على جنبات «جادة عكاظ» تجلس أم خالد وأم محمد، إحداهما تعرض البخور والأخرى تخلط العطور، تنافس من خلالها ماركات من نوع خاص جذبت زوار الجادة إليهما، متسائلين عن سر تلك النسمات التي تنتجها أناملهما لتسكن في أنوف العابرين، ما يحرك يداً لدفع المال وأخرى لتقريب العبوات الساحرة أكثر نحو الأنفاس. أم خالد التي أسمت الركن الذي تعرض من خلاله منتجاتها الباريسية «دانه»، أوضحت أن سوق عكاظ أتاح لها فرصة بيع منتجاتها البسيطة، من الخلطات الشعبية وعرضها للزوار. وأضافت أن السلع التي تقدمها تبحث عنها النسوة ولا تجدها في أكبر المحال والمراكز التجارية، سواء الأشياء القديمة أو الحديثة وخاصة الأعشاب الطبيعية تلك التي لا تحتوي على اي مواد صناعية. وأضافت أنها لن تترك هذه المهنة التي أصبحت تضاهي من خلالها المستحضرات الفرنسية، لافتة إلى أنها تعتمد على نفسها في إعداد الخلطات وطباعة الملصقات في عمل أشبه ما يكون بمصنع منزلي، مؤكدة أن لكل صانع عطر نفسه مثله مثل الطبخ ينعكس على رائحة العطر. وأشارت إلى أن مشروع صناعة العطور من المشروعات البسيطة الأدوات والخامات، وتتمثل الأخيرة في بعض المكونات العطرية، والمثبتات، موضحة أن العطور تستخدم كثيرا سواء في الحياه اليومية أو في المناسبات الاجتماعية المتنوعة كحفلات الزواج و غيرها من المحافل، كما أن للعطور تطبيقات علاجية نفسية وعصبية وبدنية تبعها الإنسان منذ آلاف السنين في الحضارات القديمة كالصينية والمصرية. ولفتت أم خالد إلى أن مفعول العطورات العلاجي يرجع إلى قدرة الزيوت العطرية الطيارة على النفاذ بدرجة فائقة خلال طبقات الجلد نظرا لحجم جزيئاتها المتناهي في الصغر، وهو ما يجعلها تدخل إلى تيار الدم فتحدث تأثيرات ذات نتائج طبية مثل علاج الصداع، واضطرابات الهضم، وارتفاع ضغط الدم. من جهتها، قالت أم محمد انها تعرض من خلال الركن الممنوح لها في السوق الذي يحمل شعار «لون حياتك» المواد العطرية والورود المجففة، ومعمول البخور، والعود، والزعفران، فضلا عن الديرم والحناء مع بعض الزيوت والأعشاب الخاصة بالنساء. وعن طريقة صناعة العطور والمستحضرات تقول أم محمد لكل من أراد تركيب العطور عليه أولا البحث عن الزيت العطري أو المادة الخام للعطر والتي تباع بالجرام ودرجة التركيز، كما يتوجب على صانعة العور أن تحضر «السيبرتو» والذي يباع باللتر ويعتمد في سعره على النقاء والجودة، كما يحتاج صانعو العطور إلى مادة للتثبيت وعادة ما تكون مستخلصة من الصندل أو المسك الأبيض وأخير الماء المقطر الذي يباع في الصيدليات ثم تمزج جميعا، ورفضت الإفصاح عن المراحل بالقول «هذا سر المهنة». وأشارت إلى أنها توجهت إلى هذا العمل إيمانا منها بأهمية الحرف اليدوية وقدرتها على توفير فرص عمل لفئات عدة من المجتمع قدمت الهيئة العامة للسياحة والآثار دعما جديدا لجائزة سوق عكاظ للابتكار في الحرف والصناعات اليدوية التي تمنح للحرفيين والحرفيات حيث رفعت قيمة الجائزة الى نصف مليون ريال بدءا من الدورة الحالية.