وصف الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية الأزمة السورية بأنها «كارثة» ، بل أكبر كارثة حلت في العالم في هذا القرن، سواء على مستوى الضحايا أو تدمير المدن والقرى، مشيرا في مؤتمر صحافي مع وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونينو إلى أن الدولة تدمر والشعب يقتل، والعالم يفكر كيف يحل المشكلة. واعتبر أنه ليس هناك خيار إزاء ذلك إلا أحد طريقين إما أننا نترك المجال لحكومة قررت أن تقضي على كل من يعبر عن رأي أو رغبة في الإصلاح ، أو أن نواجه على المستوى العالمي والدولي وخاصة في إطار مجلس الامن ومساعدة الجيش الحر في الدفاع عن نفسه. وقال الفيصل: «أما أن نترك هذا ولا نفعل ذاك .. فهذا أمر في الحقيقة مؤسف ولا يعبر عن ثقة في النظام العالمي وهو بذلك سيكون نظام كما يقولون «لا يرحم.. ولا يترك رحمة الله تنزل» . وأكد وزير الخارجية أنه إذا لم تترجم النغمة الايرانية الجديدة إلى عمل فسيبقى حديثا في الهواء ويذهب تأثيره في الحديث، وقال نحن نرحب بإبداء الرغبة في تحسين العلاقات الايرانية مع دول الجوار وفي الإطار العالمي ، إلا أن العبرة تكمن في الإجراء .. والأثر العملي لهذا التوجه فإذا ترجم القول إلى عمل فستتطور الأمور إلى الافضل . وقال: «سياستنا أن تكون منطقة الشرق الأوسط خالية من أسلحة الدمار الشامل، فإيران وجميع الدول لها الحق في تطوير التكنولوجيا النووية ولكن انتشار الأسلحة النووية محرم على الدول التي وقعت على الاتفاقية وبالتالي محرم على إيران .. مضيفا: «نحن لسنا في إطار سباق تسلح نووي بيننا وبين إيران، ولكن ما نصر عليه هو أن تلتزم إيران بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية وأن يتخذ مجلس الأمن القرار الذي يكفل بالتزامها بنصوص هذه الاتفاقية». وردا على سؤال ل «عكاظ» حول الدور الذي تلعبه المملكة في تجنب انعكاسات الأزمة المالية الأوروبية، قال الأمير سعود الفيصل: « إن المملكة عملت كل ما تسطيع لتمكين الاقتصاد العالمي من الاستفادة من الموارد الطبيعية للمملكة بالشكل الذي يجعل سوق الطاقة مستقرا وغير مضر للاقتصاد العالمي، فكل ما نستطيع عمله لاستقرار الاقتصاد العالمي قامت به المملكة من زاويتها، أما الباقي فعلى الدول الاخرى أن تسير بنفس المسار الذي سارت عليه المملكة» . وأعرب عن أمله أن تحل المشكلات المؤثرة على الاقتصاد العالمي بشكل لا يضر بالاقتصاديات الاقل حجما من اقتصاديات الدول الأخرى، ويكون هناك دائما مراعاة خاصة للدول النامية في الخطط الاقتصادية التي تقوم بها الدول المتقدمة. من جهتها، اتهمت وزيرة الخارجية الإيطالية ايما بونينو، إيران بأنها جزء من المشكلة في سوريا، ويجب أن تتحمل مسؤوليتها لتكون جزءا من الحل أيضا، وقالت: «نحن حذرون من فتح العلاقات مع طهران، لأن الوقائع يجب أن تتكلم، مفيدة أن بعض التصريحات للإدارة الحالية لإيران تختلف عن سابقتها، وأنه من الممكن إطلاق محادثات بين دول 5 + 1 بشأن الملف النووي. وردت على سؤال ل (عكاظ) حول الدور الذي يمكن أن تلعبه إيطاليا لدعم استقرار الخليج في ظل تداعيات الأزمة السورية وتزايد وتيرة التهديدات الإيرانية، قالت: إن إيطاليا جزء من مجموعة أصدقاء سوريا، وتقوم بدور نشط فيما يتعلق بانعقاد مؤتمر جنيف 2، وسعت إلى فتح فرصة مع إيران بعد انتخاب الإدارة الجديدة.. وكان الأمير سعود الفيصل عبر عن عمق العلاقات السعودية الإيطالية ومدى أهميتها وكيف انطلقت من العصور الإسلامية ومدى تماسكها إلى هذا الوقت. وركز في كلمة له أمام الندوة الخاصة بالعلاقات السعودية الإيطالية بمناسبة مرور 80 عاما من العلاقات المتميزة بين البلدين على تأصيل هذه العلاقات في بداية الدولة السعودية الحديثة منذ عهد الملك عبد العزيز وإلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أصل هذه العلاقات منذ إعلان حوار أتباع الديانات والثقافات عام 2008م. ودعا الفيصل رجال الإعلام السعودي والأكاديميين والمثقفين ورجال الأعمال والشباب السعودي المشارك في هذا المنتدى إلى استمرار الحوار والاتصال وأن لا تقف عند هذه الحدود وأن يتم التواصل وتعزيز العلاقات السعودية الإيطالية المشتركة في شتى المجالات. من جهة أخرى، وقع الأمير سعود الفيصل اتفاقية تعاون مشترك بين المملكة والحكومة الإيطالية في مجال التعاون السياسي بين المعهد الدبلوماسي بوزارة الخارجية ومعهد الدراسات الدولية الإيطالي. كما وقعت اتفاقيتان في فيلا مداما، تهدف إلى التعاون بين الهيئة العامة للسياحة والآثار والمتاحف الإيطالية، بحضور وزير الخارجية وعدد من المسؤولين في الوزارة. وقع الاتفاقية من الجانب السعودي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار.