تعهد مدير عام الدفاع المدني الفريق سعد بن عبدالله التويجري الوقوف بحزم في وجه كل مقصر أو مخالف أو متهاون في اشتراطات السلامة التي تخص ضيوف الرحمن، معتبرا أنه لا مجال للمجاملة والمحاباة لكائن من كان، لأن سلامة الحاج من أولويات القيادة الرشيدة. وكشف الفريق التويجري عن شمولية الخطة العامة لأعمال الدفاع المدني لمواجهة الطوارئ في حج هذا العام للوقاية من 13 نوعا من المخاطر الافتراضية والتدخل السريع والفاعل في التعامل معها في حال وقوعها، حفاظا على سلامة ضيوف الرحمن، معبرا عن امتنانه وتقديره لما توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من اهتمام ودعم للدفاع المدني لأداء مهامه في مواجهة كافة أنواع المخاطر التي قد تحدث خلال تواجد حجاج بيت الله الحرام بالعاصمة المقدسة والمدينة المنورة والمشاعر باستخدام أحدث الآليات والمعدات والقوى البشرية المؤهلة. كما تطرق في حديث شامل ل «عكاظ» إلى أبرز التحديات التي تواجه قوات الدفاع المدني المشاركة في مهمة الحج هذا العام وسبل التعامل معها، مؤكدا ثقته في قدرات رجال الدفاع المدني لمواصلة الأداء المتميز خلال مواسم الحج طوال السنوات الماضية والذي أشادت به كافة منظمات الحماية المدنية والدفاع المدني على المستوى الإقليمي والدولي، وفيما يلي تفاصيل الحوار: بداية نسأل عن نوعية المخاطر المحتملة في حج هذا العام وهل اختلفت عن المواسم الماضية ؟ - من المعلوم أن هناك مخاطر قد تحدث لأسباب طبيعية مثل الأمطار والسيول أو الرياح الشديدة والعواصف الرعدية والترابية وهذه النوعية قد تتراجع في أحد المواسم وتتزايد فرص حدوثها في أخرى تبعا للتغيرات المناخية، كما أن هناك نوعية أخرى من المخاطر ترتبط باجتماع هذا العدد الكبير الهائل من الحجاج في أماكن بعينها وأوقات محددة مثل مخاطر الزحام والتدافع وانتشار الأمراض والتلوث البيئي وهذه لا تختلف من موسم لآخر لأن أسبابها تظل موجودة، أما النوع الثالث من المخاطر يرتبط بالمستجدات في بيئة الحج وخير مثال على ذلك المشاريع الكبرى التي يجري تنفيذها في العاصمة المقدسة وفي مقدمتها مشروع توسعة المسجد الحرام أو مخاطر انهيار الصخور في المشاعر المقدسة، وعلى ضوء ذلك قد يحدث تغيير في ترتيب المخاطر العامة لأعمال الدفاع المدني في الحج من موسم لآخر دون إغفال للمخاطر الأخرى، وهذا العام تتقدم مخاطر الزحام داخل المسجد الحرام والمنطقة المركزية بدرجة أكبر مما كانت عليه في المواسم الماضية، إلا أن الخطة العامة لأعمال الدفاع المدني تستوعب كافة المخاطر المحتمل حدوثها ولو بنسبة ضئيلة ويبلغ عددها 13 نوعاً من المخاطر الطبيعية وحوادث الحريق وانهيارات المباني وكل ما يهدد سير الحياة الطبيعية خلال أعمال الحج. هل ثمة برامج لتدريب وتأهيل المشاركين في مهمة الحج؟ - يتم تنفيذ حزمة من البرامج التنشيطية لجميع الوحدات المشاركة في أعمال الحج في مواقع تمركزها بالعاصمة المقدسة والمشاعر للتأكد من استيعابها لمهامها وجاهزيتها للقيام بها، وتتضمن هذه البرامج شرحا شاملا ووافيا لطبيعة مهام كل وحدة وفرقة ونطاق عملها وآليات التنسيق مع الوحدات والفرق الأخرى، كما تتضمن فرضيات عملية للتعامل مع مختلف أنواع الحوادث بمشاركة كافة الجهات المعنية وماذا عن اختيار عدد ونوعية المعدات والآليات التي يتم استخدامها، وهل ثمة آليات جديدة تظهر في حج هذا العام؟ - أصبح من المعروف للجميع أن الآليات والمعدات التي تشارك في أعمال الدفاع المدني في الحج يقتصر استخدامها على هذه المهمة النبيلة كل عام وفقا لنوعية المخاطر المتوقعة واحتياجات الوحدات والفرق الميدانية ولنأخذ على سبيل المثال مخاطر الحريق في الأبراج العالية بالعاصمة المقدسة التي فرضت استخدام سيارات السلالم بارتفاعات تصل إلى قرابة 60 مترا وهي مجهزة بمصاعد هيدروليكية لدعم جهود رجال الدفاع المدني لإنقاذ المحتجزين في هذه المباني وكذلك سيارات الإطفاء المجهزة بمضخات ذات قوة دفع كبيرة، كما فرضت حالة الزحام الشديد في المنطقة المركزية الاعتماد بدرجة كبيرة خلال السنوات الماضية على سيارات الإنقاذ والإطفاء المزدوجة لصغر حجمها وقدرتها على التحرك السريع والوصول إلى المواقع التي يتعذر وصول آليات الإطفاء الضخمة، ومثلما أشرنا إلى أن لكل مهمة رجالها فإن لكل مهمة أيضا الآليات التي تناسبها، وفي هذا العام سوف يستخدم لأول مرة في الحج الدراجات النارية ذات الأربع عجلات والمجهزة بخزانات للمياه والرغاوي في مباشرة حوادث الحريق في الحافلات والمركبات والمنشآت الصغيرة التي تقدم خدماتها للحجاج مثل المطاعم والبقالات للاستفادة من قدرة هذه الدراجات على التحرك السريع في الشوارع والممرات الضيقة والمناورة في اختراق مواقع الزحام، كما أن هناك ما يزيد عن 200 آلية جديدة تشارك في حج هذا العام منها آليات للبحث والإنقاذ في حوادث انهيارات المباني وأخرى لأعمال الإنقاذ في المناطق الجبلية، بالإضافة إلى عربات مكافحة حوادث المواد الخطرة وآليات تعد الأحدث من نوعها في العالم. على ضوء المخاطر التي تتضمنها خطة الدفاع المدني هذا العام، هل ثمة تحديث أو تغيير في انتشار الوحدات والفرق الميدانية ونوعية تجهيزاتها؟ - يتم تحديد مواقع جميع المراكز والوحدات الميدانية واستحداث الفرق والمراكز الموسمية الثابتة والمتحركة، على ضوء المواقع الأكثر عرضة للمخاطر والمحددة بدقة عبر المصورات الجوية في العاصمة المقدسة والمشاعر، بهدف اختصار زمن الوصول لموقع الحوادث إلى أقل وقت ممكن ومثال لذلك تكثيف الوحدات والفرق الميدانية والتي تنتشر في 25 نقطة داخل المسجد الحرام والساحات المحيطة به للقيام بأعمال الإنقاذ والإسعاف للمرضى وكبار السن الذين قد يتعرضون لأي مشكلات صحية طارئة مع زيادة عدد نقاط تمركز هذه الوحدات إلى 35 نقطة في أوقات الذروة وزيادة عدد المراكز الثابتة والمتحركة على جميع طرق الحجاج للعاصمة المقدسة إلى ما يزيد عن 80 مركزا ثابتا ومتنقلا طوال موسم الحج، بالإضافة إلى 250 وحدة إطفاء وأكثر من 400 وحدة إشراف وقائي موزعة في مشاعر منى ومزدلفة وعرفات وقرابة 2500 دورية راجلة وراكبة لمتابعة اشتراطات السلامة في مساكن ومخيمات الحجاج وفي مشعر عرفات تحديدا أثناء وقوف الحجاج بعرفة يتعذر تحرك وحدات الدفاع المدني بين الكتل البشرية مما استلزم تغطية جميع أرجاء المشعر بفرق الدفاع المدني بحيث لا يزيد المسافة بين كل فرقة وأخرى عن 90 مترا وجميع هذه الفرق والوحدات والمراكز مجهزة بكل ما يلزم من الآليات والمعدات وتجهيزات السلامة الشخصية بما يتناسب مع طبيعة مهامها. بالحديث عن اشتراطات السلامة في منشآت إسكان الحجاج، كيف تتعاملون مع ما يتم رصده من مخالفات فيها؟ - جميع المنشآت التي يتم فيها إسكان الحجاج لا تحصل على تصريح بذلك قبل التأكد من توفر اشتراطات ومتطلبات السلامة بها من خلال لجان إسكان الحجاج بالعاصمة المقدسة والمدينة المنورة والتي تضم ممثلين من الدفاع المدني وبناءً على تقارير من مكاتب هندسية استشارية معتمدة، ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد بل تتولى فرق ودوريات السلامة والكشف الوقائي متابعة سلامة وفاعلية المنشأة المصرح لها والعمل على إزالة أي مخالفات يتم رصدها قبل وأثناء موسم الحج، بما في ذلك وجود مشرفين للسلامة في كل منشأة من المؤهلين والحاصلين على دورات معتمدة في هذا المجال، وفي حال رصد أي مخالفات في هذه المنشآت يتم تطبيق الإجراءات النظامية اللازمة معها وتشمل هذه الإجراءات قطع التيار الكهربائي والمياه عن المبنى أو المنشأة وإخلائها في حال وجود مخالفات جسيمة تهدد سلامة الحجاج أو تعوق رجال الدفاع المدني عن أداء مهامهم في حالات الطوارئ، مع استمرار متابعة ذلك لمنع استغلال المبنى المخالف في إسكان الحجاج، وهذا العام تم رصد 120 موقعا تمثل خطورة في حال استغلالها في إسكان الحجاج وتم تحديد مواقعها بدقة على المصورات الجوية وإبلاغ دوريات وفرق السلامة والكشف الوقائي بها لمتابعة منع استخدامها، وفقا للصلاحيات الكاملة الممنوحة لرجال الدفاع المدني، ولا مجال للتهاون أو التراخي مع أي ممارسات تهدد سلامة ضيوف الرحمن. وهل ينطبق ذلك أيضا على قرار حظر إدخال الغاز المسال إلى المشاعر المقدسة؟ - بدءا من أول أيام شهر ذي الحجة هناك تعليمات مشددة لدى فرق السلامة والمسح الوقائي والحماية المدنية بتطبيق الأمر السامي بحظر دخول أو استخدام الغاز المسال لأي من مشاعر منى ومزدلفة وعرفة ومصادرة كل ما يتم ضبطه من أسطوانات الغاز أو المواقد التي تعمل بالغاز وتحصيل الغرامات المالية فورا من المخالفين وفي حال الإصرار على المخالفة أو تكراراها يتم تنفيذ الإجراءات النظامية والتي تصل إلى حد السجن، نظرا لخطورة ما قام به، خاصة أنه تم توفير مطابخ مجهزة لإعداد الطعام والوجبات الساخنة في المشاعر والتي تتوفر فيها كل وسائل السلامة. تلجأ بعض حملات الحج إلى تركيب قواطع من الجبس والستائر المصنعة من مواد سريعة الاشتعال في مخيمات ما يعرف بالحج السياحي، فهل ذلك يمثل تحديا لكم؟ وهل ثمة إجراءات للحد من هذه الظاهرة؟ - لا شك أن مثل هذه الأفعال تمثل تحديا كبيرا للدفاع المدني فضلا عما يرتبط بها من مخاطر في سرعة انتشار النيران في حوادث الحريق وإعاقة للوحدات عن مباشرتها بالسرعة المطلوبة، وهناك دراسات تشير إلى أن تكاليف إنشاء هذه القواطع الجبسية والستائر المخملية وغيرها من الكماليات تتجاوز 100 مليون ريال في موسم الحج كل عام وهي مبالغ مهدرة لأن هذه الأشياء يتم إزالتها بانتهاء أعمال الحج كل عام، ونحن نبذل جهودا كبيرة في مجال التوعية بمخاطر مثل هذه الأعمال بالتنسيق مع مؤسسات الحج والطوافة وبعثات الحج الرسمية وفي حال ثبوت وجود خطورة محققة لهذه الأعمال يتم إزالتها على الفور، ولدينا كل الصلاحيات للقيام بذلك متى ما توفرت عوامل الخطورة ومن غير المقبول أن تتسبب هذه الكماليات الترفيهية في تهديد سلامة الحجيج. بصراحة شديدة هل يتحمل الدفاع المدني خلال أعمال الحج أعباء تقصير جهات أخرى في حالات مثل مباشرة حوادث الأبراج والمباني العالية التي توجد في شوارع ضيقة؟ - دعنا نتفق أن كل الجهات تبذل ما في وسعها لخدمة ضيوف الرحمن وليس أدل على ذلك من أن 18 جهة حكومية تشارك في تنفيذ الخطة العامة لأعمال الدفاع المدني في الحج ويتواجد مندوبون لها على مدار الساعة بمركز عمليات الطوارئ لتنفيذ كل ما يطلب منها أثناء الحوادث الكبرى التي قد تقع – لا قدر الله – خلال موسم الحج، لكن طبيعة العاصمة المقدسة الجغرافية فرضت نمطا معقدا في بناء المساكن بما في ذلك وجود بعض الأحياء العشوائية القديمة ومن ثم فنحن مطالبون بالتعامل مع واقع موجود بالفعل نتيجة لتراكمات حدثت في الماضي ومهمتنا هي الوصول لأعلى درجات الكفاءة في التعامل مع ما تواجهه من مشكلات وصعوبات قدر المستطاع وكلنا ثقة في أن النقلة الهائلة في البنية الأساسية وخطط التطوير بالعاصمة المقدسة والمشكلات خلال السنوات القليلة المقبلة. ما هو الجديد في خطط عمليات الدفاع المدني خلال حج هذا العام؟ - تغيير التكتيك ليس هدفاً في حد ذاته، بل تفرضه طبيعة المهام المنوطة بقوات الدفاع المدني المشاركة في الحج والمستجدات التي تحدث كل عام، ومن التكتيكات التي تم اعتمادها في حج هذا العام على سبيل المثال استخدام حافلات الحجاج في يوم عرفة كمراكز أولية للإيواء في حالات الطوارئ التي تتطلب إخلاء أعداد كبيرة من الحجاج بسرعة، وكذلك توحيد قيادات الجهات المعنية بمشروع قطار المشاعر في كل محطة من أجل التدخل السريع، يضاف إلى ذلك كما أشرنا تطوير خطة انتشار الوحدات والفرق الميدانية في عرفة بحيث لا تحتاج إلى التحرك لمسافات كبيرة لأداء مهامها، ومن الأعمال الجديدة التي سوف يتم تنفيذها أيضا بعد اختبار فاعليتها في رمضان الماضي هي النقل التلفزيوني للحوادث بحيث يمكن لقيادات قوات الحج متابعة سير العمليات الميدانية في التعامل معها لحظة بلحظة ومن ثم اتخاذ القرار المناسب للحد من مخاطرها، بالإضافة إلى التوسع في الإفادة من تطبيقات الهواتف الذكية في إدارة العمليات الميدانية واستثمار مواقع التواصل الاجتماعي في إيصال رسائل التوعية الوقائية بمتطلبات السلامة في الحج.