب تفويض من الجمعية .. وأغلب القضايا ملفات عنف وإساءة معاملة. وتتحدث المحامية السعودية بيان بكثير من التقدير والعرفان عن رئيس محكمة جدة العامة، الذي قدم كل التسهيلات لعملها في الدفاع عن الحالات المعنفة، وأتاحت لها هذه التجربة فرصة وخبرة كبيرة، ثم انتقلت بعد ذلك إلى جمعية تراحم كمستشارة قانونية لحقوق السجناء والوقوف على سلامة أوضاعهم، فتقول: كنت حريصة على أن أنتسب إلى هذا الصرح بدافع تحصيل خبرات في قضايا مختلفة، وبفضل الله تمكنت من خلال الوظائف التي شغلتها من إثبات دوري القانوني والاجتماعي والحقوقي. مهنة متعددة المواهب المستشارة القانونية الشابة دانة أحمد الخلب 23 سنة، تخرجت من كلية القانون من جامعة دار العلوم، ومن وجهة نظرها المحاماة علم وخبرة وفوائد على الصعيد الاجتماعي والإنساني والوظيفي، وتقول: «اخترت هذا المجال لقناعتي بأن دراسة الحقوق ترتقي بالإنسان، ليس من ناحية أكاديمية فحسب، بل من ناحية شخصية وعقلية، بالإضافة إلى ملاصقته للجانب الإنساني. ومن ناحية أخرى فإن تخصص القانون يتميز عن غيره من التخصصات كونه تخصص المهن المتعددة». وتعمل دانة منذ أكثر من عام في أحد مكاتب المحاماة كمستشارة قانونية ومشرفة على القسم النسائي، وتم تسجيلها مؤخرا في قيد المحامين المتدربين بوزارة العدل. وتطمح لإنهاء دراسة الماجستير في القانون التجاري والحصول على رخصة المحاماة التي ستمكنها مستقبلا من الاستقلال في عملها. ثقافة رد الحقوق هالة حكيم طالبة في السنة الثالثة في كلية الحقوق في جامعة الملك عبد العزيز عزت التحاقها بالكلية لما لمسته من خلال عملها الإعلامي من الخلافات والمنازعات والمشاكل التي تحتاج إلى البت فيها وفض الخلافات ورد الحقوق إلى أصحابها، إلى جانب المشاكل الأسرية وحالات العنف التي تعاني منها المرأة. وتقول هالة إنها شخصيا تعرضت لمشاكل مهنية وإدارية دفعتها لتعلم الحقوق والأنظمة في كلية متخصصة، وتطمح في القريب العاجل إلى ممارسة دورها كمحامية لها الحق في التمتع بمهام المهنة مادامت قادرة على ذلك، وتنتظر الفرصة خاصة بعد صدور قرارات وزارة العدل بالسماح للمرأة بمزاولة المحاماة وبعد تعديل نظام المحاكم الجديد ووجود المحاكم الأسرية مما يفتح للمحامية الترافع في القضايا والذي يمس شريحة القطاع النسائي دون حرج، كما تطمح لتمثيل المرأة عالميا في هذا المجال من خلال المنظمات العالمية. أما رنين بني طالبة الحقوق 21 سنة، فقد شغفت بالتميز منذ صغرها، فكانت تبحث عن الجديد والمختلف من العلوم التي تضيف لها الجديد من الخبرة والمعلومات ومعرفة التعامل مع الناس أكثر، ووجدت ضالتها في دراسة المحاماة، وهي بطبيعتها تنفر من الوظائف التقليدية والروتينية، تقول: لدي شغف بمعرفة العلوم الجديدة على مجتمعنا النسائي، وما شدني لدراسة القانون غرابته، وأحببت أن أدرس شيئا جديدا، يتناغم مع أنماط شخصيتي وقدرتي على خزن المعلومات واستنباط الحلول وأيضا المهارات الحوارية والفنون الجدلية، فأحببت المهنة ورأيت أنها تناسبني خاصة بعد إجراء اختبارات الميول والقدرات. مناظرات افتراضية ومحاكم تفوقت رنين في مجال دراستها فشاركت في عدة محاكم افتراضية ومناظرات، وأسست فريقا تطوعيا نظم عددا من الدورات المهارية والتعليمية على أيدي محامين كبار، منها دورات في جرائم الشيكات وقضاء التنفيذ، وشاركت بالإلقاء كمتحدثة في بعض الندوات مثل منتدى التحكيم والقانون التجاري، وتدربت على أيدي أكبر المحامين في كتابة المذكرات وصياغة العقود وتقديم الاستشارات. وتطمح رنين في المستقبل أن تلتحق بإحدى البعثات إلى الخارج لتحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في القانون. أحاسيس المرأة المحامية في المقابل فإن اختيار المصعبي الطالبة في الحقوق في جامعة الملك عبد العزيز، تؤكد أن المجتمع في حاجة ماسة لمحاميات يترافعن في قضايا السيدات؛ لأن المرأة تفضل امرأة مثلها تشعر بمعاناتها وأحاسيسها، كما أن المرأة تجد نوعا من الحرج يقف بينها وبين المحامي الرجل، فلا تستطيع إخباره بكل التفاصيل. وهو مجال مليء بالتحديات التي يجب أن تقف المرأة السعودية في وجهها وتغير الصورة المغلوطة عن المحاميات وأهم هذه التحديات النظرة التقليدية للمرأة وعدم ثقة الوكلاء بالمحاميات. وعن سبب دخولها هذا التخصص قالت اختيار إن ذلك حدث بمحض الصدفة، إذ كانت تطمح في دراسة علم النفس فهو وثيق الصلة بالقانون. بيان حسان قوتة ترى أن وجود أشخاص مؤهلين في الحكم بين الناس وإعطاءهم حقوقهم مطلب أساسي لتحقيق العدالة، ولا يكون ذلك إلا بالدراسة والنية الصادقة والإخلاص في هذه المهنة الإنسانية، لذلك فقد أحبت أن تكون محامية منذ الصغر وواصلت دراستها والتحقت بكلية الحقوق لتحقيق حلمها. وترى أنه لا فرق بين رجل وامرأة في التخصص على أن تترافع المحامية في كل القضايا دون فرق أو تمييز بينها والرجل المحامي مادام الاثنان حصلا على ذات المؤهل والتدريب. من جانبها، ترى غفران عبدالباري باشميلة أن دراستها للقانون حدث عن عشق واقتناع، حيث يوسع المدارك وينمي المهارات، وتطمح في المستقبل في فتح مكتب استشارات قانونية ومحاماة نسائي. إذ إن كثيرا من قضايا النساء تضيع بسبب الجهل. المهارة في العزف وتقول سمية كردي طالبة القانون في جامعة الملك عبدالعزيز وعضوة اتحاد المحامين الشباب وعضوة في جمعية عدالة: إن سبب اختيارها للقانون كان برغبة منها، فهي تجد نفسها في هذا المجال، وتشجع دوما دراسة التخصصات التي تؤمن لطلابها مهنة تفيد المجتمع من حولنا. وتضيف: في الآونة الأخيرة ترددت على مسامعنا قضايا حزينة، وهي ناتجة عن غياب التوعية القانونية، إن أردت أن تصبح ماهرا في العزف على القانون لا تكتف بالنوتات الجامعية فلن تتميز في معزوفتك.