تتضافر الجهود المؤسساتية والشخصية لتطوير واقع الترجمة في المملكة تحقيقا لرؤية خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز حفظه الله في مجال تعزيز ثقافة وصناعة الترجمة لخدمة الوطن داخليا والمجتمعات الإسلامية والعربية خارجيا، وتشجيع القراءة والإقبال على الكتب العربية من خلال الترجمة، والمساهمة في رفع مستوى جودة المواد المترجمة من حيث الموضوع وسلامة اللغة، والاستفادة من التقنيات الحديثة لخدمة الترجمة وتطويرها. وانطلاقا من هذه الرؤية صدرت موافقة مجلس إدارة مكتبة الملك عبد العزيز العامة بإنشاء جائزة عالمية للترجمة تحمل اسم «جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة» ؛ تكريما للتميز في النقل من اللغة العربية وإليها، واحتفاء بالمترجمين، وتشجيعا للجهود المبذولة في خدمة الترجمة، كما صدرت الموافقة السامية الكريمة على قرار مجلس التعليم العالي بإنشاء معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية عام 1433ه لخدمة الترجمة والتعريب ليس على مستوى الجامعة فحسب وإنما على مستوى الوطن، إضافة إلى إنشاء الجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة، وجاءت جائزة خادم الحرمين الشريفين للترجمة لتحدث حراكا ملحوظا في ساحة الترجمة إذ كرمت العديد من المختصين في الترجمة في مختلف مجالات المعرفة منذ بدأت مسيرتها الناجحة في التاسع من شوال 1427 ه الموافق 31 أكتوبر 2006 م عندما صدرت موافقة مجلس إدارة مكتبة الملك عبدالعزيز العامة على إنشاء جائزة عالمية للترجمة تحمل اسم «جائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمية للترجمة»، انطلاقا من رؤيته يحفظه الله، في الدعوة لمد جسور التواصل الثقافي بين الشعوب، وتفعيل الاتصال المعرفي بين الحضارات، لما فيه خير وسعادة الإنسانية، وجاء الإعلان عن موافقة خادم الحرمين الشريفين على إطلاق الجائزة في الثالث عشر من صفر 1428 ه الموافق 3 مارس 2007م، في مؤتمر صحافي أقيم على هامش فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب، لتبدأ أعمال الدورة الأولى من الجائزة رسميا. دورات الجائزة ووصل عدد الأعمال التي تقدمت للجائزة في دورتها الأولى 186 عملا من 30 دولة عربية وأجنبية، وتصدر الفائزين مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بفوزه بجائزة الترجمة لجهود المؤسسات والهيئات، وعبدالله بن إبراهيم المهيدب وأحمد فؤاد باشا الفائزان بالجائزة في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية «مناصفة» ، وعبدالسلام شدادي وكلاوديا ماريا تريسو الفائزان بالجائزة في مجال العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى « مناصفة»، وصالح سعداوي صالح الفائز بالجائزة في مجال العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية. وتواصل نجاح الجائزة في دورتها الثانية، إذ بلغ عدد الأعمال التي تقدمت للمنافسة عليها 127 عملا من (25) دولة، حيث شهدت هذه الدورة فوز مركز الترجمة بجامعة الملك سعود بالجائزة في فرع المؤسسات، وتشوي يونغ كيل الفائز بجائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى، وفايز الصياغ الفائز بجائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، وحاتم النجدي الفائز بجائزة الترجمة في العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور محمد الطاهر الميساوي والدكتور بندر ناصر العتيبي الفائزان بالجائزة في مجال العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى «مناصفة» ، وهنية بنت محمود مرزا والدكتورة سلمى الخضراء الجيوسي الفائزتان جائزة الترجمة في العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية «مناصفة» ، وتكريم الدكتور هاندرتش هارتموت. واستمر نجاح الجائزة في دورتها الثالثة في استقطاب خيرة المترجمين لتؤكد عالمية الجائزة، من خلال عدد كبير من الأعمال التي تقدمت للتنافس في فروعها الخمسة حيث وصل إلى «118» عملا تمثل 23 دولة عربية وأجنبية، حيث فازت الهيئة المصرية العامة للكتاب بجائزة الترجمة في مجال المؤسسات والهيئات، ومحمد الخولي الفائز بجائزة الترجمة في مجال العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، الدكتور شريف محمد الوتيدي الفائز بجائزة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور عبدالقادر المهيري والدكتور حمادي حميدة صمود الفائزان بالجائزة في مجال العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى «مناصفة» ، والدكتور عصام الدين علي الجمال الفائز بجائزة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور ناصر محمد العندس الفائز بجائزة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور عبدالله علي القحطاني الفائز بجائزة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور أحمد عبدالعزيز العويس الفائز بجائزة الترجمة في مجال العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية.. وجرى تكريم الأستاذ الدكتور أندريه ميكائيل والأستاذ الدكتور عبدالواحد لؤلؤة. وجاءت الدورة الرابعة للجائزة، لتؤكد أن هذا المشروع الثقافي والعلمي والمعرفي الرائد أصبح علامة مضيئة ودرة فريدة في عقد المشروعات الثقافية والعلمية العالمية الهادفة للتقارب الإنساني، وذلك من خلال أكثر من 96 عملا تمثل 20 دولة، حيث فازت المنظمة العربية للترجمة بالجائزة في مجال جهود المؤسسات والهيئات، ومحمد بن عبدالله الزغيبي الفائز بالجائزة في العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور جورج زيناتي الفائز بالجائزة في مجال العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية، والدكتور فرانس شوب، والدكتورعبدالله بن علي السليمان الغشام، والدكتور يوسف أحمد بركات الفائزون بالجائزة في مجال «العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية» (مناصفة)، والدكتور محمد بدوي الفائز بالجائزة في مجال «العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية» ، والدكتورة يولنده غواردي وحسين بن شينة الفائزان بالجائزة في مجال «العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى» (مناصفة) .. وجرى تكريم الدكتور تشونغ جيكون والدكتور محمد عناني. وأكدت الدورة الخامسة للجائزة التي استضافت العاصمة الألمانية برلين حفل تسليمها الصفة العالمية لجائزة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وذلك من خلال ما يقرب من (162) عملا تقدمت لنيل شرف التنافس على الفوز بها، من أكثر من (25) دولة وبما يزيد على (15) لغة، حيث فاز مشروع «كلمة» التابع لهيئة أبوظبي للثقافة والتراث بدولة الإمارات العربية المتحدة بالجائزة في مجال المؤسسات والهيئات، والدكتور محمد سلامة الحراحشة والدكتور وليد محمد خليفة والدكتور السيد محمد الألفي والدكتور رضوان السعيد عبدالعال الفائزون بالجائزة في مجال «العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية» (مناصفة) ، والدكتور محي الدين علي حميدي والأستاذ فاضل لقمان جتكر والدكتور نعمة الله إبراهيموف والدكتور عبدالحكيم عارفوف والدكتور أكمل جانوف والدكتور عبدالحميد زيريوف والدكتور جهانكير نعمتوف والدكتور عبدالواحد عليوف والدكتور نبيل الرضوان الفائزون بالجائزة في مجال «العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى» (مناصفة) .. وجرى تكريم الدكتورة منى بيكر والدكتورة دولينينا أنا اركاديفينا ومترجمي القاموس الموسوعي للتداولية. وجاءت الدورة السادسة من الجائزة لتؤكد عالمية الجائزة ونجاحها في استقطاب خيرة المترجمين من جميع دول العالم، حيث قدموا 166 عملا لنيل شرف الفوز بالجائزة، ففاز « المركز العربي للتعريب والترجمة والتأليف والنشر» التابع لجامعة الدول العربية بالجائزة في مجال المؤسسات والهيئات، والدكتورة ريم محمد عابد الطويرقي والدكتور عبدالناصر صلاح إبراهيم والدكتور علي عبدالله السلامة الفائزون بالجائزة في مجال «العلوم الطبيعية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية» (مناصفة)، والدكتورة سلوى سليمان نقلي والأستاذة رشا سعد زكي عبدالغفار الفائزتان بالجائزة في مجال «العلوم الإنسانية من اللغات الأخرى إلى اللغة العربية» (مناصفة) ، والدكتورة سيسيليا مارتيني الفائزة بالجائزة في مجال «العلوم الإنسانية من اللغة العربية إلى اللغات الأخرى» ، والبروفيسور: جواو بابتستا دي ميدييروس فاخنيس والبروفيسور لويس ميقيل كانيادا الفائزان بالجائزة في مجال «جهود الأفراد» (مناصفة). الأهداف والمجالات وتركزت أهداف الجائزة، وفق ما نصت عليه لائحتها حول الإسهام في نقل المعرفة من اللغات المختلفة إلى اللغة العربية، وتشجيع الترجمة في مجال العلوم من اللغة العربية وإليها، وإثراء المكتبة العربية بنشر الأعمال المترجمة المتميزة، وتكريم المؤسسات والهيئات التي أسهمت بجهود بارزة في نقل الأعمال العلمية من اللغة العربية وإليها، والنهوض بمستوى الترجمة وفق أسس مبنية على الأصالة والقيمة العلمية وجودة النص، وحرصا على تحقيق أهداف الجائزة، تم تحديد خمسة مجالات للتنافس فيها تشمل: جائزة لجهود المؤسسات والهيئات، وأخرى في ترجمة العلوم الإنسانية من اللغة العربية، وثالثة في ترجمة العلوم الإنسانية من اللغات المختلفة، ورابعة في ترجمة العلوم الطبيعية إلى اللغة العربية، وخامسة في ترجمة العلوم الطبيعية من العربية إلى اللغات الأخرى، على أن يحصل الفائز في كل مجال من المجالات الخمسة على جائزة قدرها 500 ألف ريال، ليصل مجموع قيمة الجائزة إلى 2.5 مليون ريال سنويا، وذلك ما يجعلها الجائزة الأكبر عالميا في ميدان الترجمة. وأصبحت الترجمة والحديث عنها وحضورها جزءا من المشهد الثقافي السعودي، وبمناسبة توزيع الجائزة في هذا العام في مدينة ساوباولو في البرازيل تستطلع «عكاظ» رأي بعض المهتمين والتعرف على واقع الترجمة في المملكة ورؤيتهم لمستقبلها: في البدء قال عميد معهد الملك عبدالله للترجمة والتعريب الدكتور أحمد بن عبدالله البنيان : «الترجمة في المملكة خطت خطوات متقدمة في ظل الدعم اللامحدود من القيادة الرشيدة التي شجعت على الترجمة ووضعت الجوائز كجائزة الملك عبدالله للترجمة وكذلك شجعت القطاع الخاص والحكومي على الترجمة عبر التصريح للمعاهد والمراكز التي تهتم بالترجمة» ، وحول دور المعهد في خدمة الترجمة في الجامعات، ذكر أن المعهد يهدف من خلال الترجمة إلى إثراء المحتوى العلمي والثقافي في التخصصات العلمية في الجامعة من خلال تعريب الكتب والمراجع العلمية المتخصصة وإعادة تعريب الكتب العلمية التراثية التي فقدت أصولها العربية، مشيرا إلى أن تعدد الجهات المهتمة بالترجمة يسهم في التشجيع على الترجمة واللحاق بالعلوم المتقدمة. التشجيع على الترجمة من جهته، رأى عضو هيئة التدريس في كلية الطيران المدني في جدة والمتخصص في الترجمة سعود عبدالعالي الحربي، أن أهم المعارف التي تحتاج إلى ترجمة للغة العربية، هي القصص التربوية التي تتناول القيم الإنسانية خصوصا للأطفال، إضافة إلى الكتب والمقالات العلمية المتخصصة في مجالات الاقتصاد والإدارة والتخطيط والتدريب، وقال: « بشكل عام المحتوى العربي يعتبر فقيرا في المكتبات والانترنت مقارنة بمحتوى اللغة الانجليزية والفرنسية والاسبانية، ويعود ذلك لافتقار العالم العربي لمراكز ترجمة متخصصة في تلك المجالات وتقصير الجامعات في التشجيع على الترجمة ونشر مشاريع الترجمة من قبل الطلاب» ، وبين الحربي أن العالم العربي في حاجة لنهضة علمية في الترجمة عن ما يصدر باللغة الانجليزية واللغات الأخرى والاستفادة منه في بناء العالم الحديث. إزالة العوائق بدوره، اعتبر المتخصص في اللغة الانجليزية عيد المرامحي، أن أي نهضة علمية وثقافية واجتماعية لابد من أن ترافقها حركة ترجمة واسعة النطاق إلى اللغة العربية وهذا الأمر تؤكده التجربة الحضارية العربية والإسلامية في عصر نهضتها، وقال: «الفجوة بين المجتمعات العربية والمتقدمة هي فجوة معرفية والتشجيع الذي تحظى به الترجمة في المملكة سيجعل منها دولة متقدمة، وهذا التشجيع يتطلب إزالة العوائق المادية وغير المادية التي تؤدي إلى عزوف المتخصصين عن عملية الترجمة» ، ودعا إلى أن تكون الترجمة إحدى الآليات التي تستخدم في الترقية الأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس في الجامعات. الوفاء بالحاجات ومن جانبه، شدد المتخصص في الترجمة التربوي يحيى العيافي على أهمية أن تكون هناك رؤية واضحة في مجال تعليم النشء للغات الأخرى، وقال: «إن الخطوة الأولى لحل المشكلة هو مواجهتها بشجاعة والاعتراف بها، وتشخيصها تشخيصا يضع الأصبع على أصل المشكلة بغية تقديم العلاج المناسب، من أجل الوصول إلى تصور لإستراتيجية وطنية واضحة المعالم تشكل منظومة تسير وفقها جميع الجهود في هذا الصدد» ، وأضاف : «الترجمة لم تعد ضربا من ضروب الترف الفكري، فقد أصبحت مع تطور العلوم والمعارف وسيلة للوفاء بالحاجات المعرفية» ، وأكد أن جائزة خادم الحرمين للترجمة تعتبر من أهم المشاريع التي دعمت الترجمة بشكل عام في المملكة. دعم القطاع الخاص من جهته، أوضح هاني الغامدي «صاحب معهد متخصص في الترجمة» ، أن ضعف مخرجات الجامعات وقلة المتخصصين يجعل القطاع الخاص يعزف عن الترجمة، وقال: «القطاع الخاص يعتمد حاليا على والترجمة الشفوية. ولخوض مجال الترجمة في الكتب والإصدارات فهذا الأمر يحتاج إلى تسهيلات ودعم» ، وأضاف: «على كليات الترجمة في الجامعات الأخذ بعين الاعتبار احتياجات المجتمع السعودي لاسيما مع تقدم العلوم ووجود الشركات العالمية والمستثمرين، فالحاجة ماسة لترجمة المصادر والكتب». الحاجة للمعايير ومن جانبه، لفت المتخصص في الترجمة حاتم الصبحي، إلى أن تشجيع القطاع الخاص على الترجمة لابد أن يستند إلى معايير محددة، وقال: « عملية ترجمة الكتب تحتاج إلى معايير والواقع وحسب الدراسات يشير إلى أن المحاولات التي يقوم بها القطاع الخاص تعد عشوائية وتوجد بها أخطاء لأنها لا تستند إلى معايير أو خطط مدروسة، وطالب الجهات المعنية بالترجمة كالجمعية العلمية السعودية للغات والترجمة بوضع معايير لسلامة ترجمة الكتب وغيرها من الإصدارات.