عكس غلاء المهور آثارا سلبية على المجتمع عموما وعلى فئة الشباب خصوصا؛ كون العديد منهم عزف عن فكرة الارتباط أو أجلها إلى حين استطاعته تأمين المهر اللازم وتوفير تكاليف حفل الزفاف التي عادة ما تكون مرتفعة يصعب على الشاب في بداية حياته تأمينها، ومن هذا المنطلق طالب عدد من الشبان الأئمة وخطباء الجوامع بالتدخل من خلال إلقاء الخطب الوعظية على أولياء الأمور لإقناعهم بتخفيف الشروط وخفض المهور حتى لا تتفشى العنوسة في المجتمع بشكل يعصب علاجه مستقبلا. يقول الشاب خالد الحربي، من المؤسف أن مجتمعنا يعيش في هذه الأيام مغالاة الأسر وأولياء الأمور في مهور بناتهم حتى أن معظم الشباب لا يستطيعون الزواج وليس بمقدورهم اتمام نصف دينهم نظرا للشروط التعجيزية التي تضعها بعض الأسر، مطالبا العلماء والخطباء والمثقفين بالاهتمام بهذه المشكلة ومخاطبة الأولياء للحد من المغالاة في المهور ووضع حد مناسب لها. ويرى بدر الجهني، أن المبالغة في المهور جعل النساء أشبه بالبضائع والسلع يتاجر بها أولياء الأمور بدرجة فاقت سقف المعقول، وأضاف، إذا كان مهر الفتاة يصل إلى 60 ألف ريال وتكاليف بيت الزوجية لا تقل عن 40 ألفا وقيمة حفل الزواج لا تقل عن 30 ألفا فكيف يستطيع الشاب في بداية حياته العملية الزواج والارتباط وتكوين أسرة في ظل الظروف الراهنة التي تقف ضد الشباب. وقال كل من عبد الرحمن العنزي وسلمان عبد الرحمن الحربي وعبد العزيز المطيري لقد تسبب غلا المهور في عزوفنا عن الزواج؛ حيث فاقت الأسعار حد التوقعات والمعقول فكيف بشباب لم يتجاوز راتب الكثير منهم إذا كانوا موظفين 5000 ريال كيف باستطاعتهم الزواج فهناك كماليات فرضها المجتمع وأصبحت إلزامية. وأضافوا، لو اقتصر الزواج على المهر كان أهون ولكن الكماليات التي فرضها المجتمع كقصور الأفراح وغيرها من مستلزمات الزواج تصعب الزواج والارتباط كثيرا، مطالبين أئمة المساجد والخطباء ووجهاء المجتمع بالتدخل ومساعدة الشبان على إكمال نصف دينهم. \من جانبه قال أستاذ كرسي الأمير نايف لدراسات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالجامعة الإسلامية الدكتور غازي بن غزاي المطيري إن من الحقائق الواقعية إنه في ظل الطفرة المالية شهد المجتمع تحولات نوعية انعكست على الحياة عموما ومن توسع الطبقة الوسطى وثراء فاحش للطبقة الغنية وانحسرت مساحة الفقر أفقيا، مشيرا إلى أن التأثر الأكبر كان لطبقة الأغنياء التي فرضت أنماط حياتها ومن بينها التوسع في المهور ونفقات الأعراس بأرقام فلكية مهولة ترسخت مع مرور الأيام وأصبحت مشكلة حقيقة لايمكن غض الطرف عنها، وكل يئن دون التخلص من الأنين مما ترك ضحايا بالآلاف من العوانس والأيامى في دائرة الحسرة انعكست على الأخلاق والتربية وظهور سلوكيات لم يعهدها المجتمع من قبل وإزاء ذلك لا مناص من التدخل من عدة محاور لسد جميع الثغرات والقضية تجاوزت حدود الوعظ وسكب العبرات إلى ضرورة اتخاذ استراتيجية وطنية جادة تشمل حلولا لغلاء المهور والسكن والتوظيف مع نشر الوعي. وإلجام مشاعر حب الوجاهة والفخر لدى الملأ والأثرياء من خلال القدوة الحسنة والتي تغني عن مئات الخطب والمواعظ. فيما وصف المأذون الشرعي الشيخ عابد مصري البلادي هذه المشكلة بالظاهرة مناشدا الأولياء بالحد من المبالغات في مهور الفتيات، حيث قال: إن غلاء المهور من الأسباب التي أدت إلى عزوف الكثير من الشباب عن الزواج وأصبح المهر هاجس كل شاب وشغله الشاغل في ظل الارتفاعات التي تشهدها الأسعار الآن، حيث إن الشاب يفكر في تبعات المهر كالتكاليف الأخرى من تأثيث المنزل وحفل الزواج وغيرها ما يسبب له إحباطا وعزوفا، وأضاف، لقد أصبحت الزواجات الآن تنافسية وكأن البعض يمارس وضع التحدي في زواج بناته مع الآخرين وكأن هناك تفاخرا. واستطرد البلادي قائلا: لابد للأمة الرجوع إلى هدي المصطفى صلى الله علية وسلم والذي يحث على تيسير أمور الزواج. حيث النبي الكريم يقول إن أقل مهرا أكثرهن بركة. فلابد على أولياء الأمور النظر إلى وضع التيسير في زواج بناته كي لا يتسبب في أن يفوتهن قطار الزواج بسبب عزوف الشباب عنهن نتيجة ارتفاع مهورهن، كما ينبغي على أولياء الأمور مساعدة الشباب على الزواج بتحديد لبناته مهورا معقولة بعيدا عن المغالاة، فيما أشار الشيخ البلادي إلى أن الخير موجود في الكثير من الناس، مبينا بأن هناك كثيرا من الأولياء يحثون في مساعدة بناتهم على الزواج بتيسير مهورهن، مشيرا إلى أنه قد عقد لعدد من الشباب بمهور متواضعة ومعقولة، فيما يشير إلى أن بعض أولياء الفتيات يطلب منه البحث عن زوج لابنته بمهر رمزي ويشترط في الشاب أن يكون من أهل الاستقامة والدين.